صحافة دولية

هل تركيبة الدماغ لدى النساء والرجال متشابهة؟

نتائج الأبحاث الحالية تتأثر بشكل كبير بالمعتقدات السابقة - أرشيفية CC0

نشرت مجلة نيوزويك الأمريكية تقريرا، تحدثت فيه عن الاعتقاد الشائع حول وجود اختلاف على مستوى التركيبة الدماغية بين الرجل والمرأة، في حين أن هناك أسبابا منطقية تفسر الدافع وراء تفكير كل طرف بشكل مخالف للآخر. وبناءً على أدلة علمية دامغة تقطع مع الشكوك وتفنّد المغالطات، بات من الممكن دحض الأفكار الرائجة والخاطئة حول طبيعة هذا الاختلاف.


وقالت المجلة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن حجم دماغ الرجل أكبر من حجم دماغ المرأة، لكن ذلك لا يعني بالضرورة أنه أكثر ذكاءً منها. ويذهب بعض علماء الأعصاب للتأكيد على أن أدمغة الأشخاص البالغين متطابقة عصبيا. ويمكن القول إن الرجال والنساء لا يمتلكون أدمغة مترابطة عصبيا بشكل مختلف، وهو ما يتحدى المعتقد الشائع حول هذا الأمر، حيث تفيد بعض الأبحاث السابقة أن وظائف وشكل دماغ الرجل مختلف بشكل كبير عن دماغ المرأة.

 وأضافت المجلة أن هناك العديد من الباحثين الذين يعملون على النظر في هذا الموضوع، على غرار الأستاذة المحاضرة في جامعة شيكاغو الطبية، ليز إليوت، التي أفادت بأنه لا وجود لاختلاف فعلي بين تركيبة الدماغين، وذلك خلال كلمة ألقتها يوم الاثنين الفارط ضمن فعاليات مهرجان أسبن للأفكار. وقد أثار مقترح إليوت المزيد من الجدل حول مثنوية الشكل الجنسية، أو نظرية داروين التي تفيد بأن الرجال والنساء مختلفون جوهريا ويتصرفون بناءً على أعضائهم الجنسية.

من جهتها، عملت الباحثة الأمريكية على دحض نظرية داروين المتعلقة بالدماغ البشري، مشددة على أن الاختلافات الجنسية لا تؤثر على وظائف الدماغ وأن السلوكيات الجنسية تنبع من التنشئة وليس من الطبيعة أو الشكل الذي ولدنا عليه. وصرحت إليوت، أن "البعض يدعون أن الرجال من المريخ والنساء من الزهرة، لكن الدماغ هو عضو يمتلكه كلا الجنسين، نحن نمتلك التركيبة الدماغية نفسها".

وأوردت المجلة أن نتائج الأبحاث الحالية تتأثر بشكل كبير بالمعتقدات السابقة التي تفيد بأن هناك العديد من أوجه القصور على مستوى دماغ المرأة. وحيال هذا الشأن، صرح الكاتب في مجال العلوم، بروس غولدمان، أن "الاختلافات بين الجنسين لا تعني بالضرورة أن أحدهما أفضل من الآخر أو أذكى أو أكثر استحقاقاً".

وتطرقت المجلة إلى رأي الأستاذ في مجال علوم الأعصاب والسلوك في جامعة كاليفورنيا - إرفاين، لاري كاهيل، الذي بين أن حجم بعض المناطق في الدماغ تختلف بين الرجل والمرأة، حيث أن الحُصين لدى المرأة يبدو أكبر نسبيا من الحجم العادي، في حين يمتلك الرجل لوزة دماغية أكبر. وتجدر الإشارة إلى أن الحصين هو القسم الدماغي المسؤول عن الذاكرة والتعلم، في حين تعمل اللوزة الدماغية على معالجة العواطف، مما يفسر سبب امتلاك المرأة لذاكرة أقوى من الرجل.

وأفادت المجلة أن نتائج الأبحاث السابقة عملت على تعزيز القوالب النمطية والمعتقدات الشائعة التي تكرس مبدأ تفوق الرجال عن النساء فيما يتعلق بالذكاء، ما من شأنه أن يكون سببا في الانخراط الضعيف للنساء في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. وفي هذا الصدد، أظهرت دراسة سابقة أنه من المحتمل أن يعتبر الرجال أنفسهم أذكى من النساء، حتى عندما يكونون في صفوف دراسية يزيد فيها عدد النساء عن عدد الرجال بنحو ضعف أو أكثر.

وأوضحت المجلة أن سبب تفوق الرجل في المجال العملي ونيله أبرز المناصب يعود إلى العقلية البشرية منذ الطفولة. فقد أبرزت دراسة علمية سابقة أن الأطفال البالغين من العمر 5 سنوات غالبا ما يرسخ في ذهنهم الافتراض القائل بأن التألق مقترن بالذكور، مما يحدد ملامح المناصب الوظيفية التي يتقلدونها في المستقبل.

وأوردت المجلة أن دراسة نشرت في مجلة العلوم الأمريكية توصلت إلى أنه على الرغم من الاختلافات الطفيفة، يوجد تطابق كبير بين أدمغة الرجال والنساء. وقام مجموعة من الباحثين في جامعة إدنبرة الأسكتلندية بإجراء دراسة شملت 5000 دماغ، ليجدوا أن الأجزاء في المنطقة القشرية من دماغ الرجل تبدو أكبر من نظيراتها لدى النساء، في حين تمتلك النساء قشورا دماغية أكثر سُمكاً من الرجال.

وفي الختام، نقلت المجلة على لسان رئيس تحرير مجلة العلوم الأمريكية، ستيوارت ريتشي، أن جذاذات الدراسات السابقة لم تجد فرقاً ملحوظاً على مستوى الذكاء بين الرجل والمرأة. وعلى الرغم من كون دماغ الرجل أكبر بمعدل 14 بالمائة من دماغ المرأة، إلا أن الباحثين لم يتمكنوا بعد من إثبات وجود علاقة بين الحجم والكفاءة.