سياسة دولية

حجب التمويل عن "أونروا".. قرار أمريكي يفجّر قلقا لبنانيا

معظم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والدول المضيفة يعيشون على المساعدات الإغاثية- جيتي

قرار الولايات المتحدة الأمريكية وقف تمويل منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، أثار الكثير من الخوف والقلق في لبنان، الذي يستضيف عددا كبيرا من اللاجئين الفلسطينيين.

تداعيات تأتي على خلفية إعلان الإدارة الأمريكية، الجمعة، قطع مساعداتها المالية إلى الوكالة الأممية
بالكامل.

قرار بوقف مساهمة تتجاوز 360 مليون دولار أمريكي سنويا، يرى مراقبون أنه سيضاعف معاناة اللاجئين الفلسطينيين في البلدان المضيفة، ممن يستفيدون من الخدمات والمشاريع الحيوية المقدمة من "الأونروا"، وفي مقدمتها لبنان.

لبنان الأكثر تضررا

ويعتبر حسن منيمنة، رئيسُ لجنة الحوار اللبناني الفلسطيني، أن "لبنان من أكثر الدول المضيفة للاجئين الفلسطينيين تضررا، خصوصا في ما يتعلّق بالاستقرار".

وأوضح أن "معظم اللاجئين الفلسطينيين في لبنان والدول المضيفة يعيشون على المساعدات الإغاثية، سواء كان على صعيد التعليم والصحة والخدمات الاجتماعية أو حتى بالنسبة للأنشطة المتعلقة بالبنية التحتية داخل المخيمات".

ويرى أن "تقليص الدعم للأونروا سيولّد حالة من الاضطرابات الاجتماعية داخل المخيمات ومحيطها، كما سيثير نوعا من النقمة التي ستنعكس سلبا على الاستقرار في الدول المضيفة، بينها لبنان".

وحذّر من خطر "المخطط الأمريكي لنقل رعاية اللاجئين الفلسطينيين من وكالة الأونروا إلى وكالة شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة"، مشيرا إلى أن الهدف من ذلك هو "إلغاء حق العودة كليا".

وبناء على ما تقدّم، يخلص إلى أن "خطر التوطين يُداهم لبنان في حال تمّ هذا الأمر، خصوصا أنّ شروط الإيواء ستتغيّر مع تحوّل الاهتمام باللاجئين إلى المفوضيّة السامية، فعندها ستتعقّد القضية بشكل أكبر".

وشدد على أنّ "حقّ العودة سيسقط بفعل ثلاثة احتمالات ستطرح أمام اللاجئين، وهي: إمّا العودة إلى بلدهم الأمّ التي فروا منها، وهذا مستحيل حاليا، أو التوطين في البلد المقيمين فيه، وهذا الأمر يرفضه لبنان رفضا قاطعا، وإمّا البحث عن بلد ثالث لنقلهم إليه، وذلك متعذّرٌ حاليا".

ويدعو رئيس اللجنة إلى "تأمين بديل مالي من قبل الدول المانحة عن المساهمة الأمريكية، لتفادي الارتدادات السلبية على كل الدول المضيفة، وعلى لبنان بشكل خاص".

موقف سياسي واجتماع عربي

فيما يعتبر المسؤول اللبناني أيضا أن وقف واشنطن مساهمتها للأونروا، يستبطن موقفا سياسيا
بالدرجة الأولى، وله علاقة مباشرة بخطتها في ما يسمى "صفقة العصر" أو "صفقة القرن".

و"صفقة القرن" تسمية متداولة إعلاميا لمساعي واشنطن لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بإرغام الفلسطينيين على تقديم تنازلات مجحفة لصالح تل أبيب، وتتضارب الأنباء عن بنودها، التي يجرى الحديث عن اقتراب موعد الإعلان عنها.

بدوره، طالب رئيس مجلس النواب اللبناني، نبيه بري، الاثنين، بعقد اجتماع عاجل للجامعة العربية، من أجل إصدار قرار بتمويل "الأونروا" بديلا عن قرار حجب التمويل الأمريكي عنها.

وقال بري، في لقاء جمعه بوفد يمثل كافة القوى والفصائل الفلسطينية في لبنان: "أنتم أمام صفعة العصر وليس صفقة العصر".

ورأى أن "ما حصل من قرارات أمريكية، بدءا بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، وانتهاء بحجب التمويل عن الأونروا، جميعها عوامل تسير نحو إلغاء حق العودة للفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية".

تأزم الأوضاع


من جهته، قال كلاوديو كوردوني، المدير العام لـ"الأونروا" في لبنان، في تصريحات إعلامية، إن "وقف أي من خدمات الوكالة بالبلاد سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع الحساسة في مخيمات اللاجئين، وسيجلب آثارا سلبية للمنطقة كلها".

أما الخارجية اللبنانية، فقد حذّرت، الأحد، في بيان، من "النيات المبيتة وراء القرار الذي يأتي في سياق أحداث متتالية من نقل السفارة الأمريكية إلى القدس، وتكريس المدينة عاصمة لإسرائيل، ومن ثم إعلان الكنيست يهودية الدولة، والآن وقف تمويل الأونروا".

واعتبرت الخارجية أن كل هذه "خطوات للتخلص من حق العودة المقدس للاجئين الفلسطينيين في لبنان وفي الدول المضيفة الأخرى، وإسقاط كل محاولة للحل على أساس الدولتين، ناهيك عن دفع العرب المقيمين في فلسطين المحتلة إلى المغادرة".

وأتبع وزير الخارجية، جبران باسيل، البيان بموقف حاد عبر حسابه بموقع "تويتر"، متسائلا عما "تخبئه صفقة العصر بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتكريس يهودية الدولة، وآخرها وقف تمويل "الأونروا"؛ لإلغاء حق العودة؟".

ولم يكتف لبنان فقط بالمواقف، فقد دعت خارجيته سفراء الدول المضيفة والمانحة والمعنية بملف "الأونروا" لاجتماع طارئ بالوزارة؛ لبحث القرار الأمريكي.