ملفات وتقارير

مستشار السيسي يدعو لزيارة القدس.. هل يمهد لقرار سياسي؟

دعوة الأزهري تأتي خلافا للموقف المعلن من الأزهر الشريف الرافض للتطبيع- أرشيفية

طالب المستشار الديني لرئيس الانقلاب العسكري، ووكيل لجنة الشؤون الدينية بمجلس النواب، أسامة الأزهري، بإعادة النظر في زيارة المسجد الأقصى، داعيا شيخ الأزهر أحمد الطيب، والرئيس الفلسطيني محمود عباس، للتضامن مع هذه القضية.

الأزهري، قال خلال ندوة البرلمانات العربية بمجلس النواب، إن المقصود بزيارة المسجد الأقصى لا يكون عبر تل أبيب أو استخدام مقار إقامتهم، وإنما يتم النزول ببيوت الفلسطينين وتناول الأطعمة الفلسطينية لإنعاش حركة التجارة الفلسطينية.

دعوة الأزهري تأتي في ظل الحديث عن ما يسمى بـ"صفقة القرن"، ورفض إسرائيل تقديم أية تنازلات للفلسطينيين، كما تأتي في الوقت الذي يواصل فيه الكيان الصهيوني سياسة الاستيطان على حساب الأراضي الفلسطينية وخاصة القدس، بجانب اعتقالها وقتلها المتواصل لعشرات الشباب الفلسطينيين.

الدعوة التي جاءت من داخل أكبر المنابر المصرية "البرلمان"، وعلى لسان أحد القيادات الدينية المحسوبة على الدولة المصرية والأزهر الشريف، وفي العام الذي أطلق عليه الأزهر عام القدس 2018، تأتي مخالفة لمبدأ عام وضعه الأزهر منذ عقود.

وفي 6 كانون الأول/ ديسمبر 2017، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، وعلى إثر ذلك القرار رفض شيخ الأزهر أحمد الطيب لقاء نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس بالقاهرة، وحذرت هيئة كبار العلماء بعدها من محاولات التطبيع مع الكيان الصهيوني قبل انسحابه من الأراضي العربية المحتلة.

وحرّم الشيخ جاد الحق علي جاد الحق، التطبيع مع العدو الصهيوني ورفض إجازة زيارة القدس، وقال قولته الشهيرة: "من يذهب للقدس من المسلمين آثم آثم"، وأكد أنه "لا تجب زيارتها قبل تطهير الأرض من دنسِ المغتصبين اليهود وعودتِها لأهلها"، كما رفض الشيخ عبد الحليم محمود مرافقة الرئيس أنور السادات بزيارته للقدس؛ ورفض جاد الحق لقاء رئيس إسرائيل عيزرا وايزمان، أثناء زيارته للقاهرة بعهد حسني مبارك.

المبدأ الذي أرساه شيخ الأزهر الراحل جاد الحق، لم يخالفه فيه أي من أئمة الأزهر، وفي كانون الثاني/ يناير 2018، وخلال مؤتمر الأزهر العالمي لنصرة القدس بالقاهرة، تناثرت الدعوات مطالبة الأزهر بالسماح بزيارة القدس، ولكن وكيل الأزهر السابق عباس شومان، حسم الأمر بالرفض وأكد أن تحريرها أولى من زيارتها، قائلا: "الأولى بالمسلمين أن يشدوا الرحال إليها لا لزيارتها تحت الاحتلال، وإنما لتحريرِها بكل وسيلة ممكنة".

 

اقرأ أيضا: "معاريف" تتحدث عن التطبيع الرياضي مع السعودية والعراق

كما رفض الأزهر طلب الرئيس الفلسطيني محمود عباس، من شيخ الأزهر والمشاركين بالمؤتمر بضم البيان الختامي للمؤتمر دعوة لزيارة القدس وقال: "لا تقاطعوا أهل القدس، بل شدوا الرحال إليها، فزيارة القدس ليس تطبيعا مع إسرائيل، بل تشجيع للفلسطينيين، فالتطبيع يتم بطرق أخرى".

ولم يخالف هذا الإجماع الأزهري سوى مفتي مصر الأسبق على جمعة الذي قام بزيارة للقدس في عام 2012، وسط رفض واستهجان من الأزهر وعلمائه.

التطبيع الديني

وحول مدى اعتبار دعوة مستشار السيسي للشؤون الدينية تمهيدا لخطوات قادمة في إطار تطبيع النظام مع إسرائيل وبدافع انعاش ودعم الفلسطينيين بالقدس، قال نائب رئيس حزب الجبهة مجدي حمدان موسى: "بالطبع هذا الأمر يوحي للوهلة الأولى بأنها دعوة لفتح الطريق لتطبيع شامل بعد أن وصل التطبيع اقتصاديا وعسكريا وسياسيا"، معتقدا أن "الخطوة الأهم هي التطبيع الديني".

السياسي المصري، أضاف لـ"عربي21": "أعتقد أن الشيخ أسامة الأزهري لم يدل بهذا الكلام إلا وهو يدرك أن هناك موافقة ضمنية من القيادة السياسية لما يقول".

وعن موقف الشيخ الطيب من هذه الدعوة يرى موسى، أن "شخصية شيخ الأزهر وطبيعتة تتواءم مع فكرة الرفض والذهاب للقدس في ظل القمع والقتل للفلسطينين والاستحواذ على الأراضي"، موضحا أن "الشيخ الطيب لن يضع بصمة سوداء في سجلة الناصع بتلك الزيارة".

وحول احتمال أن تكون دعوة مستشار السيسي لزيارة القدس إحدى أطر "صفقة القرن" والتمهيد لها شعبيا، قال القيادي الحزبي: "ربما بالفعل تكون جزءا من الصفقة؛ وخاصة أن الشيخ أسامة الأزهري، لم نسمع له صوتا أو تصريحا أو رؤية منذ دخل مجلس النواب حولها".

وبشأن مبررات الأزهري لزيارة القدس وأنها تأتي دعما للفلسطينيين بالشراء منهم والسكن لديهم، اعتبر حمدان تلك المبررات خداع، قائلا: "بالطبع وهو يريد أن يدخل شيخ الأزهر في هذة الخدعة".

رؤية شخصية للأزهري

من جانبه أعلن رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي، عن رفضه القاطع للمبادرة، وقال: "نحن لا نوافق على دعوة الأزهرى ونراها نوعا من أنواع التطبيع مع العدو الإسرائيلي"، موضحا أنه "سيختم جواز السفر بخاتم الدولة العبرية وتؤخذ تأشيرة الدخول منها"، مؤكدا أن هذا هو "الهدف الذي تسعى إليه إسرائيل منذ توقيعها معاهدات السلام مع مصر".

وأضاف لـ"عربي21": "أما مسألة حديث الأزهري عن دعم الفلسطيين بالسكن لديهم والشراء منهم؛ فهي كلمات حق يراد بها باطل"، مؤكدا أن "زيارة القدس لن تكون دعما للفلسطيين بأي وجه من الوجوه".

 

اقرأ أيضا: في ذكرى كامب ديفيد الأربعين.. رفض مصري شعبي للتطبيع لم يتوقف

ورفض الشهابي، ما يثار حول أن تلك الدعوة جزء من التمهيد لـ"صفقة القرن" أو أن الدولة المصرية قد تدعم هذا التوجه مرغمة، وقال: "هي رؤية شخصية للشيخ الأزهري ولا علاقة للدولة المصرية بها".

وتابع: "أما صفقة القرن فلقد رفضتها الدولة المصرية، وأعلن السيسي أكثر من مرة عن رفضه لها، قائلا: مصر مصرة على إنشاء دولة فلسطين على حدود 4 يونيو 67 وعاصمتها القدس"، مضيفا: "وتقريبا فإن ترامب متصور أنه يستطيع فرض (صفقة القرن) بمفرده بإصدار الأوامر؛ وهو لن ينجح فيها وستعود القضية الفلسطينية لنقطة الصفر".