مقابلات

صوان: رئيس برلمان ليبيا ينفذ أجندة رافضة للتحول الديمقراطي

صوان: عقيلة صالح كتلة من التناقضات ومهمته وضع العراقيل - (عربي21)

ندعو لصياغة خارطة طريق للخروج من الأزمة والتخلص من كل الأجسام الحالية بإجراء الانتخابات

 

كنا جادين لتقديم ما أمكن من التنازلات لإنهاء الانقسام لكن لم نلق أي تجاوب من البرلمان

 

لا يحق لأحد معارضة الاستفتاء على الدستور ومن يعترض على مضمونه يصوت بـ "لا"

 

عقيلة صالح كتلة من التناقضات ومهمته وضع العراقيل أمام نجاح أي مقاربة سياسية

 

نصحنا المجلس الرئاسي باستكمال التعديلات لتطال مجموعة أخرى من الوزارات والهيئات والمناصب الأمنية والعسكرية

 

الانسحاب من البرلمان هو الأفضل لأغلبية النواب بعد مصادرة إرادتهم وعجزهم في مواجهة الأقلية

 

مؤتمر روما يهدف لدعم المسار السياسي القائم وربما يضغط باتجاه توحيد المؤسسات وإنهاء الأجسام الموازية

 

لم نعد نرى مشاكل داخل المجلس الرئاسي.. والسراج نجح في تسيير العمل بطريقة التراضي

 

وصف رئيس حزب العدالة والبناء الليبي، محمد صوان، رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بـ"كتلة من التناقضات، وسلوكه السياسي يؤكد أن مهمته وضع العراقيل أمام نجاح أي مقاربة سياسية، وهو ينفذ أجندة إقليمية رافضة لأي تحول ديمقراطي في المنطقة".


وعبّر عن استغرابه من "سماح أغلبية أعضاء البرلمان لعدد قليل من النواب بقيادة (عقيلة) بمصادرة إرادتهم، ودون وضع حد لهذا الوضع، فهم مسؤولون أمام الله ثم أمام الشعب والتاريخ، ومع ذلك يستمرون مع هذا العجز في تقاضي المرتبات والظهور بصفاتهم أمام الشعب، مع أن الانسحاب هو الأسلم من هذا الوضع".

وأكد، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، أنه "لا يحق لأحد أن يعارض الاستفتاء على الدستور، لأنه حق للشعب الليبي. أما من يعارض مضمون مشروع الدستور فعليه أن يصوت بلا، بينما لا يجوز مصادرة حق الناس".

وأشار "صوان" إلى أن "مشروع الدستور أُعد من قبل هيئة منتخبة من الشعب، وتم التصويت عليه بأكثر من الثلثين، وتم ذلك في مدينة البيضاء حتى لا يُقال تحت ضغط أي جهة".

ورأى أن "مؤتمر روما لا يعدو عن كونه دعم للمسار السياسي القائم، واستمرار تنفيذ الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية، وربما محاولة الضغط باتجاه توحيد المؤسسات وإنهاء الأجسام الموازية"، داعيا لعقد مؤتمر جامع لوضع خارطة طريق تتفق عليها كل الأطراف للخروج من الأزمة والتخلص من كل الأجسام الحالية بإجراء الانتخابات.

وشدّد على أن حزب العدالة والبناء يتطلع بجدية لإنهاء الانقسام والأزمة الليبية، والمحافظة على المسار السياسي السلمي، مضيفا: "كنا جادين وكذلك كل السادة أعضاء المجلس الأعلى لتقديم ما أمكن من التنازلات، ومع ذلك لم نلق أي تجاوب من البرلمان".

وفيما يلي نص المقابلة:

كيف ترون التعديلات الوزارية التي أجراها فايز السراج منذ أيام ماضية، والتي جاءت بعد معارك دامية خلال الفترة الأخيرة؟

التعديلات الوزارية ليست غاية في حد ذاتها، وتكتسب أهميتها بمدى اختيار ذوي القدرة والكفاءة وما نعرفه من العناصر التي تم اختيارها خلال التعديل الأول مبشر ومطمئن، وأنا شخصيا نصحت المجلس الرئاسي باستكمال التعديلات لتطال مجموعة أخرى من الوزارات والهيئات والمناصب الأمنية والعسكرية.

والأهم من ذلك هو تفعيل مجلس الوزراء، وأن تتواصل اجتماعاته ليتم التنسيق بين الوزارات والعمل كفريق أزمة، وأن يغادر الوزراء مكاتبهم للتواصل مع كل المدن ما أمكن ذلك لتخرج الحكومة من دائرتها الضيقة.

وهل تلك التعديلات توسع التوافق أم ترسخ الانقسام برأيك؟

توسيع التوافق وإنهاء الانقسام يتحقق بطريقتين، الأولى مباشرة: تطبيق بنود الاتفاق السياسي، وهذا للأسف لم يتحقق بسبب رفض المعرقلين في البرلمان وداعميهم الإقليميين لحوالي ثلاث سنوات حتى الآن لغرض فسح المجال أمام عسكرة الدولة.

الطريقة الثانية لإنهاء الأزمة وهي غير مباشرة عبر العمل وفقا للمتاح، وهذا ما حظي بإجماع فريق الحوار والأطراف الدولية، وهو تفعيل حكومة الوفاق وعدم انتظار المعرقلين على أمل أن تتمكن من تحقيق قدر معقول من بناء المؤسسات وتفعيلها وتقديم الخدمات ويترك الباب مفتوح لالتحاق الجميع.

وفي تقديري أن المجلس الرئاسي لم يعتمد هذا الخيار من البداية واختار التماهي والانتظار لينطلق بالجميع على أمل أن يتحقق التوافق قبل البدء في اتخاذ أي خطوات جادة، وأنا شخصيا كنت معارض لهذا التوجه وأدفع باتجاه الانطلاق والعمل بجدية دون انتظار بالتوازي مع سياسة الباب المفتوح لنصل تدريجيا إلى إنهاء الانقسام وحلحلة الأزمة، وأن خير وسيلة لإقناع المعرقلين هو الإنجاز ولكن أن تصل متأخرا خير من ألا تصل.

هناك من يرى أن التعديل الوزاري الذي أجراه "السراج" سيفشل محاولة إعادة تشكيل السلطة التنفيذية، وتكليف مجلس رئاسي جديد بينما لم يستبعد المبعوث الأممي إمكانية تغيير السلطة التنفيذية في حكومة الوفاق الوطني.. فكيف ترون ذلك؟

إعادة تشكيل السلطة التنفيذية وتشكيل مجلس رئاسي جديد طرح عدة مرات ولم يتمكن المجلسان من التوافق، وقبلها نحن كفريق حوار طرحنا ذلك بالتنسيق مع السيد عقيلة صالح مباشرة وكلف فريقا من طرفه والتقينا اللقاء الأول في غدامس ثم تونس الحمامات، وتوافقنا كأطراف ليبية دون وجود أي وسيط، وفوجئنا في أخر لقاء بسحب عقيلة لفريقه بضغط دول إقليمية معروفة لها مصالح في عدم اتفاق الليبيين.

والمحاولات التي تجري الآن خارج قبة البرلمان بالاعتماد على نشاط بعض الأعضاء والاستناد إلى جمع التوقيعات وأحيانا أخذ الموافقات من الأعضاء مهما كان عددهم بالهاتف وهم مشتتون بين فنادق مصر وتونس وغيرها لن تبني دولة ولا تؤسس لأي توافق، بل تنتج أجساما أكثر ضعفا ولن تؤدي إلى أي حل للأزمة، خاصة دون عقد جلسة صحيحة للبرلمان يفي فيها باستحقاقاته ويحدد موقفه من الالتزام بالاتفاق السياسي وينهي حالة العبث التي يعيشها.

وأنا الحقيقة أستغرب كيف يسمح الكثرة من أعضاء البرلمان لعدد قليل بقيادة عقيلة أن يصادر إرادتهم وينوب عنهم دون وضع حد لهذا الوضع فهم مسؤولون أمام الله ثم أمام الشعب والتاريخ، ومع ذلك يستمرون مع هذا العجز في تقاضي المرتبات والظهور بصفاتهم أمام الشعب، مع أن الانسحاب هو الأسلم من هذا الوضع، ومع كامل احترامي لصدق نوايا الكثير منهم ولمحاولاتهم ولكن الحق أحق أن يقال.

هل الأزمة في حكومة الوفاق الوطني أم في المجلس الرئاسي ذاته؟

المجلس الرئاسي تشكل في ظروف مليئة بالإكراهات السياسية المتلبسة بحالة الصراع، ومن المفارقات أن البرلمان هو الذي اشترط رفع العدد إلى التسعة.

ولكن نستطيع أن نقول بأنه انسحب من انسحب منه واستقال الأستاذ موسى الكوني، والآن إلى حد كبير استطاع السيد الرئيس السراج تسيير العمل داخل المجلس الرئاسي دون حتى التمسك بالشكليات التي تفرضها نصوص الاتفاق وذلك بطريقة التراضي، ولم نعد نرى مشاكل داخل المجلس الرئاسي.

وفي تقديري المشكلة تتعلق بنجاح الحكومة والقدرة على استعادة المؤسسات وهيبة الدولة وضبط الأمن وتقديم الخدمات وغيرها، وهذا ما جعلنا نشجع التعديلات الأخيرة، ولا زالت الفاعلية تنقص الحكومة، وهذا يتطلب من السيد السراج تفعيل مجلس الوزراء والمتابعة الدقيقة والحازمة لعمل الوزراء في تنفيذ مهامه الرئيسية أو تلك التي تكون متداخلة بين وزارتين أو أكثر.

رئيس مجلس النواب الليبي، عقيلة صالح، قال مؤخرا إنه لم يمنح الثقة لحكومة الوفاق بقيادة فايز السراج لأنها برأيه حكومة ضعيفة ولا يمكنها قيادة ليبيا.. ما تعقيبكم؟

عقيلة صالح كتلة من التناقضات، سلوكه السياسي يؤكد أن مهمته وضع العراقيل أمام نجاح أي مقاربة سياسية، وهو ينفذ أجندة إقليمية رافضة لأي تحول ديمقراطي في المنطقة حتى وإن لم يكن عقيلة نفسه يعي أبعاد ما يقوم به أو أوهم بأنه بذلك يحسّن صنعا، وهذا أصبح واضحا أمام الجميع بما فيها الأطراف الدولية، ولكن كما ذكرت اللوم يقع على الكثرة العاجزة من أعضاء النواب.

كيف ترون تصريح رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا غسان سلامة، بشأن ما وصفه بـ"طموح أعضاء مجلسي الأعلى للدولة والنواب للبقاء في مناصبهم إلى الأبد"؟ وهل هذا أحد الأسباب المعرقلة لتنفيذ الاتفاق السياسي بالفعل؟

تصريح رئيس البعثة وإن كان يكشف جزءًا من الواقع كون عدد من أعضاء البرلمان والدولة متمسك بالبقاء في منصبه فهذا لا يعني التعميم، وهو تسطيح للأزمة في ليبيا، لأن هناك إشكاليات أخرى تتعلق بالتدخلات الإقليمية وحداثة التجربة السياسية وانتشار السلاح وإرث الأربع عقود العجاف وغيرها.

وفي تقديري كثير من المتابعين سواء عموم الليبيين أو بعض الإعلاميين والمحللين السياسيين وغيرهم تجدهم يجنحون في تفسير سبب تفاقم الأزمة إلى التفسير الأحادي لما يجري، وهذا غالبا لا يصلح في ميدان العلوم الإنسانية والسياسية خاصة، وسبب ذلك هو صعوبة تفكيك المشهد السياسي وتعقده والحاجة إلى المعلومات وإلى التجرد والموضوعية، التي تعتبر عزيزة في حالات الصراع.

ومن جهة أخرى الحاجة الماسة لإيجاد تفسير ولو وهمي للتخلص من حالة الصراع الداخلي وتبرير العجز عن الفهم، ولذلك تكثر الشماعات مثل كله من الإخوان أو التعليق على الخارج أو العمالة والخيانة أو.. أو.. أو، ومنها اتهام كل من هو في المشهد السياسي بالفشل وغيرها على الرغم أن من تداول على المشهد السياسي هم ليبيون من كل المدن والشرائح والتوجهات وعلى كل المستويات ابتداء من المجلس الانتقالي ومكتبه التنفيذي مرورا بحكومة السيد الكيب ثم زيدان ثم الثني والغويل والحاسي والأجسام التشريعية المؤتمر الوطني العام ثم البرلمان وهيئة صياغة الدستور ثم فريق الحوار فلا يقبل من أي عاقل اتهام كل هؤلاء أو تفسير كل ما يجري بفشلهم إضافة إلى خطورة أكبر لهكذا تفسيرات فهي تفقد الثقة بين الناس وفي كل الاختيارات.

ولذلك، فأنا لا أقبل التفسيرات الأحادية مع الإقرار بكونها جزء أحيانا من المشكلة، فلا زالت ليبيا بخير وحب ليبيا والحرص على وحدتها وازدهارها وأمنها واستقرارها عميق في نفوس الليبيين خير دليل على ذلك ما قدموه من تضحيات في سبيلها، وأن ما يجري هو من طبيعة المراحل الانتقالية وإن طالت.

ما هي شروط نجاح مؤتمر روما برأيك؟ وما هو المأمول منه؟

مؤتمر روما لا يعدو عن كونه دعم للمسار السياسي القائم واستمرار تنفيذ الترتيبات الأمنية والإصلاحات الاقتصادية وربما محاولة الضغط باتجاه توحيد المؤسسات وإنهاء الأجسام الموازية مثل حكومة الثني مقابل قيام السراج بتوسيع دائرة المشاركة في حكومة وحدة وطنية، وإذا حدث ذلك فإنه يفسح المجال لتهيئة الظروف لإجراء الانتخابات بعد الاتفاق على قاعدة دستورية من خلال عقد المؤتمر الجامع لوضع خارطة طريق تتفق عليها كل الأطراف للخروج من الأزمة والتخلص من كل الأجسام الحالية بإجراء الانتخابات.

هل تلقيتم نسخة من قانون الاستفتاء على مشروع الدستور؟ وما تقييمكم له؟ وكيف ترى الاعتراضات عليه؟

لم يكشف البرلمان عن شيء بخصوص قانون الاستفتاء على الدستور حتى الآن، وسمعنا زوبعة إعلامية ثم تضارب في التصريحات وغموض حول ما جرى للأسف، ولا يحق لأحد أن يعارض الاستفتاء على الدستور لأنه حق للشعب الليبي، أما من يعارض مضمون مشروع الدستور فعليه أن يصوت بلا ولا يجوز مصادرة حق الناس.

مشروع الدستور أُعد من قبل هيئة منتخبة من الشعب وتم التصويت عليه بأكثر من الثلثين، وتم ذلك في مدينة البيضاء حتى لا يُقال تحت ضغط أي جهة.

حزب العدالة والبناء أكد أنه في تواصل مستمر مع كل الأطراف لإنضاج مبادرة مشتركة وفق بنود الاتفاق السياسي تخرج ليبيا من أزمتها.. ما الذي وصلتم إليه حتى الآن؟

نعم، تواصلنا مع كل الأطراف سواء المجلس الرئاسي أو أعضاء البرلمان أو هيئة صياغة الدستور والمجتمع المدني وعملنا جهد لرفض الحرب والعودة إلى استخدام السلاح خلال اشتباكات محيط العاصمة، وكان لنا دور كبير وواضح في إنجاز الإصلاحات الاقتصادية من خلال وجودنا في المجلس الأعلى للدولة ودور السيد خالد المشري واضح في هذا السياق.

وكنا نتطلع بجدية لإنهاء الأزمة السياسية مع البرلمان وأعلن المشري ذلك في الإعلام وأرسل خطابا مكتوبا لرئيس البرلمان أعرب فيه عن رغبته رفقة ممثلين عن كل الدوائر لزيارة البرلمان والعمل على حل الأزمة وإنهاء الانقسام، وكنا جادين وكذلك كل السادة أعضاء المجلس الأعلى لتقديم ما أمكن من التنازلات، ومع ذلك لم نلق أي تجاوب من البرلمان، وهذا ما يؤكد ما ذهبت إليه بشأن تقييمي لسلوك عقيلة صالح والمعرقلين في البرلمان.

ولذلك، فإننا ندعو كل منصف أن يقدر هذه الجهود ويقدر دور حزب العدالة والبناء في المحافظة على ما تبقى من رجاء في الخروج من الأزمة والمحافظة على المسار السياسي السلمي والابتعاد عن البحث عن شماعات لتعليق الفشل كما يجري للأسف.

هناك من يقول بأن أطراف الحوار لم يكتبوا شيئا من الاتفاق السياسي قال ذلك النائب الأول السابق لرئيس المؤتمر الوطني العام السابق الدكتور جمعة عتيقة وآخرين.. ما ردكم؟

للأسف هناك من يقلل من قيمة أي عمل لم يكن هو على رأسه أو طرفا أساسيا فيه، وهذا سلوك شاذ ومعروف، وهذا الكلام لن يغير من الحقيقة شيئا، وهي أن الاتفاق السياسي تمت صياغته بالتداول بين كافة الأطراف الليبية المتحاورة وعبر رحلة طويلة وشاقة من الجولات والتعديلات والإضافات والاقتراحات برعاية بعثة الأمم المتحدة، والتي كان دورها أساسيا وفاعلا في اقتراح المقاربات للتوفيق بين الأطراف ومحاولة تضمين مطالب كل طرف بتقسيم التنازلات.

ويعد الوصول إلى توافق حول هذه الوثيقة نجاح كبير حققه الليبيون، ولا أتوقع من السهولة بمكان الوصول إلى مثل هذا التوافق، وقد شاركت شخصيا كرئيس لحزب العدالة والبناء في نقل العديد من المقترحات وأسهمنا في العديد من التعديلات على الاتفاق مع غيرنا من الأطراف؛ فكيف نصدق من يقول إن الاتفاق صاغته البعثة الأممية فمن رأى وشارك ليس كمن سمع.