كتاب عربي 21

ليبيا.. قراءة في دوافع عودة المقاطعين للمجلس الرئاسي

1300x600

بات واضحا أن المجلس الرئاسي في ليبيا وحكومته يواجهان مشاكل قد تقود إلى أزمة حادة، فالموضوع لا يقف عند الخلاف داخل وازرة الداخلية وعلاقة الوزير بالمكونات الأمنية المختلفة في العاصمة طرابلس، وفق ما صرح به في مؤتمره الصحفي الأخير، ولا تقتصر على ما يمكن أن يفجره توجه وزير المالية والذي بعد رفض استقالته أقدم على قرارات جريئة.

التحدي الإضافي الذي يواجه الرئاسي هو مناقشة عودة المقاطعين خاصة من المنطقة الشرقية، علي القطراني وفتحي المجبري، فالتوقيت أو الظرفية تحتم أن العودة لن تكون عادية وأن مواجهة يمكن أن تنشب داخل الرئاسي وحكومته قد تقود إلى شلل وربما صراع.

دوافع عودة المقاطعين

أعتقد أن هناك مجموعة من العوامل هي الدافع وراء التفكير في عودة العضوين المنسحبين للرئاسي من أبرزها ارتباك مشروع حفتر والجيش بعد التطور في الموقف الإقليمي والدولي الذي حصر حفتر في زاوية التماهي مع المسار السياسي الذي ترسم ملامحه البعثة الأممية وفق التوافقات الدولية.

بات جليا أن أمام حفتر خيارات محدودة جدا من بينها التعاطي مع الرئاسي بعد أن ازدراه فترة ورفض الاعتراف بوجوده مدة، ولأن الرئاسي بوضعه الحالي لا يلائم طموح حفتر وتطلعاته فإن تحقيق درجة من التوازن فيه باتت ضرورية عبر العضوين المناصرين له.

لقد صار خيار السيطرة عبر القوة والاجتياح العسكري غير مقدور عليه بعد التطورات الميدانية في طرابلس ومحيطها، كما أنه مرفوض بقوة دوليا، أيضا يمكن أن يتعطل مسار الانتخابات إذ تحول دون السير فيه أسباب منها الحاضر مثل التحدي الأمني والخلاف السياسي ومنها المتوقع كاحتمال تفجر صراع.

أيضا يواجه مشروع توحيد الجيش عبر اجتماعات القاهرة تحديات من أهمها تراجع الرئاسي عن موقفه وتردده في التوقيع على الاتفاق الذي ثبت على صيغة توافق تطلعات حفتر، والدفع بعضوين مؤيدين لحفتر يمكن أن يغير الدفة لصالح الأخير بتمرير الاتفاق.

على صعيد آخر، يبدو أن قلقا يساور جبهة طبرق المناصرة للجيش وقائده فيما يتعلق بوضع المجلس الرئاسي اليوم والمكانة التي يتمتع بها رئيسه، وأن تكريس الرئاسي لقوته ونفوذه لا ينتهي إلى نتائج مرضية بالنسبة لحفتر وجبهة طبرق الداعمة له وذلك في ظل الدعم الدولي الذي يتلقاه رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج.

وضع المجلس الرئاسي اليوم ليس هو وضعه قبل عام أو حتى قبل ستة أشهر، والرئاسي بعد اجتماع باليرمو ليس الرئاسي قبله، ومن أبرز ملامح هذا التطور هو تحرك الرئاسي بشكل مناقض لحفتر والجيش التابع للبرلمان، وهو وضع جديد لن يكون في صالح حفتر لو تطور.

التعديلات الوزارية وعودة المقاطعين

علاوة على ما سبق، ومن العلامات التي تؤكد اتجاه الرئاسي في غير المسار الذي يتمناه حفتر هو التعيينات الأخيرة للوزراء في حكومة الوفاق، فبالإضافة إلى "علي العيساوي" الذي شن عليه الإعلام للمؤيد للجيش حملة شرسة، وإعلان حفتر عزمه على فتح تحقيق في مقتل اللواء عبدالفتاح يونس، حيث يتهم العيساوي بالتورط في مقتله، هناك "فتحي باش آغا" الذي عين وزيرا للداخلية وهو الشخصية النافذة في مصراته.

 

اقرأ أيضا: تفاؤل إيطالي بمخرجات مؤتمر "باليرمو" حول ليبيا

وجود باش آغا على رأس وزارة حساسة في الوقت الراهن يعني تحديا لحفتر وأنصاره في الحرب والسلم، فباش آغا يعني مصراتة بثقلها السياسي وقوتها العسكرية الكبيرة، والمواجهة مع الداخلية ووزيرها قد تكون مواجهة مع مصراتة، والتفاوض مع مصراته وهي متنفذة في الحكومة أصعب من التفاوض معها وهي معزولة، ولهذا فليس من المستبعد، بل من المحتمل جدا أن وجود باش آغا في حكومة الوفاق هو من بين الأسباب المحفزة لعودة المقاطعين.

خيارات المقاطعين والنتائج المتوقعة

عودة المقاطعين ممكنة ولا يحول أمامها حائل، أما قدرتهم على تغيير اتجاه الرئاسي وحكومته فهي محل نقاش لأن مسار الرئاسي اليوم هو مسار مدعوم دوليا وخلفه البعثة وتباركه الولايات المتحدة عبر وكيلها السيدة ويليامز، ولذا فإنه من غير اليسير تغيير المسار الحالي ولكن من غير المستبعد إرباكه وقد يكون التشويش على مسار الرئاسي هدفا منشودا بحد ذاته.

هناك سيناريو آخر متوقع وهو التوافق والتفاهم داخل المجلس الرئاسي بعد عودة المقاطعين بمباركة البعثة دون وقوع صدام، ووفقا لهذا السناريو فإن العودة ربما تكون ضمن اتفاق مسبق بحيث يتحصل المقاطعون على بعض المكاسب ولكن دون سقف تطلعات جبهة طبرق وطموح خليفة حفتر.

 

إقرأ أيضا: دول جوار ليبيا تجتمع بالخرطوم.. ما الجديد الذي ستقدمه للأزمة؟