صحافة دولية

هيل: حان الوقت لأن تدعم أمريكا القوى الديمقراطية لا الطغاة

سوبر: آن الأوان للتوقف عن تقديم الأعذار لوحوش الشرق الأوسط والانحياز مع "أقل الشرور"- جيتي

نشر موقع "ذا هيل"، الذي يغطي شؤون الكونغرس الأمريكي، مقالا للأستاذ في القانون في "جورج تاون لو" ديفيد سوبر، يدعو فيه إلى توقف أمريكا عن دعم الحكام الوحوش الطغاة.

ويشير سوبر في مقدمة مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى تردد الرئيس دونالد ترامب في تلبية مطالب الكونغرس، وإصدار تقرير عما إذا أمر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، بقتل صحافي "واشنطن بوست" جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في إسطنبول العام الماضي. 

ويلفت الكاتب إلى أنه قبل يوم من نهاية الوقت المحدد، فإن تقارير صحافية ظهرت عن تهديد محمد بن سلمان باستخدام "الرصاص"، إن لم تنفع الحيل لجلب خاشقجي إلى السعودية، طوعا أم كرها.

ويعلق سوبر قائلا إن "تحدي الإدارة يأتي بعد سلسلة مؤسفة للمسؤولين الأمريكيين وغيرهم، الذين ظلوا يتمسكون بأنه يجب الاستمرار في دعم جماعة سيئة مهما كانت؛ لأن منافسيها سيكونون أسوأ منها". 

ويقول الكاتب: "هذا كلام فارغ وهو خيانة للمصالح الأمريكية، وفوق هذا كله خيانة للقيم الأمريكية، وعلينا ألا نفترض قدرتنا على معرفة من هو الشرير الأسوأ".

ويلفت سوبر إلى ما أسماه القوى الرئيسية الثلاث التي تهيمن على المنطقة، بعيدا عن إسرائيل والقوى الخارجية التي تدعم وكلاء لها في المنطقة، التي تتصارع على السلطة: الأنظمة السنية العلمانية الديكتاتورية، والمسلمون السنة، والمسلمون الشيعة. 

ويفيد الكاتب بأن "ولي العهد السعودي ابن سلمان والجنرال المصري عبد الفتاح السيسي، والإمارات العربية المتحدة، يقودون تحالفا سنيا علمانيا مستبدا، أما الأنظمة السنية الدينية فتضم قطر وتركيا، التي حصلت على مساعدة اقتصادية من الأولى، أما بقية العائلة السعودية الحاكمة وحركة طالبان الأفغانية وعناصر في وكالة الاستخبارات الباكستانية وكذلك تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، فهي ذات أصول دينية سنية". 

ويناقش سوبر بأن "الطريقة السيئة التي أدارت فيها الولايات المتحدة غزو العراق منعت من ظهور عناصر علمانية شيعية، ولهذا السبب تقود إيران الطرف الشيعي، حيث تصدر تحالفا شيعيا فضفاضا، يضم العراق وسوريا ولبنان وكذلك الحوثيين في اليمن". 

ويعتقد الكاتب أن "تحديد الطرف الأفضل يظل مهمة مخادعة؛ لأن الأطراف الثلاثة متورطة في جرائم، مشيرا إلى الحملة التي تقودها السعودية في اليمن وقصف المدنيين فيه، وإلى مذبحة رابعة، التي قتل فيها السيسي مئات المعتصمين المدنيين ضد انقلابه، و"هي جرائم لا يمكن تبريرها، بالطريقة ذاتها التي لا يمكن فيها تبرير إرهاب تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، أو استخدام نظام بشار الأسد البراميل المتفجرة ضد مواطنيه، أو مذابحه الجماعية للمعتقلين في سجونه".

ويقول سوبر إن "الأطراف الثلاثة تتسم بالقسوة في قمع معارضيها، فالجنرال السيسي سجن المعارضين السلميين وقتلهم بطريقة وصل فيها القمع إلى درجة لم تصل في عهد سلفه حسني مبارك، أما محمد بن سلمان فقد سجن المعارضين، وقتل جمال خاشقجي، وسجن وعذب الناشطات، رغم أنه حصل على مديح الغرب لسماحه للمرأة بقيادة السيارة، ورغم فضح تركيا لجريمة قتل خاشقجي، إلا أن عدد الصحافيين المعتقلين لديها يعد الأعلى في العالم، أما إيران فقد قمعت الحركة الخضراء بعد تزوير الانتخابات". 

 

وينوه الكاتب إلى أن "الأطراف الثلاثة تضم الكثيرين ممن يعارضون إسرائيل، فقد شنت الأنظمة السنية العلمانية حربا في عامي 1967 و1973، واليوم فإن مصر تقيم علاقة سلام مع إسرائيل، لكنها تروج للعداء لإسرائيل من أجل إلهاء الرأي العام عن مشكلات الاقتصاد وسوء إدارته، فيما تستخدم حركة حماس وحزب الله الدين". 

ويجد سوبر أن "الأطراف الثلاثة كلها لها أهداف توسعية، فمحمد بن سلمان قام باختطاف رئيس الوزراء اللبناني، وحاول قصف اليمن من أجل تحويله لدولة تابعة، وبنى تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة فروعا لهما في آسيا وأفريقيا، وبالمقارنة تظل الأهداف التوسعية الإيرانية محدودة بسبب وضعية الشيعة كونهم أقلية في العالم الإسلامي، وهذا لم يمنع إيران من استعراض تأثيرها في المنطقة".

ويقول الكاتب: "حتى نكون منصفين فإن عناصر في الأطراف الثلاثة تصرفت بطريقة تثير الإعجاب، فقد شكل العلمانيون السنة أساس الحركات الداعية للديمقراطية في لبنان وسوريا ومناطق أخرى، وقدموا دعما قويا للجماعات الشيعية المؤيدة للديمقراطية في البحرين واحتجاجات ساحة اللؤلؤة". 

ويرى سوبر أن "السنة المتدينين كانوا ناجحين بشكل نسبي في حركات الديمقراطية في تونس، والتزموا بنتائج الانتخابات، وتحدى شباب الإخوان المسلمين في مصر قادتهم، وشاركوا في اعتصامات ميدان التحرير، وبدأت قطر قناة (الجزيرة)، التي وإن لم تكن تامة إلا أنها كسرت احتكار الدعاية التي تقوم بها وزارات الإعلام وسيطرتها على المعلومات". 

 

ويبين الكاتب أن "إيران دعمت الجماعات السنية والشيعية السلمية المطالبة بالديمقراطية في البحرين، التي تعرضت لحملة قمع قاسية على يد السعودية والإمارات وملك البحرين، وعارض الحوثيون وإيران تنظيم القاعدة في اليمن، ودعمت إيران الهزارة الشيعة في أفغانستان، ودعا عدد من أيات الله في إيران، غير المرشد الأعلى للجمهورية، إلى الديمقراطية والتسامح". 

 

ويعتقد سوبر أن "التحالفات الكبرى ضد الإرهاب، التي يقصد فيها التدين السني، أو إيران، التي يقصد فيها الشيعة في أماكن أخرى، لا تحقق شيئا غير دعم الطغاة السنة العلمانيين، الذين يستخدمونها ذريعة للقمع الذي يدفع نحو التطرف".

ويجد الكاتب أن "مصدر القوة الأمريكية في المنطقة نابع من قيمنا، ومن هنا فإن الدفاع عن الناشطين الداعين للديمقراطية وراصدي حقوق الإنسان والصحافيين، أينما تعرضوا للتهديد، سينقذ أرواح الذين يمكنهم قيادة المنطقة لمستقبل مستقر، وهو ما لا يستطيع الطغاة تحقيقه". 

ويقول سوبر: "لقد فوتنا فرصة ذهبية عندما وقفنا نراقب الربيع العربي والطغاة وهم يذبحون الديمقراطيين العلمانيين في أنحاء المنطقة كلها". 

ويضيف الكاتب: "نريد طريقا جديدا، وعلينا أن نتوقف حالا عن دعم الذبح في اليمن، وإيجاد الذرائع لولي العهد السعودي الوحش، وديكتاتور سوريا، وتطبيق شروط صارمة تتعلق بحقوق الإنسان عندما ندفع لمصر". 

ويختم سوبر مقاله بالقول: "من خلال العودة إلى قيمنا فإننا سنقود بالنموذج والقدوة اللذين سيلهمان الديمقراطيين العلمانيين في المنطقة".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)