اقتصاد عربي

ما دلالة وضع الحكومة المصرية يدها على الاقتصاد غير الرسمي؟

الحكومة تقدر حجم الاقتصاد غير الرسمي بنحو تريليوني جنيه مصري- جيتي

تسعى الحكومة المصرية إلى ضم الاقتصاد غير الرسمي بدعوى ضمان حقوق الدولة والمواطنين؛ وللمساهمة في زيادة الحصيلة الضريبية، ومن ثََمّ زيادة الإيرادات، مما يؤثر إيجابيا على الميزان التجاري وميزان المدفوعات.

ويطلق مصطلح الاقتصاد غير الرسمي على ملايين العاملين في مختلف القطاعات الصناعية والخدمية والتجارية والزراعية، ولا يدفعون الضرائب على أنشطتهم وأعمالهم، بالمقابل لا يحصلون على أي خدمات من الحكومة، ولا يتوفر لهم تأمين اجتماعي أو صحي.

وقالت مصادر رسمية مطلعة، الأربعاء، إن وزارة المالية المصرية تعمل في الوقت الحالي على إعداد قانون خاص بالمحاسبة الضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، بهدف تحفيزها على الانضمام إلى الاقتصاد الرسمي.

وأوضحت المصادر في تصريحات خاصة لـ"عربي21"، أن مشروع القانون يهدف إلى تخفيض سعر ضريبة القيمة المضافة على المشروعات متناهية الصغر إلى 1 بالمئة.

حجم الاقتصاد غير الرسمي


وتُقَدر الحكومة المصرية حجم الاقتصاد غير الرسمي بنحو تريليوني جنيه مصري، وفقا لتصريحات رئيس الوزراء السابق، شريف إسماعيل، ويمثل 40% من الناتج المحلي ويضم نحو 8 ملايين عاملا.

وفي أيار/ مايو 2018 كشف رئيس الوزراء مصطفى مدبولي عن اعتزام الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، إجراء مسح اقتصادي لجميع المشروعات والوحدات الاقتصادية في القاهرة والمحافظات لحصر النشاط الاقتصادي، وتحديد حجم القطاع غير الرسمي، ليكون خطوة نحو ضمه تحت مظلة الاقتصاد الرسمي.

وفي الشهر ذاته، أعلن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء انطلاق حصر الاقتصاد غير الرسمي مطلع تشرين الأول/أكتوبر الماضي ولمدة 6 أشهر، ينتهى فى آذار/ مارس 2019، وستعلن نتائجه خلال حزيران/ يونيو 2019.

أهداف وشكوك

وعلق الخبير الاقتصادي، ممدوح الولي، بالقول إن "الحديث عن ضم الاقتصاد غير الرسمي قديم، لكنه دائما ما يتم تأجيله لصعوبة حصره، خاصة في ظل نسب التهرب الضريبي المرتفعة بالاقتصاد الرسمي، وعدم استعداد الحكومة منح ذلك القطاع عدة سنوات، من أجل إتمام عملية الضم بشكل يحقق المصلحة بين الطرفين".

وأوضح لـ"عربي21" أن "الهدف من السعي لضمه حاليا هو من أجل المزيد من تحصيل الضرائب والرسوم في ضوء العجز المتزايد بالموازنة والمتوقع استمراره لسنوات عديدة قادمة، بالإضافة إلى غرض أمني وهو منع حصول أية تيارات مناوئة للنظام الحالي على موارد تكفل لها الاستمرار في معارضتها للنظام أو الإنفاق على أسر المعتقلين".

 

اقرأ أيضا: مصر تتوسع في الضرائب وتسعى لضم الاقتصاد غير الرسمي

واشترط وجود حوافز "عند البدء في ضم الاقتصاد غير الرسمي خاصة في ضوء حالة عدم الثقة بينه وبين الجهات الحكومية، وأن تكون حوافز مجزية، والبعض لديه رغبة فى الإفلات من الأتاوات الدورية لمندوبي الأجهزة الحكومية بالترخيص الرسمي لنشاطه والتمكن من الاقتراض من البنوك".

وشكك الخبير الاقتصادي في قدرة الحكومة على توفير تأمين صحي واجتماعي للعاملين بتلك المنظومة، قائلا: "التأمين الصحي والاجتماعي له تكلفة تزيد من الأعباء الحكومية في ظل كبر حجم القطاع غير الرسمي، ولذلك لجأت قبل شهور إلى شهادة أمان التي لم تجد استجابة كبيرة من العمالة غير المنتظمة".

ما وراء القانون


واعتبر المستشار الاقتصادي والسياسي الدولي، حسام الشاذلي، أن "القانون الجديد ما هو إلا أداة جديدة للسيطرة على كل الأموال والأعمال التي يتم تداولها داخل مصر؛ وذلك من أجل إحكام قبضة النظام على كل مصادر التمويل حتى تلك الصغيرة منها، والسماح بتمرير تلك التي يملكها مؤيديوه ويقوم بالقضاء على أي مصدر للتمويل لأي من معارضيه، بما فيها التي تسد قوت ملايين الأسر المصرية التي تعيش تحت خط الفقر".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21"، "أن المنظومة الاقتصادية المصرية، باتت منظومة مسخرة لخدمة أهداف النظام وعلى رأسها جني الأموال من المواطنين عن طريق استحداث قوانين جديدة للضرائب في كل يوم، وكذلك تسهيل سياسة القروض طويلة الأمد التي تورط أجيالا قادمة من الشعب المصري".

ورأى أن "هذه الاستراتيجية التي تدعي الحكومة أنها تهدف لضم المشاريع الصغيرة والمتوسطة إلى اقتصاد الدولة، هي في حقيقة الأمر لا تترك متنفسا لأي مواطن يحاول أن يكسب قوت يومه، بعيدا عن القوانين المجحفة للحكومة ومنظومتها الاقتصادية المسمومة، ويصنع من المنظومة المصرية منظومة ديكتاتورية محكمة الأضلاع تضمن بقاء الحاكم وحاشيته إلى الأبد".

 

اقرأ أيضا: لهذه الأسباب.. "المركزي المصري" لن يحرك أسعار الفائدة

وحذر الشاذلي "من تنامي سخط المواطنين على النظام"، مشيرا إلى أن "المنظومات الاقتصادية الناجحة تقدم تسهيلات كبيرة للمشاريع الصغيرة والمتوسطة، بل وتقوم بإعفاء المواطنين القائمين عليها من الضرائب لمدد كبيرة، حيث إنها تمثل المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي الداخلي".