ملفات وتقارير

"على خط المواجهة".. ما تداعيات أحداث سفارة واشنطن في بغداد؟

صورة وزعتها السفارة الأمريكية في بغداد تظهر حرق نقطة حراسة في حرم السفارة من قبل أنصار الحشد الشعبي- جيتي

تنذر الأزمة الحالية بين واشنطن والمليشيات العراقية الموالية لإيران، بتصعيد "خطير" قد تخرج فيه الأمور عن السيطرة في العراق، إذ يؤكد مراقبون أن الأوضاع الحالية إذا بقيت بعيدة عن التهدئة، فإن المواجهة المباشرة ستكون حتمية.

وأقدم منتمون للحشد الشعبي، الثلاثاء، على تطويق السفارة الأمريكية في المنطقة الخضراء وسط بغداد، وحرق أجزاء منها، ردا على قصف أمريكي استهدف "كتائب حزب الله" العراقية، وأدى إلى مقتل وإصابة العشرات.

"تصعيد خطير"

عضو البرلمان العراقي السابق حامد المطلك، قال في حديث لـ"عربي21" إن "سيناريو التصعيد الحالي كان متوقعا، بعد توترات وتهديدات منذ أشهر، حتى وصلت إلى قصف قواعد عراقية فيها جنود أمريكان".

وأضاف: "لكن الضربة الأخيرة للولايات المتحدة التي استهدفت كتائب حزب الله في العراق وسوريا وضعت الأمور على مسار خط المواجهة"، لافتا إلى أن "الأمور تسير نحو التصعيد وليس التهدئة".

وعزا المطلك ذلك إلى أن الحكومة العراقية "لم تمسك زمام الأمور في البلد وتفرض السيطرة، فهناك اتفاقية أمنية بين العراق والولايات المتحدة"، مشددا على ضرورة أن "تضغط واشنطن لتنفيذ الاتفاقية التي بموجبها قواتها متواجدة بالعراق".

ورأى العضو السابق بلجنة الأمن والدفاع البرلمانية، أن الحكومة غير قادرة على امتلاك زمام الأمور والسيطرة على السلاح في العراق، فهناك مجاميع كثيرة خرقت النظام وتتصرف كما تريد، لأنها عندما تطلق النار على الأمريكيين فهي تستهدف العراقيين أيضا".

وتابع: "لذلك، على الحكومة أن تفرض سلطتها وتفرض النظام، ولملمة الموضوع؛ بمنع التجاوز من الطرفين، وتجعل الأمور تسير إلى التفاهم وليس إلى المواجهة"، محذرا من أن "الأمور ذاهبة إلى التصعيد، إذا لم تتداركها الحكومة العراقية".

وبخصوص الأطراف التي تسعى إلى تصعيد الأزمة في العراق، قال المطلك، إن إيران لديها مشروع توسعي، فهي تعمل في أكثر من دولة بالمنطقة، لذلك فهي لن تتراجع عن السعي إلى التمدد في العراق، لكن السؤال هنا أين الحكومة العراقية والقادة السياسيين من واجباتهم تجاه البلد؟".

وأردف: "نحن لا نريد أن يكون العراق ساحة صراع، وعليهم أن يلتزموا بالاتفاقية الأمنية مع واشنطن، لأن التمدد على حساب الساحة العراقية غير صحيح"، لافتا إلى أن الأمور إذا انفلتت بالعراق، فمن صلب الاتفاقية الأمنية أن ترسل واشنطن جنودها لضبط الأمن بالبلد".

"فلتان أمني"

وفي المقابل، رأى المحلل السياسي الدكتور أسامة السعيدي، في حديث لـ"عربي21"، أن "الصراع ليس جديدا، فالخلاف المتعلق بالحشد الشعبي وتحديدا الفصائل التي لديها نوع من الولاء لإيران، يشكل تهديدا بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية".

وتابع: "الأمر الآخر هو الموقع الذي استهدفته القوات الأمريكية، هو نقطة  حساسة وفاصلة تمنع تدفق الجماعات المسلحة إلى داخل العراق، لكن الولايات المتحدة تسعى إلى إبقاء هذه النقطة فارغة لمرور هؤلاء ليبقى البلد غير مستقر".

وبحسب قوله، فإن "العراق لديه تجربة سابقة عندما تركت الولايات المتحدة تنظيم الدولة يصل إلى الموصل دون أن تحرك ساكنا، وهي من تسيطر على الأجواء العراقية، لذلك واشنطن لم تلتزم وتفي ببنود الاتفاقية الأمنية الموقعة مع العراق".

وبخصوص تعرض واشنطن إلى ضربات قبل الرد، قال السعيدي إن "الكل يعلم وجود قيادة عمليات مشتركة بين العراقيين والأمريكيين، تضم ضباط من الطرفين، فلماذا لم يميزوا ما إذا كانت الضربات صادرة من فصائل عراقية أو غيرها؟".

ولفت الخبير في الشأن السياسي العراقي إلى أن "الرد الأمريكي كان يجب أن يكون مغايرا؛ لأن الحشد جهة رسمية عراقية"، معربا عن "خشيته من وصول الأمور في العراق إلى مرحلة الفلتان الأمني".

وأردف: "إذا كان هناك قصف ورد عليه على المستوى العسكري، إضافة إلى اقتحام أجزاء من السفارة، فهذا يعطي مؤشرات على أن الأمور بدأت تخرج عن نطاق السيطرة، وأن الدولة بمؤسساتها غير قادرة على ضبط إيقاع الأزمة، وهذا يعد مؤشرا خطيرا".

"إجهاض المظاهرات"

وفي السياق ذاته، قال حساب صالح محمد العراقي على "الفيسبوك"، وهو مقرب من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، إن هنالك قرينة بأن تظاهرات اليوم أمام مبنى السفارة الأمريكية في بغداد، يراد بها إنهاء تظاهرات الشعب الإصلاحية.

وأضاف في منشور على "فيسبوك" أن "العراق صار اليوم ساحة تظاهرات، وساحة حرق للسفارات والبعثات الدبلوماسية، وكأنه هو البلد الوحيد الذي يضم السفارات والبعثات، ثم لا تنسوا أن كل الساسة جالسوا المحتل، لا في السر بل في العلن بكل طوائفهم وانتماءاتهم أجمع، إلا (قائدنا الصدر)، اليوم صاروا يصبون جام غضبهم على السفارة. فأين كنتم؟".

وتابع: "لكن حسب تصوري والله العالم.. وخصوصا بعد ما سمعته من بعض قادة المليشيات ومن أمام سفارة الشر: إن السفارة هي المكان الحقيقي لدعم العصابات، ويعني بها: (الثوار)، وهذه قرينة على أن التظاهرات أمام السفارة يراد بها إنهاء (تظاهرات الشعب الإصلاحية)".

ودعا الحساب المقرب من الصدر من أسماهم "الثوار للثبات والاستمرار على سلميتهم، وعدم الاحتكاك بهم، ولا تحزنوا ولا تهنوا، وإن رأيتم (الخضراء) مفتوحة أمامهم ومغلقة بوجوهكم، فأنتم اليوم على أسوارها، وغدا سيكون الشعب فيها".



واتهم الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الثلاثاء، إيران بالمسؤولية عن تنظيم اقتحام سفارة واشنطن ببغداد. ودعا ترامب في تصريحات نشرها على حسابه بـ"تويتر"، العراق إلى استخدام القوة لحماية السفارة هناك.

ووجه ترامب اتهاما إلى إيران بالمسؤولية عن مقتل "متعاقد أمريكي" وإصابة آخرين، خلال القصف الذي استهدف قوات التحالف بالعراق الجمعة الماضية. وتابع: "رددنا بقوة (على الاستهداف) وسوف نفعل ذلك دائما".