صحافة دولية

فورين بوليسي: كيف سيبدو ترامب لمدة أربع سنوات أخرى؟

فورين بوليسي: ترامب بلا قيود يعني تمزق أمريكا وانحلالها- جيتي

نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا للكاتب مايكل هيرش، يقول فيه إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يقدم لمحة عما ستبدو عليه أربع سنوات أخرى بعد "تبرئة كاملة" من مجلس الشيوخ.

 

ويبدأ هيرش مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، بالقول إن "السر قد يكمن في الطريقة التي وقفوا فيها ليحيوه مثل رفاق ستالين -كل أولئك الجمهوريين أعضاء الكونغرس الذين يملكهم ترامب الآن- في الوقت الذي كان يقدم فيه الكذبة الواضحة تلو الأخرى خلال خطاب حالة الاتحاد يوم الثلاثاء، وربما كان الأمر أن العاشقين له والمدافعين عنه فعلوا الشيء ذاته خلال خطابه الذي استمر 64 دقيقة عندما قال إن مجلس الشيوخ برأه تماما".

 

ويقول الكاتب إنه "مع اقتراب نهاية أسبوع عاصف في واشنطن، فإن من الواضح أن ترامب لم يتعلم أي درس من محنة المحاكمة -كما كان يشير ناقدوه القليلون من الحزب الجمهوري- إلا أنه يبقى محاطا في مخيلته بالأعداء السياسيين الذين سماهم يوم الخميس (كريهين) و(مرضى) و(شريرين جدا)". 

 

ويتساءل هيرش: "ماذا عن التهم الموجهة له بأنه أساء استخدام السلطة بصفته رئيسا من أجل مصالحه السياسية الشخصية، التي اعتقد السيناتور ميت رومني أنها خطيرة لدرجة كافية لأن يكون السيناتور الوحيد في التاريخ الذي يصوت لعزل رئيس من حزبه؟ إلا أن ترامب قال على التلفزيون الوطني إن (ذلك كله كان هراء)".

 

ويعتقد الكاتب أن "أسوأ شيء حصل لخصومه الديمقراطيين، هو أن الرياح تحولت لصالح ترامب مع انطلاق حملة الانتخابات لعام 2020 رسميا هذا الأسبوع، وحتى عندما منح مجلس الشيوخ ترامب صكا أبيضا ليفعل ما يشاء بتبرئته التامة من التهم يوم الأربعاء، فإنه وصل إلى أعلى مستوى من التأييد -49% بحسب استطلاع (غالوب)- وفي الوقت ذاته أثبت الديمقراطيون قلة كفاءة في أيوا، حيث تأخر العد وكانت فيه أخطاء، ومع تراجع أهم مرشحيهم، نائب الرئيس السابق جو بايدن بشكل سريع". 

 

وتنقل المجلة عن ترامب قوله في الغرفة الشرقية في البيت الأبيض، مجربا عبارة أصبحت لازمة في خطاب الجمهوريين لانتخابات 2020: "لم يستطع الديمقراطيون فرز بعض الأصوات البسيطة.. ومع ذلك يريدون أن يسيطروا على خدماتكم الصحية". 

 

ويؤكد هيرش أن "الفشل الديمقراطي في مؤتمر أيوا الانتخابي يبدو رمزا للفوضى التي تعم الحزب، الذي لم يستقر على شخص مفضل، مع أنه لم تبق سوى تسعة أشهر على الانتخابات، ومع عد معظم الأصوات بعد أربعة أيام من الحيرة، كانت النتيجة متساوية بين القديم والجديد، بين المفرط في التقدمية بيرني ساندرز عن فيرمونت، والبالغ من العمر 78 عاما، والمعتدل من إنديانا، بيت باتيغيغ، البالغ من العمر 38 عاما، الذي يبدو أنه في حالة تعادل افتراضي للموقع الأول، حيث يأتي بايدن متأخرا جدا، لكن فرص كلاهما صغيرة لا تتعدى ربع الأصوات". 

 

ويشير الكاتب إلى أن المستطلعين والمحللين والخبراء يتوقعون المزيد من المشكلات لبايدن، المرشح السابق خلال الانتخابات الأولية في نيو هامبشاير، التي قد تعني له مشكلات أكبر حتى في الولايات التي كان يتوقع أن يفوز فيها بشكل جيد، مثل ساوث كارولاينا.

 

ويقول هيرش: "يعتقد كثير من شخصيات المؤسسة الحزبية بأنه لا يمكن لساندرز، الذي ينفر الكثير من الناخبين من التيار الرئيسي بسبب آرائه الليبرالية المتطرفة، ولا بوتيغيغ، الذي يواجه طرقا صعبة في الانتخابات لأنه جديد ولا خبرة لديه، ومتزوج من رجل آخر، يمكنهما هزيمة ترامب في تشرين الثاني/ نوفمبر، فيما تعد المرشحة المتقدمة الأخرى في أيوا، من ولاية ماساتشوستس، السيناتورة إليزابيث وارين، تقدمية جدا في آرائها، لتكسب أصوات المعتدلين والمستقلين، وأعلن ترامب بحماسة قائلا: (سنفوز بالكثير من المقاعد)".

 

ويقول الكاتب: "لذلك، بدأ العديد من النقاد يتساءلون كيف سيبدو ترامب لمدة أربع سنوات أخرى، وكانت هناك بعض المؤشرات على ذلك خلال هذا الأسبوع، فسيلاحق خصومه السياسيين باستمتاع ودون قيود، وسيلومهم على كل تقصير يحصل، وينسب الفضل لنفسه لكل تطور إيجابي، وحتى خلال خطاب حالة الاتحاد كان مغرورا جدا، ويتحدث كأن أمريكا لم تحظ بلحظة جيدة واحدة قبل أن يظهر على الساحة، فترامب وحده هو الذي أعاد الأمة من شفير الهاوية، وهو المؤلف الوحيد لما أسماه (عودة أمريكا العظيمة)، (مع أن الاقتصاديين يقولون بأن الاقتصاد الأمريكي في وسط انتعاش بدأه الرئيس السابق باراك أوباما)". 

 

وتورد المجلة نقلا عن كاتب سيرة ترامب، مايكل دا أنتونيو، قوله لـ"فورين بوليسي": "من المخيف تصور ما سيفعله ترامب دون قيود.. ففي دورته الثانية قد يستخدم وزارة العدل سلاحا ضد منتقديه ومعارضيه.. وربما بحث عن طرق لخرق الدستور، ربما رفض التخلي عن كرسي الرئاسة بسبب (طارئ) ما".

 

وينقل هيرش عن كاتبة سيرة عائلة ترامب، غويندا بلير، قولها إن الرئيس يعيش اليوم فلسفته التي سجلها في كتابه الأول، فن الصفقات، الذي نشر عام 1987، مشيرة إلى أن هذه الفلسفة "هي (خذ ما يمكنك أن تستطيع أخذه).. وكانت تلك أول نسخة كاملة من (تفاخر بها، لا تفعلها فقط)، تجاوز القيود العادية، والأخلاقيات، فهؤلاء الذين يقيدون أنفسهم بها خاسرون، لم يحد أبدا عن تلك الخطة، والناس يحبونه لذلك". 

 

وتورد المجلة نقلا عن مديري محاكمته في الكونغرس، قولهم إنه غير مؤهل للحكم لأنه يقدم مصلحته السياسية الشخصية على مصلحة الأمة، فيما قال المدافعون عن ترامب إن هذا التصرف مقبول، و"فازوا".

 

وينقل الكاتب عن بلير، قولها إن الأهم هو قيام ترامب خلال رئاسته بـ"استغلال شعور المظلومية"، وأضافت: "إن أصبح بيرني ساندرز، الذي قضى مساره المهني يشعر بالمظلومية بسبب إهمال التيار الرئيسي، مرشح الحزب الديمقراطي، فإن انتخابات 2020 ستصبح حول سياسة المظلوميات، وقد لا يكون الناخب قادرا على التوفيق بين المظلوميات المختلفة". 

 

ويعلق هيرش قائلا إن "ذلك الاحتمال بدوره يثير السؤال إن كان من الممكن مواجهة، بعد أربع سنوات محتملة إضافية، انقسامات سياسية يصعب تخطيها -فحتى رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي فقدت برود الأعصاب المعهود وقامت بتمزيق خطاب ترامب على التلفزيون الوطني- وسيستطيع الأمريكيون (إبقاء) جمهوريتهم في النهاية، وهو سؤال طرحه العديد من قادة مجلس النواب الديمقراطيين خلال محاكمة ترامب، مستحضرين تعليق بنيامين فرانكلين المشهور، (فعندما سأله شخص خارج قاعة الاستقلال عن الحكومة التي أقامها المؤتمر القاري، يقال إن فرانكلين أجاب: (جمهورية، إن كان بإمكانكم الحفاظ عليها)".   

 

ويختم الكاتب مقاله، قائلا: "ما الذي سيحصل للتجربة الأمريكية التي أصبح عمرها 244 عاما؟ وهل بإمكان القوة العالمية الكبرى أن تستمر لفترة طويلة في وقت يتم فيه تمزيقها داخليا؟ اختر أي نموذج تاريخي تشاء، سقوط روما أو غياب الشمس عن الإمبراطورية البريطانية أو غسق الآلهة، أو ربما المزيد من الانحلال والانقسام والانجراف وتآكل المؤسسات، التي كان يعتقد الأمريكيون أنها مقدسة، وعالم يلوح يديه باشمئزاز".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)