مقالات مختارة

درع الربيع لحماية الشعب السوري وردع الإرهاب

1300x600

ملف الهجرة الشرق أوسطية السرية يقض مضاجع الاتحاد الأوروبي
تركيا قوة محورية في الشرق الأوسط لا يمكن التقليل من منزلتها

 
التقى يوم الخميس 5 في موسكو رجلان هما أردوغان وبوتين، وهما يشعران بأن الحمل السوري ثقيل، وبأن المسؤولية التي يتحملانها صعبة معقدة، ولم تخف مجاملات اللقاء والترحيب ما يحسانه من فداحة الوضع، وأهم قرار هو وقف إطلاق النار واحترام مبدأ الحدود الآمنة لتركيا، حيث أصبحت مدينة إدلب وأريافها مركز اهتمام العالم منذ بدأت عملية درع الربيع، لتؤكد إصرار تركيا على تصفية بؤر الإرهاب والفوضى التي تسود المشهد السوري، وتركيا كما قال رئيسها رجب طيب أردوغان الأسبوع الماضي أمام برلمانه، لا تتردد مهما كانت تضحياتها، فقد وقع قصف آثم وجبان على قوات تركية واستشهد 34 عسكريا تركيا، وردت القوات التركية على هذا الإجرام بقصف منشآت سلاح كيمياوي سوري، كان بشار يستعد لاستعماله لقتل المزيد من أبناء وطنه الأبرياء، وتركيا كما قال أردوغان تملك الشرعية والحق والقوة أمام جيش سوري ما يزال بشار يوجهه ضد مواطنيه. وأمام التردد الروسي ومئات الآلاف من النازحين السوريين الهاربين من البراميل المتفجرة والدمار الشامل، لا يسع الجيش التركي البطل إلا الاستمرار في حماية المدنيين السوريين من عسف حكومتهم التي فقدت كل شرعية منذ 2011.
تكلم الرئيس رجب طيب أردوغان أمام البرلمان، ليؤكد لأصدقاء تركيا وأعدائها على السواء، أن الجيش التركي لن يتراجع في عملية (درع الربيع) عن ملاحقة الإرهاب والإرهابيين داخل المنطقة الآمنة على الحدود بين تركيا وسوريا، وهو يعلم وهم يعلمون أيضا أن بؤرة سوريا التي تعفنت منذ واجه بشار المتظاهرين السلميين بالرصاص والقتل والتعذيب سنة 2011 إلى اليوم، تحولت سوريا إلى مستنقع عسكري وسياسي جمع كل أطياف التدخلات الأجنبية، ليتقاتلوا أو يتحالفوا على الأراضي الشامية؛ من روس اعتبرتهم كنيستهم الأرثوذكسية “مجاهدين من أجل المسيح في حرب صليبية جديدة، ومن مات منهم فهو في نظر البابا شهيد!”. ومن أمريكان يستحيل أن يتركوا الروس وحدهم في هذا الميدان؛ خوفا على ضياع مصالحهم في الشرق الأوسط الذي أعلنوه جديدا زمن كوندوليزا رايس! ومن إيرانيين يتبعهم حزب الله يساندون الأسد باسم التضامن العقائدي. ومن إسرائيليين متخفين أو معلنين يدعون حماية الدولة العبرية، وضمان بقاء احتلالها غير المشروع لأراضي الجولان في انتظار ضم غور الأردن! ومن حركات كردية مسلحة تعول كما رأينا على الدعم الإسرائيلي لإثارة الفتنة والفوضى في كل من تركيا وسوريا والعراق، باسم عقيدة ثابتة لدى كل أعداء العرب. وللجمهورية التركية تاريخ طويل مع محاولات الزعزعة وزرع الفتنة وبذر بذور الحرب الأهلية، آخرها تلك المؤامرة الانقلابية في 15 تموز/يوليو 2016 حين عاش الشعب التركي ليلة عجيبة بطولية، أجهض خلالها المواطنون الأتراك بأيديهم العزلاء مؤامرة انقلابية، قام بها بعض الضباط الأتراك بتمويلات ثبت بعد ذلك من أين جاءت، ومن أي دول مصادرها ومسالكها، وكيف تسربت إلى أيدي كمشة من الخونة اعتقدوا أنه بإمكانهم ليَّ ذراع الديمقراطية والمجتمع التركي المدني، فباؤوا بفشل ذريع وسريع وعاد أردوغان أقوى مما كان، ليواصل بشعبه مسيرة التقدم والنماء. وبعد فشل الأعداء التاريخيين لتركيا عاودوا اليوم سنة 2020 الكرة، لكن من خارج الحدود، فزرعوا مليشيات تدعي أنها كردية رغم تبرؤ الأكراد الأتراك منها، لتحتل مواقع استراتيجية في خاصرة تركيا مستغلة حالة الفوضى السورية، وهي تدرك أن تركيا بفضل مبادئ حزب العدالة والتنمية تحتضن أربعة ملايين لاجئ من سوريا وبعض الدول العربية الأخرى كالعراق وفلسطين.
وتركيا تحمي بهذا المجهود الإنساني الذي يكلف ميزانيتها ثلاثة مليار دولار سنويا، ظهر أوروبا الخائفة من طوفان مهاجرين من الشرق الأوسط يغزون سواحلها بالملايين، دون أن ينفذ الاتحاد الأوروبي التزاماته، وهذا الملف (الهجرة الشرق أوسطية السرية) يقض مضاجع الاتحاد الأوروبي، بل وكان هو أصل الخلاف الخطير بين دول الاتحاد الأوروبي منذ 2011 إلى اليوم، حيث اختلفت مواقف وتعاملات الدول الأوروبية الأعضاء إزاءه؛ من التسامح الألماني إلى الرفض العنيف الإيطالي إلى قتل المهاجرين في عرض البحر في سواحل اليونان، متزامنا مع تصاعد سريع لليمين العنصري شبه النازي في مؤسسات السلطة في كل الدول الأوروبية، حتى الوسطية المعتدلة منها كفرنسا وإسبانيا والنمسا وسويسرا اليوم، وقد أشرف الجيش التركي على استكمال عملية تطهير المنطقة من فلول الإرهاب، فإننا نلاحظ خوف أوروبا وأمريكا وروسيا من عودة تنظيم داعش ومقاتليه، وخوف الدول الأوروبية من ملايين المهاجرين القادمين إليها بأطفالهم ونسائهم؛ هربا من الموت وخوف منظمة الأمم المتحدة من صدام عسكري بين تركيا وروسيا تضطر واشنطن إلى التدخل فيه، فتتحول بؤرة العنف السورية إلى حرب شاملة!
هذا الخوف الذي عبر عنه وزير خارجية فرنسا حين قال؛ إن مقاتلين من 72 دولة منخرطون في داعش يقبعون في سجون الأكراد و”جيش سوريا الديمقراطي”، ونتمنى أن تكون تركيا واعية لهذا الخطر! ثم قام ترامب بإرسال السيد (ميرفي) هذا الأسبوع إلى الحدود التركية السورية، ليطمئن أردوغان أن واشنطن لا تتخلى عن حليف عضو في الناتو مهما كان! وترامب يعرف أن تركيا قوة محورية في الشرق الأوسط لا يمكن التقليل من منزلتها.

 

عن صحيفة "الشرق" القطرية