ملفات وتقارير

الحراك في زمن كورونا.. هل سيواصل الجزائريون التظاهر؟

رأت بدورها، حركة مجتمع السلم أن تعليق التظاهر هو فكرة مسؤولة ومعقولة، وهي تزيد في مصداقية المكافحين من أجل الحرية - الأناضول

على هامش جمعة الحراك الشعبي الأخيرة بالجزائر، أثير نقاش حادّ حول مدى إمكانية استمرار المظاهرات بعد ظهور فيروس كورونا، لكن الأمور بدا أنها حُسمت سريعا بفعل التطور الخطير للمرض في البلاد.

 

وتعيش الجزائر، اليوم، حالة استنفار حقيقية، بعد أن قارب عدد المصابين 60 حالة، مع تسجيل وفاة 5 أشخاص متأثرين بمضاعفات الفيروس، وهو ما أدّى إلى تحوّل في اتجاه الرأي العام الذي صار أكثر حساسية لمخاطر المرض.


وفي ظل حالة انعدام الثقة في السلطة، كان رأي بعض المتظاهرين في الجمعة الأخيرة التي شهدت خروجا واسعا للشارع، أن فيروس كورونا ما هو إلا مناورة لإنهاء الحراك الشعبي.


ورفعت حتى شعارات، تعتبر أن السلطة هي الخطر الحقيقي على البلاد وليس فيروس كورونا، وأدلى بعض النشطاء بتصريحات تصب في هذا الاتجاه ما خلق نوعا من التشويش في الأذهان.


السلطة تحتج

 
واحتج الوزير الأول، عبد العزيز جرّاد بشدة، على اتهام بعض المتظاهرين للسلطة بالاستغلال السياسي لانتشار الفيروس، مشددا على ضرورة أن يتحمل كل طرف مسؤوليته في هذه الظروف.


وقال جرّاد في تصريح لـ"الإذاعة الرسمية"، إنه لا يمكن تصوّر أن يكون الوزراء الساهرون على أداء مهامهم متآمرين على الشعب الذي سيعرف –حسبه- من يعمل لمصلحته ومن هو غير ذلك.


بدورها، دعت وزارة الداخلية إلى الالتزام المطلق بقواعد السلامة الصحية، وتجنب قدر الإمكان أماكن التجمع العامة لتفادي الإصابة بوباء فيروس كورونا، وأطلقت وزارة الصحة حملة توعية إعلامية دون السقوط في فخ التركيز على الحراك الشعبي، حتى لا يتم تسييس الموضوع.


ولاحظت "عربي 21"، في شوارع العاصمة الجزائرية، خلال اليومين الأخيرين، إقبال الجزائريين على ارتداء الكمامات الواقية حتى وإن كان ذلك محدودا، إذ ثمة من استثقل التقيد بهذا السلوك الوقائي.


ونجحت حملة التوعية في الشارع التي يشرف عليها شباب من الكشافة الجزائرية وبعض المتطوعين، في كسر اللامبالاة بالفيروس والاستخفاف بخطره في الأيام الأولى لإعلان المرض بالبلاد.


وجوه الحراك تتدخل

 
ومع تزايد الخطر، أطلق سياسيون وأسماء بارزة في الحراك الشعبي، نداءات تطلب من المتظاهرين التزام بيوتهم في الفترة الحالية، وعدم إعطاء الذريعة لخصوم الحراك، في تحميله سبب تفشي الوباء.


واعتبر عبد العزيز رحابي، الوزير والسفير السابق، أن توقيف التظاهر "مؤقتا" بسبب المخاطر الصحية لفيروس كورونا قد فرض نفسه "كواجب وطني يحفظ سلامة البلاد والعباد". 

 

وذكر في تغريدة له، أن "الجزائر تعيش حالة طوارئ صحية غير معلنة فرضتها خطورة وباء كورونا وهشاشة منظومتنا الصحية".


من جانبه، كتب مصطفى بوشاشي المحامي الشهير بحضوره الدائم في الحراك، على صفحته على فيسبوك، إن الحكمة تستوجب تعليق المسيرات مؤقتا حفاظا على الصحة العامة في انتظار المستجدات"، وأشار إلى أنها الطريقة المثلى للمحافظة على حضارية الحراك مع التفكير جماعيا في بدائل.

 

اقرأ أيضا : الجزائر.. الحراك يعلق مسيراته مؤقتا بسبب "كورونا"


أما زوبيدة عسول، رئيسة حزب الاتحاد من أجل الرقي والتغيير، فقد اعتبرت أن حياة ملايين الجزائريين أهم من الحراك، ودعت على أساس ذلك لتعليق المسيرات في هذه الظروف.


ورأت بدورها، حركة مجتمع السلم، أن تعليق التظاهر هو فكرة مسؤولة ومعقولة، وهي تزيد في مصداقية المكافحين من أجل الحرية وتجعل النضال أكثر تأثيرا وفاعلية.


بدائل للخروج للشارع

 
من جانبه، يحضر تكتل البديل الديمقراطي الذي يضم أكثر الأحزاب انخراطا في الحراك بعد الرئاسيات الأخيرة، لإصدار بيان يعلن فيه عن موقفه من استمرار الخروج للشارع.


وفي تصريح لـ"عربي 21"، قال عثمان معزوز، الناطق باسم حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المنخرط في التكتل، إن ثمة استشارات تجري بين الأحزاب ومع المختصين لتحديد قرار نهائي بخصوص مظاهرات الحراك الشعبي.


وأضاف معزوز، أن الجزائريين، لديهم ذكاء جماعي وهم قادرون على تكييف وسائل النضال مع الوضع الحالي من أجل الإبقاء على جذوة الثورة والحفاظ على التعبئة.


وتولى أطباء ومختصون في الصحة، منخرطون في الحراك الشعبي، إصدار بيان لإقناع من لا يزالون لحد الآن مترددين في وقف التظاهر.

وذكر الأطباء، أنه من منطلق درايتهم بواقع القطاع الصحي، فإنهم يدعون إلى تجنب التجمعات والمظاهرات وتعليق المسيرات الشعبية لمدة 3 أسابيع، مع تفادي أماكن الاكتظاظ كالأسواق وقاعات الحفلات والمساجد والمقاهي.


"تشنج داخل الحراك"

 
وفي تفسيره للجدل الدائر حول التظاهر، قال سعيد صالحي، نائب رئيس الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن الحراك يبقى شعبيا وعفويا ولا توجد وصاية عليه، وهناك من هو مسكون بروح التحدي للسلطات داخله.


وأوضح صالحي في تصريح لـ"عربي 21"، أن السلطة بدل تهدئة الأجواء ومحاولة استعادة الثقة، ذهبت لخيار تصعيد القمع والاعتقالات، ما خلق نوعا من التشنج في صفوف الحراك الشعبي.


لكن ذلك لا يعني وفق صالحي، أنه يجب إغفال خطر كورونا الذي يهدد، حسبه، الصحة العمومية والأمن القومي، ويتطلب وعيا كبيرا في التصدي له، على الحراك الشعبي أن يكون في طليعته.