سياسة عربية

دراسة حكومية تتوقع ارتفاع الفقر والبطالة بمصر بهذه النسب

الدراسة أشارت إلى أن أزمة كورونا ربما تتسبب في إضافة 1.3 مليون متعطل إلى إجمالي المتعطلين البالغ نحو 2.3 مليون مصري- جيتي

توقعت دراسة بحثية قام بها معهد التخطيط القومي التابع لوزارة التخطيط المصرية أن تتسبب أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد في ارتفاع معدل الفقر في مصر، ليرتفع عدد الفقراء بما يتراوح ما بين 5.6 إلى 12.5 مليون فرد خلال العام المالي 2020- 2021 وفقا لسيناريوهات مختلفة.

وقالت الدراسة، التي حملت عنوان "التداعيات المحتملة لأزمة كورونا على الفقر في مصر"، إنها استندت في قياس أثر أزمة جائحة كورونا على الفقر في مصر إلى ثلاثة عوامل رئيسية تتمثل في ارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض مستوى الدخل، وارتفاع مستوى التضخم.

وأضافت: "أظهرت النتائج أن انخفاض نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو نقطة مئوية واحدة يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر في مصر بنحو 0.7 نقطة مئوية، وكذلك فإن زيادة معدل البطالة بنحو نقطة مئوية واحدة يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر بنحو 1.5 نقطة مئوية، في حين أن زيادة معدل التضخم بنحو نقطة واحدة مئوية يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر بنحو 0.4 نقطة مئوية".

ولفتت الدراسة الحكومية إلى أن "زيادة أعداد المتعطلين عن العمل تعتبر أحد الروافد الرئيسية للفقر، ومن المتوقع أن يرتفع عدد المتعطلين عن العمل في مصر جراء الأزمة الحالية، إما نتيجة فقدان وظائفهم أو تراجع فرص العمل المتاحة أمام الباحثين عن العمل نتيجة تراجع الأداء الاقتصادي بصفة عامة وانخفاض الاستثمارات الخاصة".

وأضافت: "أشارت بعض التقديرات إلى أن الأزمة الحالية ربما تسبب في إضافة ما يتراوح بين 336 ألفا إلى 1.3 مليون متعطل إلى إجمالي المتعطلين في الربع الأخير من عام 2019، والذي بلغ نحو 2.3 مليون متعطل، وذلك نتيجة تأثر العمالة غير الرسمية في مصر بشكل كبير، وهو ما يعني ارتفاع معدل البطالة ليصل في المتوسط خلال عام 2020 إلى نحو 11.5%".

وأشارت إلى أن "وزارة التخطيط قدّرت عدد المعرضين لفقد وظائفهم بنهاية العام المالي 2019/ 2020 بنحو 824 ألف عامل، وفي حالة استمرار الأزمة حتى نهاية عام 2020 من المتوقع أن يصل العدد إلى 1.2 مليون فرد، معظمهم في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة والنقل والتخزين والصناعة التحويلية وخدمات أفراد الخدمة المنزلية الخاصة بالأسر، والسياحة".

وأردفت: "يُضاف إلى ذلك العمالة العائدة من الخارج، وخاصة دول الخليج، والتي تأثرت بشكل ملحوظ جراء جائحة کورونا، بالإضافة إلى تراجع أسعار النفط وهو المصدر الرئيسي للدخل بهذه الدول".

وقالت: "بالطبع تمثل عودة العمالة المصرية صدمة لسوق العمل المصري خاصة في ظل عدم قدرة سوق العمل على استيعاب هذه العمالة العائدة، والتي لا يوجد لها حصر دقيق حتى الآن وخاصة أن ترتيب إجراءات عودتهم إلى مصر تأخذ وقتا طويلا في ظل تعليق رحلات الطيران بين كافة الدول".

 

اقرأ أيضا: وزير مصري سابق لـ"عربي21": نتائج الاقتراض ستكون كارثية

واستطردت قائلة: "بالطبع ستؤدي هذه العمالة العائدة من الخارج إلى ارتفاع كبير في معدل البطالة، إلا أننا لا يجب أن نفرط في التشاؤم بشأن تقدير عدد العمالة العائدة من الخارج وخاصة في ظل الحديث عن اتجاه دول العالم نحو تخفيف الإجراءات ومن ثم فتح باب عودة النشاط الاقتصادي بشكل تدريجي مع أخذ كافة التدابير اللازمة".

"تراجع مستوى الدخل"

إضافة إلى زيادة المتعطلين، لفتت الدراسة إلى أن "هناك أيضا شريحة كبيرة معرضون لتراجع مستوى دخولهم وخاصة العاملين الذين يعملون لحسابهم الخاص، نتيجة الإجراءات الاحترازية من ناحية وتراجع الطلب من ناحية أخرى".

وتابعت: "يضاف إلى ذلك التراجع المتوقع في حجم تحويلات العاملين بالخارج، نتيجة توقف الأنشطة بالعديد من الدول واضطرار عدد كبير من العاملين بهذه الدول إلى العودة إلى مصر".

وأوضحت أن "بعض التقديرات تشير إلى تراجع تحويلات العاملين بنسبة تتراوح ما بين 10% في عام 2019/ 2020 في سيناريو مشابه لما حدث أثناء الأزمة المالية العالمية عام  2008/ 2009، وقد ترتفع النسبة إلى 15% في أسوأ السيناريوهات".

ووفقا لتقديرات معهد أبحاث سياسات الغذاء الدولي، من المتوقع أن ينخفض دخل الأسر الفقيرة في مصر في الريف بنسبة تتراوح بين 11.5% إلى  14.4% من متوسط دخلهم، وتصل النسبة في الحضر إلى ما بين 9.7% إلى 11.5%، نتيجة التراجع المتوقع في تحويلات العاملين بالخارج بالإضافة إلى تراجع الإيرادات السياحية".

وأكملت: "أظهرت النتائج أن انخفاض نمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنحو نقطة مئوية واحدة يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر في مصر بنحو 0.7 نقطة مئوية، وكذلك فإن زيادة معدل البطالة بنحو نقطة مئوية واحدة يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر بنحو 1.5 نقطة مئوية، في حين أن زيادة معدل التضخم بنحو نقطة واحدة مئوية يؤدي إلى زيادة نسبة الفقر بنحو 0.4 نقطة مئوية".

ونوّهت إلى أن "طبيعة الآثار الاجتماعية في كونها تحتاج إلى وقت أطول حتى تتجلى بوضوح، وذلك على عكس الآثار الاقتصادية، فإنه لا مجال هنا للحديث عن سيناريوهات حول توقيتات محددة لانتهاء الأزمة وبداية فترة التعافي".

"سيناريوهات الأزمة"

ووضعت الدراسة 3 سيناريوهات لارتفاع معدل الفقر تتعلق بمعدل البطالة، ونمو متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي، ومعدل التضخم.

وقالت الدراسة إنه بالنسبة لنمو نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي والذي يأخذ في اعتباره قياس الانخفاض المتوقع في الدخل نتيجة تراجع الطلب والعرض، علاوة على الانخفاض المتوقع في تحويلات العاملين، فقد تم الاعتماد على معدل النمو الاقتصادي المتوقع وفقا للسيناريو المرجح الذي أعلنت عنه وزارة التخطيط للعام المالي المقبل.

وتتوقع الوزارة نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.5% خلال العام المالي المقبل.

وافترضت الدراسة بقاء معدل التضخم عند 10% كمتوسط خلال العام المالي المقبل.

واعتمدت الدراسة في معدل البطالة على عدة سيناريوهات ومن ثم اختلفت النسبة التقديرية لمعدل ارتفاع الفقراء خلال العام المالي المقبل.

"السيناريو المتفائل"

يستند هذا السيناريو على معدل البطالة في مصر يصل في عام 2021 إلى نحو 11.5%.

ويتفق هذا السيناريو مع افتراضات بشأن بدء انحسار الأزمة نهاية عام 2020 والبدء في تخفيف الإجراءات وعودة النشاط بشكل تدريجي ومن ثم أثر محدود للعمالة العائدة من الخارج.

وتتوقع الدراسة أن تتسبب أزمة فيروس كورونا في ارتفاع معدل الفقر في مصر وفقًا لهذا السيناريو ليصل إلى 38% أو ما يعادل زيادة الفقراء بنحو 5.6 ملايين فرد في العام المالي المقبل.

ووفقًا لبحث الدخل والإنفاق لعام 2017- 2018 تبلغ نسبة المصريين الذين يعيشون تحت خط الفقر 32.5%.

"السيناريو الوسط"

يفترض فيه استمرار الأزمة لفترة زمنية أطول وبالتالي أثر أكبر على زيادة عدد المتعطلين، مع ظهور أثر أزمة العمالة العائدة من الخارج ومن ثم يفترض ارتفاع معدل البطالة إلى 13%.

وتتوقع الدراسة أن يرتفع معدل الفقر في مصر خلال هذا السيناريو ليصل إلى 40.2% أي ما يعادل زيادة الفقراء بنحو 7.8 ملايين فرد في العام المالي المقبل.

"السيناريو المتشائم"

في هذا السيناريو تتوقع الدراسة استمرار الأزمة وتأثيراتها على زيادة عدد المتعطلين، وتفاقم مشكلة العمالة العائدة من الخارج بشكل ملحوظ.

وتقول الدراسة إنه في ضوء بعض التقديرات بأنه قد يصل عدد العمالة العائدة من الخارج إلى مليون فرد أو ما يمثلون نحو 3% من قوة العمل في مصر ومن ثم يفترض هذا السيناريو ارتفاع معدل البطالة ليصل إلى 16%.

وسينتج عن هذا السيناريو المتشائم ارتفاع معدل الفقر في مصر ليصل إلى 44.7% أو ما يعادل زيادة الفقراء بنحو 12.5 مليون فرد في العام المالي المقبل.

وقالت الدراسة إن عدم وجود تقديرات سابقة لنسبة الفقر في مصر حتى عام 2020- 2021 بدون حدوث الأزمة، وفي ظل عدم اليقين حولها، فإنه يمكن افتراض أن نسبة الفقر في ظل الظروف العادية سوف تتراوح بين 30 إلى 35%.

وأضافت الدراسة أنه يمكن استنتاج أن الأثر الصافي لأزمة جائحة فيروس كورونا على زيادة عدد الأفراد تحت خط الفقر في مصر يتراوح بين 3 إلى 8 ملايين فرد وفقًا للسيناريو المتفائل.

وسيرتفع هذا العدد إلى ما بين 5 إلى 10 ملايين فرد وفقًا للسيناريو الوسط، وسيتراوح العدد بين 10 ملايين إلى 15 مليون فرد وفقًا للسيناريو المتشائم لمعدل البطالة.

"إجراءات لتخفيف الأزمة"

كما قدمت الدراسة عددا من التدخلات لتخفيف من حدة الأزمة على أوضاع الفقراء والحد من تضخم مشكلة الفقر في مصر، ومنها "تأجيل الزيادة المقررة في أسعار الخدمات الأساسية وفقا لبرنامج إصلاح منظومة الدعم أو على الأقل إعفاء الشرائح الدنيا والمتوسط من أي زيادات مقررة هذا العام".

واعتبرت الدراسة أن التحويلات النقدية المباشرة للعمالة غير المنتظمة، رغم فعاليتها في التخفيف من آثار الأزمة على هذه الفئة، إلا أن عدم وجود قاعدة بيانات لهؤلاء الأشخاص والاعتماد على قيامهم بالتقدم لإثبات أحقيتهم في الحصول على هذه التحويلات وضيق الوقت المخصص لمراجعة وفحص طلبات المتقدمين قد يؤدي إلى حصول من لا يستحق وحرمان من هو في أشد الحاجة لها.

وبحسب الدراسة فإن القيمة النقدية 500 جنيه ليست كافية لتعويض هؤلاء الأفراد عن دخلهم بالكامل.

وتقترح الدراسة الاستمرار في تقديم المنحة الشهرية للعمالة غير المنتظمة طالما استمرت الأزمة مع ضرورة مراجعة المستفيدين بدقة لضمان عدم وصول التحويلات لغير المستحقين.

وتشير الدراسة إلى منح فترة سماح لسداد فواتير الخدمات الأساسية والمرافق مثل الكهرباء والمياه والغاز وكذلك فواتير الإنترنت الثابت.

وطالبت الدراسة بضرورة مراجعة برامج الحماية الاجتماعية الحالية، بحيث تتضمن فئات أكثر مع التركيز على الفئات الأولى بالمساعدات.

ودعت إلى دراسة أوضاع العمالة العائدين من الخارج وخاصة من دول الخليج العربي وتقديم دعم مباشر للمحتاجين منهم.

واقترحت الدراسة المراقبة المستمرة للأسواق وتوفير المستلزمات الطبية للوقاية من انتشار الفيروس بأسعار مدعومة.

ودعت الدراسة القطاع المصرفي لتقديم تسهيلات ائتمانية كبيرة للشركات والأفراد للتخفيف من تداعيات الأزمة مثل تقديم قروض ميسرة قصيرة الأجل للشركات الصغيرة ومتناهية الصغر.