تقارير

العجلوني والسلطي.. حين تحلق النسور في فضاء فلسطين

سيرة مقاومين: فراس العجلوني وموفق السلطي على أبواب حرب حزيران 1967 ـ عربي21

لم يكن فقط عسكريا غاضبا من غياب التنسيق العربي المشترك ومن الاحتلال الإسرائيلي لأرض فلسطين، وإنما كان أيضا عاشقا وشغوفا بالطيران، أتقن جميع فنونه، الاستعراضية أو القتالية على حد سواء.

خرج من بيت من العسكريين والمقاتلين، ولا تزال سيرته بعد نحو 53 عاما على استشهاده حاضرة بكل تفاصيلها في المشهد الأردني في حقبة ما قبل وما بعد حرب حزيران/ يونيو 1967.

كان باحثا عن الشهادة ساعيا إليها سعيا حثيثا، حتى جاءته ساعية إليه سعيا حثيثا.

التحق الرائد الطيار فراس العجلوني المولود في بلدة عنجرة بمحافظة عجلون شمال الأردن عام 1936، بسلاح الجو الملكي الأردني طيارا مقاتلا عام 1954.

 



هو ابن محمد علي العجلوني أحد المشاركين في الثّورة العربية الكبرى التي أعلنها الشريف الحسين بن علي عام 1916 بهدف وحدة بلاد الشام والحجاز والعراق في مملكة عربية، كما شارك في معركة "ميسلون" ضد جيش الاستعمار الفرنسي غربي مدينة دمشق.

تلقى فراس العجلوني تدريباته العسكرية الأولية في الأردن ثم أرسل إلى بريطانيا في عدة دورات، وترقى في مناصبه حتى أصبح برتبة رائد وقائد سرب.

كانت أولى المعارك الجوية التي يشارك فيها العجلوني معركة الخليل عام 1966 حين كان يقود طائرة مقاتلة من طراز "هوكر هنتر" في مواجهة طّائرات إسرائيلية من طراز "ميراج"، وتمكن من إسقاط طائرات إسرائيلية دفعت قيادة الجيش إلى تكريمه ورفاقه بأعلى وسام عسكري أردني.

ورغم أن سلاح الجو الملكي الأردني كان حديث التأسيس وقتها فقد حقق أولى انتصاراته الجوية عام 1964، في معركة البحر الميت الجوية حين اعترضت أربع طائرات "هوكر هنتر" أردنية، أربع طائرات "ميراج" إسرائيلية وتمكنت من إسقاط طائرة وإصابة الثلاث الباقيات.

وفي إحدى المعارك الجوية فوق قرية السموع في الخليل عام 1966 استشهد الطيار الأردني موفق السلطي، ولم يكن العجلوني مشاركا في هذه المعركة.

وكان السلطي انطلق ورفاقه لصد العدوان الإسرائيلي على قرية السموع ونجح في التصدي للطائرات الإسرائيلية، وأثناء عودتهم، باغتت الطائرات الإسرائيلية موفق وأصابت طائرته، وعلى الرغم من أنه استطاع القفز بالمظلة إلا أن الطائرات لاحقته برشاشاتها حتى استشهد على الحدود الأردنية-الفلسطينية، ودفن في المقابر الملكية بعد أن أقيمت له جنازة عسكرية كبيرة، وأطلق اسمه على إحدى القواعد العسكرية التابعة لسلاح الجو الأردني الواقعة في منطقة الأزرق.

 



يذكر أن السلطي من مواليد عمان عام 1939، وعمل مدرسا لمدة عام انضم بعدها إلى سلاح الجو الملكي الأردني كطيار متدرب وبعد ستة أشهر من التدريب في قاعدة المفرق الجوية أرسل في دورة تدريبية إلى بريطانيا لمدة سنتين عاد بعدها إلى الوطن ليتولى تدريب الطيارين الجدد.

وفيما بعد استطاع الأردن عام 1967 شراء عدد من طائرات "إف 104" من الولايات المتحدة الأمريكية، التي تعتبر أكثر تطورا من طائرات "الهوكر هنتر"، وكانت قيادة هذه الطائرات تحتاج إلى التدريب لمواجهة الطيران الإسرائيلي، واختير ستة طيارين كان من ضمنهم فراس العجلوني للتدريب في الولايات المتحدة على الطائرة الجديدة على أن يدربوا باقي الطيارين حين عودتهم إلى الأردن.

استطاع العجلوني وزملاؤه في حرب الخامس من حزيران/ يونيو عام 1967 ضرب مطار اللد وحيفا أحد أهداف العمق الإسرائيلي الذي كانت مهمته ضرب المطارات في كل من سوريا ومصر، ونجح العجلوني في تدمير عدد من الطائرات والمواقع العسكرية، رغم التفوق الإسرائيلي العددي وفي الإمكانات المادية والتقنية.

عاد بعدها العجلوني ورفاقه إلى قاعدة الملك الحسين الجوية في المفرق من أجل تزويد الطائرات بالوقود والذخيرة لاستكمال مهمتهم العسكرية. وكانت الطائرات الإسرائيلية تترصده فقبل الإقلاع بطائرته وهو بداخلها أصابته طائرات العدو الإسرائيلي وهو على مدرج الإقلاع فاستشهد رغم محاولاته الإقلاع بالطائرة لمواجهة الطائرات المغيرة بعد عدة طلعات هجومية ناجحة.

كان الشهيد العجلوني أول طيار عربي يضرب العمق الإسرائيلي ويعود إلى قاعدته بعد أن حقق أهداف الغارة والمعركة الجوية.

أطلق اسم فراس العجلوني على شارع في إربد، وأطلق اسمه على الدوار الشهير في جبل الحسين بعمان، وسميت مدرسة باسمه في عمان، وصدر كتاب للصغار في عمان بعنوان "أسد فوق حيفا"، للكاتبة الأردنية روضة الفرخ الهدهد.

سيرة فراس العجلوني تختصر بكلمات قليلة وهي أن الإنسان العربي يستطيع أن يفعل المستحيل وينتصر في المعركة بالإرادة والتحدي والتدريب، وبأن قضية فلسطين هي قضية كل عربي، لقد كانت فلسطين قضية العجلوني والسلطي ومن سبقوهما في الشهادة أو لحقوا بهما.

مضى العجلوني والسلطي على درب كايد مفلح العبيدات ومحمد حمد الحنيطي ورفاقهم الذين استشهدوا دفاعا عن عروبة فلسطين.

وحين نتحدث عن الطيار الأردني نستذكر الشهيد الطيار معاذ الكساسبة الذي استشهد على يد "تنظيم الدولة/ داعش" عام 2015 وتمر ذكرى ميلاده هذه الأيام.