ملفات وتقارير

باحثون يقرأون أبعاد وصف إفتاء مصر فتح القسطنطينية بالاحتلال

تواجه دار الإفتاء المصرية انتقادات متكررة منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013 لتماهيها مع سياسات السلطة- صفحة الدار فيسبوك

حالة من الاستنكار والجدل، أثارتهما دار الإفتاء المصرية، بعد وصفها "فتح" القسطنطينية (إسطنبول) بالاحتلال العثماني، واستخدام منبرها للإفتاء السياسي، بدلا من الإفتاء الديني، والابتعاد بدار الفتوى عن مهامها الرئيسية في إفتاء الناس في أمور دينهم وحياتهم.

واتهمت دار الإفتاء المصرية، في نشرة جديدة لـ"المؤشر العالمي للفتوى" التابع لها، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأنه يستخدم حاليا ورقة المساجد لكسب مؤيدين له من "المتشددين" في الاستحقاقات الانتخابية المختلفة. على حد قولها.

وتابعت: "بُنيت آيا صوفيا، ككنيسة خلال العصر البيزنطي عام 537 ميلادية، وظلت لمدة 916 سنة حتى احتل العثمانيون إسطنبول (القسطنطينية) عام 1453، فحولوا المبنى إلى مسجد. وفي عام 1934، تحولت آيا صوفيا إلى متحف بموجب مرسوم صدر في ظل الجمهورية التركية الحديثة".

 

وتواجه دار الإفتاء المصرية انتقادات متكررة منذ انقلاب تموز/ يوليو 2013 لتماهيها مع سياسات السلطة، واستغلال منبر الإفتاء في إصدار فتاوى وتصريحات بعيدة كل البعد عن دورها الديني بدعوى محاربة الأفكار المتطرفة والمتشددة.

وصدق المفتي الحالي، الدكتور شوقي علام، على مئات أحكام الإعدام التي أصدرها القضاء المصري في قضايا وصفتها منظمات ومؤسسات حقوقية دولية بالمسيسة، راح ضحيتها عشرات المعارضين بينهم شباب صغار في العقد الثاني من أعمارهم، ولم تصدر عنه أي إدانة ضد انتهاكات السلطات المصرية المتكررة.

بيانات عسكرية لا دينية
وصف مستشار وزير الأوقاف السابق، الشيخ سلامة عبدالقوي، الحديث الصادر عن دار الإفتاء المصرية "بالصادم"، قائلا: "من المستغرب خروج مثل هذا الحديث من دار إفتاء عريقة، ولكن منذ الانقلاب العسكري ورصيدها لدى المسلمين بدأ محل شك؛ بسبب دورها وتكريس جهدها لإصدار فتاوى ومذكرات وتقارير تؤكد أنها لا تصدر عن جهة دينية إنما عن جهة عسكرية".


اقرأ أيضا :  "الإفتاء المصرية": العثمانيّون احتلّوا إسطنبول.. وردود


وفي تصريحات لـ"عربي21" أكد أن "المتتبع لإصدارات دار الإفتاء المصرية خلال السنوات الماضية سيجدها بعيدة كل البعد عن الصبغة الشرعية الفقهية، وأنها تحمل لغة وخطاب الحاكم العسكري، وكأنها إصدارات عسكرية وليست دينية".

وشدد عبدالقوي على أن "وصف الفتح بالاحتلال وصمة عار لأن الخلاف بينهما واضح وبين، المحتل غازي ومعتدي، يهدف لنهب ثروات ومقدرات البلاد، لكن الفتح الإسلامي للبلاد جاء لنشر الدين الإسلامي، وإقامة العدل، ورفع الظلم والمظالم عن الناس"، مشيرا إلى أن "النبي محمد بشر بفتح القسطنطينية معقل الدولة البيزنطية آنذاك التي كانت تناصب الإسلام العداء وتحاربهم في كل مكان".

انحراف دور الإفتاء
الباحث في الشؤون الدينية محمد عبد الشكور، أكد أن ما نشره موقع دار الإفتاء المصرية في تقرير مطول عن المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء شيء غريب ومريب حيث ينشر المؤشر دائما فتاوى سياسية لأغراض معينة ولكن في الفترة الأخيرة دأب المركز على نشر فتاوى ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مما جعله يقع في أخطاء دينية عديدة.

وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "وقع المرصد في خطأ كبير، في محاولته لكيل الذم والقدح للرئيس التركي، عندما وصف فتح القسطنطينية (إسطنبول) بأنه احتلال عثماني وتناسى في غيه وكيده أن الرسول عليه السلام قد بشر بفتح المدينة".

وانتقد مسلك دار الإفتاء السياسي بالقول: "هذا الكلام الغريب من دار الإفتاء مخالف للموروث الديني ولعقيدة الولاء والبراء ضد الأعداء فقد كانت الدولة البيزنطية عدوا صريحا للدولة الإسلامية، ولا نعلم سبب إصرارها على الزج بنفسها في مثل هذه الأمور السياسية وليست من الدين في شيء، ولكن كل الفتاوى التي تصدر مؤخرا عنها لابد وأن تضع الإخوان وتركيا وأردوغان في جملة مفيدة".