سياسة تركية

بعد لقاء ماكرون.. ماذا وراء زيارة بارزاني المفاجئة لتركيا؟

التقى الرئيس التركي برئيس إقليم كردستان العراق بارزاني بأنقرة- الأناضول

في ظل توتير شهدته العلاقة بين بغداد وأنقرة جراء العمليات العسكرية التي تشنها الأخيرة ضد حزب العمال الكردستاني، أجرى رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان البارزاني، الجمعة، زيارة مفاجئة إلى تركيا، التقى خلالها بالرئيس رجب طيب أردوغان.

زيارة البارزاني، جاءت بعد يومين من اجتماعات أجراها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مع كبار المسؤولين العراقيين في بغداد، ومنهم رئيس إقليم كردستان، والتي رفض خلالها التدخلات الخارجية في العراق، وهو ما فسره مراقبون بأنه يقصد تركيا تحديدا.

ذلك كله فتح باب التساؤل واسعا، حول أسباب زيارة نيجيرفان البارزاني ولقائه بالمسؤولين الأتراك.. وإلى أي حد يمكن أن تنهي التوتر المتصاعد بين بغداد وأنقرة بسبب المعارك ضد حزب العمال الكردستاني، وهل لها علاقة بزيارة الرئيس الفرنسي إلى العراق؟


ملفات مهمة

من جهته، قال الكاتب والباحث السياسي من إقليم كردستان العراق، كفاح محمود، لـ"عربي21" إن "الزيارة ليست مفاجئة، وإنما خطط لها مسبقا، إذ كانت آخر زيارة أجراها إلى تركيا في حزيران/ يونيو 2019، وأعقبه بعدها رئيس حكومة الإقليم مسرور البارزاني في نوفمبر من العام ذاته".

وأضاف محمود أن "هذه الزيارة جاءت مكملة للعلاقات الطيبة بين أنقرة وأربيل، رغم ما شابها مؤخرا بسبب تصاعد العمليات العسكرية بين تركيا وحزب العمال الكردستاني".

وبيّن أن الزيارة مهمة لأن "تركيا شريك أساسي لإقليم كردستان في الاقتصاد، إذ يبلغ حجم التبادل التجاري مع الإقليم أكثر من 10 مليارات دولار سنويا، ومثلها أيضا مع حكومة العراق. كذلك نفط الإقليم يصدّر عبر الأنابيب إلى ميناء جيهان التركي، فضلا عن الاتفاقات طويلة الأمد بين أربيل وأنقرة".

 

اقرأ أيضا: بغداد تستدعي سفيري أنقرة وطهران بعد عملياتهما شمال العراق

ونوه محمود إلى أن الزيارة جاءت بعد انتهاء الاجتماعات التي حصلت في بغداد، بين نيجيرفان البارزاني والرئاسات الثلاث وبعض قادة الكتل السياسية، وكذلك لقائه بالرئيس الفرنسي ماكرون.

 

وتابع: "من المؤكد أن البارزاني بحث ملفات مهمة مع وزير الخارجية التركي، وبعدها مع الرئيس أردوغان بخصوص العلاقات الثنائية، لأن أي مسؤول في إقليم كردستان لا يذهب إلى أي دولة إلا بعد التشاور مع الحكومة العراقية".

محاولة للتهدئة

وأشار إلى أن "نيجيرفان البارزاني بالإمكان أن يلعب دورا في تهدئة التوتر الذي حصل مؤخرا بين بغداد وأنقرة، خصوصا أنه يعتبر مهندس العلاقات الدبلوماسية في كثير من الأمور، وبالتالي فهو قادر على إحداث تغيير إيجابي في هذا الصدد".

وتوقع محمود أن تثمر الزيارة الذهاب إلى الخيار السلمي بين بغداد وأنقرة وكذلك مع أربيل. لكنه استبعد أن تفضي إلى تهدئة التصعيد العسكري بين تركيا والعمال الكردستاني، كونه صراعا يمتد إلى سنوات طويلة.

واتساقا مع ذلك، قال المحلل السياسي عدنان السراج لـ"عربي21" إن "للبارزاني ربما دورا إيجابيا بالاتفاق مع بغداد وبحكم علاقاته الودية مع المسؤولين الأتراك، وبالتالي فهو سيفتح العديد من النقاشات المهمة، وخصوصا في ما يتعلق بمحاربة تركيا للعمال الكردستاني وتخفيف حدة الهجمات في العراق".

وأضاف: "إذا كانت الزيارة منسقة مع بغداد فهي تشكل بداية مهمة وجدية للوصول إلى تفاهمات مع الأتراك، لكن بالتأكيد لن تكون نتائجها كما يتمناها البارزاني أو بغداد وحتى فرنسا، لأن الكل ينتظر إنهاء الأزمات داخل الناتو، وحلحلة الوضع في ليبيا، وبعدها يمكن التفكير بحل جدي في العراق".

دلالات واضحة

وبخصوص ربط زيارة البارزاني إلى أنقرة بلقائه مع ماكرون، قال السراج: "بالتأكيد زيارة ماكرون إلى بغداد ولقائه بالبارزاني تعطي دلالة واضحة على أن الفرنسيين جادين في دعم الإقليم والعراق سياسيا لمواجهة التدخل التركي داخل العراق".

 

اقرأ أيضا: محللون عراقيون يقرأون أهداف زيارة ماكرون السريعة للعراق

وأعرب عن اعتقاده بأن "تضع زيارة البارزاني النقاط على الحروف مع تركيا، لكنها تحتاج إلى جدية حقيقية من بغداد والمجتمع الدولي لوضع حد لقرار أنقرة بمطاردة ومعاقبة حزب العمال الكردستاني-الذي يسبب أضرارا داخل تركيا- على الأراضي العراقية".

ورأى السراج أن "تركيا اليوم تشغلها الكثير من الملفات، ومنها ما يتعلق بعلاقاتها مع اليونان، والواقع في ليبيا، والأولويات في سوريا، وأيضا تقاطعاتها مع روسيا. أما في العراق فإن استراتيجية ضرب العمال الكردستاني هي موضوع محسوم بالنسبة لها".

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قد استقبل الجمعة، رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، وجرى اللقاء في المجمع الرئاسية في العاصمة أنقرة، بشكل مغلق واستغرق نحو ساعة و15 دقيقة، إذ لم يصدر أي بيان من الطرفين يتحدث عن تفاصيل اللقاء.

وفي وقت سابق الجمعة، التقى وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، بارزاني، في أنقرة. وبعدها قال تشاووش أوغلو في تغريدة على "تويتر"، إن الكفاح المشترك ضد منظمة "بي كا كا"، كان على رأس المواضيع التي جرت مناقشتها.