ملفات وتقارير

هل تنجح لجنة "علماء الأزهر" بضبط "فوضى الفتوى" بمصر؟

أفتت الدكتورة آمنة نصير بجواز زواج المسلمة من غير المسلم- جيتي

في ظل ما يثار من فتاوى مثيرة للجدل في مصر عبر الفضائيات الحكومية والخاصة، قرر شيخ الأزهر، الشيخ أحمد الطيب، إنشاء لجنة عليا للإفتاء بالأزهر.

اللجنة المكونة من سبعة علماء، ويشرف عليها وكيل الأزهر الأسبق الدكتور عباس شومان، تأتي بهدف إخضاع جميع جهات الفتوى التابعة له، وهي "مركز الأزهر للفتوى"، و"اللجنة الرئيسية للفتوى بالجامع الأزهر"، و"اللجان الفرعية للفتوى بالمحافظات"، لإشراف هيئة كبار العلماء.

وقرر الأزهر تشكيل هيئة استشارية؛ لوضع السياسات العامة للفتوى وقواعد ضبطها، تضم مفتي الجمهورية الأسبق الدكتور نصر فريد واصل، ووكيل الأزهر الدكتور محمد عبدالرحمن الضويني، ونائب رئيس جامعة الأزهر الدكتور محمد أبو زيد الأمير.

وتضم أيضا، وكيل الأزهر الأسبق الدكتور عباس شومان، والأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور نظير محمد عياد، وعضو مجمع البحوث الإسلامية الدكتور عبدالله النجار، وعضو هيئة كبار العلماء الدكتور حمدي صبح.

وحسب تصريح عضو اللجنة الدكتور نظير عياد، لموقع "مصراوي" المحلي، فإن الهيئة ستعمل على ضبط الفتوى الصادرة من الجهات التابعة للأزهر، وخروج الفتوى وفق المنهج الوسطي الأزهري، وألا يوجد نوع من التعدد للفتوى أو التعارض أو التكرار.

تكوين لجنة العلماء بالأزهر، جاء بعد أيام من جدل أثاره أكاديميون بجامعة الأزهر عبر الفضائيات، ودعوا إلى فتاوى مثيرة للجدل حول "زواج المسلمة من غير المسلم"، و"المساواة في الميراث" بين الذكر والأنثى.

وأفتت النائبة بالبرلمان المصري وأستاذة العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، الدكتورة آمنة نصير، في مقابلة على قناة "الحدث اليوم" المحلية، بجواز زواج المسلمة من غير المسلم، زاعمة عدم وجود نص قرآني قاطع بالتحريم.

 

اقرأ أيضا: دار الإفتاء المصرية تغير تعريفها للزواج ثلاث مرات

وفي السياق ذاته، دعا أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، الدكتور سعد الهلالي، عبر برنامجه بالفضائية المصرية الأولى "كن أنت"، لتغيير قوانين الميراث القائمة على الشريعة الإسلامية.


وهي الفتاوى التي أثارت جدلا بين المصريين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.



"خطة عمل اللجنة"

بدورها، توجهت "عربي21" إلى عضو اللجنة العُليا للإفتاء بالأزهر، مفتي الديار المصرية السابق، الشيخ نصر فريد واصل، بالتساؤل حول توقعاته لمدى نجاح لجنة العلماء السبعة بالأزهر في ضبط الفتوى بمصر، ليجيب بقوله: "تنجح إن شاء الله؛ فالأزهر وعلماؤه الأجلاء ورجالات أبحاثه وبحوثه وكلياته الشرعية قادرون على تحقيق هذا الهدف، وعلى رأسهم شيخ الأزهر".

وحول خطة عمل اللجنة المتوقع، بقطع الطريق على الفتاوى المثيرة للجدل، أكد عضو هيئة كبار العلماء على أن "خطة العمل متكاملة، والأزهر بكل مؤسساته يعمل على ترجمة القرآن الكريم، والسنة النبوية، وكل الأمور الدينية التي تحتاج إلى إبراز الرأي فيها بكل لغات العالم".

ولفت رئيس "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" إلى أن "الأزهر الشريف يعمل جيدا حتى يسبق كل هذه الاستفسارات والفتاوى، والرد على الشبهات قبل صدورها".

وأوضح أن "اللجنة مستقبلا تستطيع القول إن فلانا هذا لا يصلح للفتوى بناء على عدم تخصصه، خاصة من يتصدرون للفتوى عبر الفضائيات".

وأشار إلى أن "هناك حالتين؛ الأولى لشخص يتصدر الفتوى ووراءه جهات معينة تدفعه بإعلام خاص لإثارة هذه البلبلة، والثانية لشخص عادي ربما يكون ليس تحت جهة معينة، لكنه غير عالم أو غير فاهم أو جاهل، ويثير الفتاوى من باب خالف تعرف".

ويرى أنه يجب الرد على الشبهة دون ذكر اسم من أطلقها، لأن مطلق الشبهة ينتظر رد هيئة كبار العلماء عليه، ما يرفعه إعلاميا، ويزيد فرصه بالتوجيه الإعلامي والتدليس على الناس، وبالتالي يكون الرد بالقول إن رأيه لا قيمة له في التشريع الإسلامي ومجال البحث والمناظرة، وإهمال اسمه هو الأساس".

وقال الشيخ واصل، إنه "في ظل الحرب القائمة من الإعلام وجب إطلاق فضائية الأزهر التي يعد لها منذ زمن وستظهر قريبا، لكن ينقص بعض الجوانب الفنية مع تدبير الميزانية الكبيرة المطلوبة".

ولفت إلى أن "الإعلام ينطلق من العالم شرقه وغربه لمناهضة الإسلام؛ وما حدث ويحدث في العالم الغربي هو في بعض منه محاولة للنيل من الإسلام، فهم لا يريدون أن يكون لديننا ثقله في العالم".

وربط مفتي مصر السابق في نهاية حديثه بين "الهجمة الداخلية في مصر على الإسلام وبين الهجمة التي يتعرض لها الدين وأتباعه في أوروبا".

"حسنا فعل الأزهر"

من جانبه، أعرب وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق، الشيخ سالم عبدالجليل، عن أسفه لما وصلت إليه أوضاع الفتوى على يد من يتصدرون لها دون علم، مشيدا بقرار الأزهر الشريف بتدشين لجنة العلماء السبعة.

 

اقرأ أيضا: جدل في مصر حول زواج المسلمة من غير المسلم

الشيخ عبدالجليل، أكد خلال حديثه لـ"عربي21"، أن تلك اللجنة قادرة على "وقف هذا الطوفان من الفتاوى المثيرة والشاذة والهدامة"، وقال: "بلا شك، فإنه عندما تقول اللجنة قولها في أي فتوى أو أمر فعلى الجميع أن يصمت".

وأضاف: "ومع ذلك، فإن الفتاوى الخاطئة بغض النظر عن هدفها لن تتوقف وسيخرج من هنا، وهناك كل فترة من يقول بفتاوى أخرى، سواء بحسن نية أو سوء نية بجهل أو عمد، والأمر لن يتوقف".

وتابع: "ولكن على الأقل، عندما تتابع اللجنة هذه المواقف، وتقول قولها الفصل، لن يكون للناس حجة، ولن يكون هناك قولان، والهدف هنا أن ينجح الأزهر في أن يريح الناس ويغلق الباب على الفتاوى الشاذة".

الداعية الإسلامي، قال إن "الهجمة العلمانية الجارية على قواعدنا وثوابتنا وأصولنا نعلمها جديدا ونفهمها، ولكن عندما تأتي المصيبة (الفتوى الشاذة) من بعض المنتسبين للأزهر، بغض النظر أن له تخصصا شرعيا أم لا، أو ليس له أو لها علاقة بالفقه ولا الشريعة ولا القرآن الكريم وتفسيره، فالناس بالنهاية يقولون إنه أو إنها من الأزهر".

وختم وكيل وزارة الأوقاف المصرية الأسبق حديثه بالقول: "حسنا فعل الأزهر بهذه اللجنة، وأن تقول للناس هذا هو القول الفصل".

دار الإفتاء

وفي هذا الإطار، أشار مدير مركز الدراسات الاستراتيجية وأخلاقيات الاتصال الدكتور سعد الزنط، عبر حسابه "فيسبوك"، إلى ضعف دور دار الإفتاء المصرية، متسائلا: "قرار الإمام الطيب بإنشاء لجنة عُليا للإفتاء بالأزهر هل لإدراكه تقصيرا من المفتي وممن حوله في الاضطلاع بالدور المنوط بهم؟".

وأضاف: "إن كان الأمر هكذا، فعلى الدولة أن تبحث من الآن عن مفتي بمواصفات تلائم المرحلة وتدعمه، ويُعاد هندسة سليمة لساكني الدار".