ملفات وتقارير

ماذا وراء انتشار "سرايا الصدر" في عدد من مدن العراق؟

انتشار المليشيا قوبل بصمت رسمي عراقي- ارشيفية

شهدت العاصمة العراقية بغداد، ومدينتا كربلاء والنجف، الاثنين، انتشارا لمليشيا "سرايا السلام" التابعة لزعيم الشيعي مقتدى الصدر، وذلك بعد إعلان "وزير الصدر" صالح محمد العراقي، حالة النفير العام، زاعما وجود مخطط "داعشي- بعثي" يستهدف "المقدسات".


انتشار "مليشيا الصدر"، المدججة بمختلف أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، صاحبه صمت لافت من الجهات الرسمية العراقية، لا سيما الأمنية منها، حيث لم تعلق بنفي أو تأكيد رواية التيار الصدري بخصوص وجود مخطط يستهدف "المقدسات".


رسائل عدة

 
من جهته، قرأ المحلل السياسي العراقي، حسين السبعاوي، انتشار "سرايا السلام" بأنه يحمل رسائل عدة، أولها أن "قوى اللادولة هي أقوى من الدولة، وأن كل ما يصرح به رئيس الحكومة، مصطفى الكاظمي، عن بناء المؤسسات الأمنية ما هو إلا هراء بعيد عن الواقع".


وأضاف السبعاوي لـ"عربي21" أن "الرسالة الأخرى كانت موجهة لزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، الذي خرج قبل أيام وتحدث عن "البطة" (سيارة استخدمتها مليشيات جيش المهدي للاغتيالات والخطف إبان سنوات الحرب الطائفية 2006 – 2008)، لذلك أراد الصدر إعطاءه رسالة بأن "البطة" استبدل بها نوع آخر".


وتابع: "الرسالة الأخرى تندرج ضمن مساعي مقتدى الصدر للحصول على رئاسة الحكومة، لكن عملية نشر المليشيات لن تصب في صالحه، لأن عمقه الإستراتيجي في المناطق الشيعية، لذلك أعتقد أنه خسر في هذه الحركة الأخيرة أكثر مما ربح".


وشدد السبعاوي على أن "العراق اليوم يعيش حالة من الفوضى بعيدة عن مؤسسات الدولة الأمنية والسيادية، لأن السيادة مفقودة، والدولة ليس لها نفوذ إلا في المناطق السنية من البلاد".


واستبعد المحلل السياسي بشكل جازم "وجود مخطط يزعم أنه يستهدف المقدسات، لأن تنظيم الدولة ليس له أي قدرة في السيطرة على مناطق، أو مسك الأرض، وإنما هو مختبئ في مناطق الصحراء، لذلك من حيث السياق العسكري فإن المخطط بعيد عن أرض الواقع".


أما بخصوص غياب الموقف الحكومي مما حصل، قال السبعاوي: "ندرك قديما أن الأجهزة الأمنية الرسمية متواطئة مع هذه المليشيات، لأنه في السابق عندما دخل التيار الصدري إلى المنطقة الخضراء كانت هذه القوات متواطئة".


وتساءل السبعاوي، قائلا: "ماذا لو نشر أحد من مسؤولي أو نواب المكون الآخر (السنة) مثل هذه القوات، فهل ستقف الأجهزة الأمنية متفرجة؟ الجواب: ستسحقهم عن بكرة أبيهم. إذن في ظل هذه الازدواجية القائمة منذ 2003 وحتى اليوم، فإنهم عاجزون عن بناء دولة مؤسسات قادرة على حفظ سيادة البلد".


مرحلة خطيرة


وعلى الصعيد ذاته، قال الباحث في الشأن السياسي، سعدون التكريتي، لـ"عربي21"، إن "المناطق الثلاث (النجف، كربلاء، بغداد) التي انتشرت فيها مليشيات الصدر، كلها تحمل رمزية سياسية ودينية بالنسبة للشيعية، إضافة إلى أنها تسيطر على مدينة سامراء منذ عام 2014".


وأوضح التكريتي أن "الصدر بخطوته هذه كان يستعرض قوته العسكرية، في تلويح واضح منه للأطراف التي قد تقف عائقا أمام وصول تياره إلى رئاسة الحكومة المقبلة، سواء كانت هذه الجهات محلية أو إقليمية ودولية، ويطرح نفسه على أنه الحامي الوحيد للشيعة ومقدساتهم دون منازع".


أما الحديث عن وجود مخطط "داعشي- بعثي"، فيؤكد التكريتي أنه "مسوغ لا يمكن لأحد تصديقه، لأن الجهتين التي ذكرهما لا تأثير لهما على أرض الواقع، وإنما أرادها ذريعة لنشر قواته، ومن ثم امتداحهم (سرايا السلام) على انضباطهم وتنظيمهم وسرعة استجابتهم، وكلها تندرج ضمن استعراض القوة".


وبخصوص التزام الجهات الرسمية الصمت، قال التكريتي: "الموضع أصبح اعتياديا بالنسبة للعراقيين، لأن القوات الأمنية لا تقوى على الاصطدام والمواجهة مع مليشيات أقل قوة وعددا من سرايا السلام، فما بالك بمليشيا تتبع لأكبر تيار شيعي في العراق".


الأمر الآخر، يضيف التكريتي، هو أن "وجود مصطفى الكاظمي في رئاسة الحكومة حتى اليوم، قائم على دعم التيار الصدري له بشكل أساسي، مع أطراف شيعية أخرى، وما يؤكد ذلك هو وصف الكاظمي للصدر قبل مدة بأنه زعيم المقاومة في العراق، وهذا يكشف طبيعة العلاقة بين الطرفين".


وخلص الباحث إلى أن "مرحلة الانتخابات المقرر إجراؤها في 10 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وما بعدها، ستكون حرجة جدا على العراق، لأن جميع الأطراف الشيعية المسلحة هي اليوم في أوج قوتها وسطوتها، وأن أي احتكاك بينهم على رئاسة الحكومة قد يدخل البلد في دوامة عنف خطيرة".


وكان النائب العراقي، نعيم العبودي، المتحدث باسم تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، أعلن الاثنين أن تحالفه سيرشح الأخير لرئاسة الوزراء خلال الدورة المقبلة "إذا رغب العامري بذلك".


وقال العبودي في تصريح تلفزيوني إن "تحالف الفتح (القريب من إيران) سيحصل على 50 - 60 مقعدا في الانتخابات المقبلة، كما سيحصل على 5 مقاعد في الناصرية". وأضاف: "إننا نطمح لرئاسة الوزراء. ومن حق الجميع أن يطمح لذلك".