صحافة إسرائيلية

إيكونوميست: فرنسا لا تريد تورطا طويلا بحرب الساحل الأفريقي

تواجه باريس في المستعمرات القديمة التي دعمت فيها الحكام المستبدين اليوم احتجاجات شعبية- جيتي

تحدثت مجلة "إيكونوميست" عن الطريقة التي يمكن فيها للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تجنب سيناريو "الحرب الدائمة" في منطقة الساحل الأفريقي.

 

وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن فرنسا وعلى مدى 8 سنوات ماضية كانت تقود حربا ضد الإرهاب في أفريقيا. ووصلت القوات الفرنسية إلى مالي في 2013 لمحاربة المتمردين الذين كانوا يتقدمون نحو العاصمة المالية باماكو واستمرت في مواجهة الجهاديين.

 

ويتركز القتال في ثلاث دول هي مالي والنيجر وبوركينا فاسو ويمتد على منطقة هي أربعة أضعاف مساحة فرنسا وتشمل منطقة الكثبان العظمى في جنوب الصحراء إلى غابات الأكاسيا الشوكية عبر الساحل، وهي منطقة قاسية.

 

وفي العام الماضي نفذ الجهاديون عمليات أدت إلى مقتل حوالي 6.200 شخص بزيادة 31% عن عام 2019 وتشريد مليوني شخص آخرين مع 31 مليون نسمة بحاجة لمساعدات غذائية.

 

ولا يهدد النزاع الدول الأفقر في العالم والتي يتزايد عدد سكانها بشكل مطرد ولكن بالتوسع إلى الساحل الغربي في ساحل العاح وغانا وبينين التي يعتبر استقرارها ضروريا إن أراد هذا الجزء من أفريقيا الازدهار.

 

وفي العام الماضي قام ماكرون وبالتشاور مع قادة دول المنطقة بزيادة 600 جندي فرنسي إلى 5.100 في عملية باركان.

 

وانتصر الفرنسيون الذين عملوا مع القوات المحلية في عدة معارك، وبخاصة ضد تنظيم الدولة في الصحراء الكبرى.

 

وهزت العملية الفرنسية من خلال استهداف مخابئ المقاتلين وضرب قوافلهم من الدراجات النارية وشاحنات البيكب هذه الجماعة الجهادية.

 

اقرأ أيضا : داعش يتوسع بأفريقيا.. موزمبيق وتنزانيا والكونغو ملعبه الجديد

 

ولكن فرنسا وجدت تهديدات من جماعات أخرى مرتبطة بالقاعدة مثل جماعة أنصار الإسلام والمسلمين، مما جعلها في وسط معركة غير قادرة على الانتصار بها ولا أحد ممتن لما تقوم به من عمل.

 

ففي فرنسا تحظى عملية باركان بدعم الأحزاب الفرنسية لكن استطلاعا وجد أن هامشا صغيرا بات يدعم الحرب الآن.

 

وفي المستعمرات القديمة التي دعمت فيها فرنسا الحكام المستبدين وغضت النظر عن انقلاباتهم تواجه احتجاجات شعبية. 

 

وفي مؤتمر عقده ماكرون في 16 شباط/فبراير وعد قادة دول الساحل أنه لن يسحب قواته ولكنه حذرهم من أن هذه "ليست حربا بلا نهاية".

 

ولكن ماكرون الذي سيخوض انتخابات رئاسية العام المقبل يراقب أيضا التظاهرات المعادية لفرنسا بالمنطقة. 

 

وتحسن أداء القوات المحلية منذ 2013 عندما سيطر الجهاديون على شمال مالي وزحف المتمردون نحو العاصمة باماكو، إلا أنها ليست في وضع لمواجهة التحديات وحيدة وبدون دعم من القوات الفرنسية والغطاء الجوي الفرنسي بالإضافة للمعلومات الاستخباراتية التي تجمعها المخابرات الأمريكية وبقية الدول الغربية.

 

وبالكاد تسيطر مالي على مناطقها الشمالية والوسطى الواقعة خارج المدن الكبرى، وهذا رغم وجود 15.000 عنصر من قوات الأمم المتحدة.

 

وقال مسؤول أمريكي: "لم نر بعد أي تغير دراماتيكي يحرف الموجة تجاه الحكومات" المحلية. ولعل واحدا من الأسباب هو التركيز على الحل العسكري.

 

وفي الوقت الذي نجحت فيه القوات الفرنسية "بتنظيف العشب" الجهادي إلا أنها لم تكن قادرة على "وقف التوسع الجهادي"، كما يقول إبراهيم يحيى إبراهيم من مجموعة الأزمات الدولية ومقرها بروكسل.

 

ويستطيع المتشددون التمدد في المناطق المهملة من الحكومة والتي لا تتوفر فيها المدارس والعيادات.

 

وتدعم فرنسا وشركاؤها مشاريع تنمية ولكنها فاشلة، وهي تحاول تحسين الأمن المستحيل بدون تنمية. وتحاول دفع التنمية التي لا تتم بدون أمن.

 

كذلك هي بحاجة لأن تظهر تقدما حتى تجد طريقا مشرفا للخروج من حالة التراجع الشعبي. وهناك محدودية لما يمكن أن تقوم به القوى العسكرية الخارجية، فكما تعلمت الجيوش الغربية في الصومال وأفغانستان، فهذه معركة لن يتم الانتصار بها إلا من خلال الحكومات المحلية.

 

وأضافت المجلة أن كل هذا يعتمد على السكان في الريف الذين يرون في الجهاديين جماعة أقل فسادا وافتراسا من الحكومات المركزية.

 

وقالت المجلة إنه يجب على حكومات مالي والنيجر وبوركينا فاسو عمل المزيد لتوفير الخدمات والمياه الصحية والمدارس والعيادات.

 

وعلى هذه الحكومات الحد من الرشوة وانتهاكات حقوق الإنسان. وفي العام الماضي قتل مدنيون على يد قوات الحكومة أكثر مما قتل الجهاديون.

 

ولا يمكن لفرنسا والدول الغربية عمل الكثير لتحسين أساليب الحكم في هذه البلدان، وكل ما يمكنها عمله هو جعل الدعم العسكري مشروطا بإصلاحات ملموسة ومحاكمة الجنود المتهمين بارتكاب جرائم حرب.

 

ورغم رغبة ماكرون بعودة القوات إلا أن المنطقة بحاجة لقوات إضافية في السنوات المقبلة. ولا يمكن لفرنسا تحمل العبء بنفسها بل على دول المنطقة المشاركة.

 

وساهمت بعض الدول الأوروبية وإن بشكل متواضع بمعالجة الأزمة وهناك دول لم تف بما وعدت، ولا أحد يريد التورط في حرب بلا نهاية لكن هزيمة الجهاديين تحتاج إلى أموال وجيوش وتعاون وفوق كل هذا صبر.