ملفات وتقارير

من وراء دعوات هدم تمثال المنصور ومرقد أبي حنيفة بالعراق؟

هل تترجم الدعوات الافتراضية إلى أفعال على الأرض؟ - جيتي

تصاعدت خلال الأيام القليلة الماضية، دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي في العراق تطالب بهدم تمثال باني بغداد أبي جعفر المنصور، وجامع ومرقد الإمام أبي حنيفة النعمان، تبعه تجمع العشرات على مقربة من هذه الأماكن قبل أن تفرقهم القوات الأمنية.


تلك الدعوات التي وصفت بأنها مبنية على توجهات طائفية، واجهت تنديدا شعبيا وسياسيا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط صمت لافت للقوى والفصائل الشيعية البارزة في العراق، التي لم يصدر عنها أي تعليق حتى وقت كتابة التقرير.

 

 

 


أهداف سياسية


وتعليقا على توقيت هذه الدعوات والجهات التي تقف وراءها، ربط المحلل السياسي العراقي، حسين السبعاوي، في حديث لـ"عربي21" ما يجري بقرب موعد الانتخابات البرلمانية المبكرة المقرر إجراؤها في 10 تشرين الأول/ أكتوبر المقبل.


وقال السبعاوي إنه "عندما خرج متظاهرو تشرين، أفلست الأحزاب الطائفية وفقدت جمهورها بالكامل وتحولت إلى دكاكين سياسية مغلقة، لكن مع قرب الانتخابات بدأت تشحن أتباعها لمثل هذا الطرح لعله ينفعها".


واتهم الخبير في الشأن العراقي جهات قريبة من إيران بالوقوف وراء هذه الدعوات، بالقول: "لا ينكر دور إيران وهيمنتها على العراق وارتباط هؤلاء الولائيين (الموالين لإيران) وجمهور الأحزاب بإيران، لذلك أعتقد أنه عامل إقليمي وداخلي يقف وراء هذه التحركات".

 

اقرأ أيضا: عراقيون يعتدون على موكب الكاظمي.. والأخير يعلق (شاهد)

وتابع: "قد لا ينفذون هذه التهديدات، لكن بالتالي هو شحن طائفي لا يخدم سوى إيران والأحزاب الطائفية التي أفلست من جمهورها بعد ثورة تشرين الأول/ أكتوبر 2019".


ورأى السبعاوي أن "الأزمات ستبقى تستمر سواء أجريت الانتخابات في وقتها أم لم تُجرَ، لأن النظام الحالي في العراق معروف بأنه نظام بني على أساس طائفي، فهو صانع للأزمات السياسية والأمنية، لأنه يستطيع الاستمرار دون ذلك، إضافة إلى أنه أداة بيد قوى خارجية".


واستبعد الخبير العراقي أن "يجري تفجير لأي من هذه الأماكن، لأن الجمهور سينحاز بحالة عكسية وهم يدركون ذلك، فعندما جرى تفجير المرقدين في سامراء عام 2006، دخلت الحرب الطائفية وقتل مئات الآلاف من العراقيين وهجّر الملايين".


أجندات خارجية


وفي المقابل، رأى المحلل السياسي العراقي، أثير الشرع، في حديث لـ"عربي21" أن "ما يجري تقف وراءه أجندات خارجية الغاية منها تأجيج وتصعيد المشهد الداخلي لتأجيل الانتخابات، بعدما أيقنت بعض الدول أن الانتخابات المقبلة هي فيصل مهم ومفترق طرق لاستقرار العراق".


وأضاف الشرع أنه "بعد فشل مرحلة الطائفية وبروز كتل سياسية وطنية تتشارك في الانتخابات المقبلة، بدأت بعض الأجندات الداخلية بتأجيج الصراع الداخلي، فصدرت دعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لهدم تمثال أبي جعفر المنصور، وهدم مرقد الإمام أبي حنيفة النعمان في الأعظمية".


وأوضح الخبير العراقي أن "هناك أجندات خارجية تحاول فرض واقع أمني جديد داخل العراق، لكن أعتقد أنها ستفشل، ولن تنجح في تأجيج الفتنة الطائفية التي شهدها البلد عام 2005-2006، فهذه محاولات خارجية لتأجيل الانتخابات ليس أكثر".


وبخصوص عدم صدور تنديد من القوى الشيعية، قال الشرع إن "قادة الكتل السياسية لا يرومون التعليق على دعوات تافهة كهذه، فهي غير موجودة على أرض الواقع، لأن المواطن العراقي لا يرضى بها بمختلف انتماءاته".


وتابع: "كذلك الوضع السياسي الراهن؛ تبدل اليوم عما كان عليه في السابق، فهناك قوى سنية قريبة من إيران وأخرى شيعية قريبة من بلدان سنية، لذلك فإن القواعد السياسية تغيرت".


جماعة الشيرازية


من جهته، اتهم السياسي العراقي قصي محبوبة جماعة "الشيرازية" بالوقوف وراء افتعال موضوع تمثال المنصور، ومرقد أبي حنيفة، مشيرا إلى أن "الشيرازية فرع من الشيعة المغالين والمتطرفين، وهم يسبون الصحابة ويهاجمون المراجع في النجف".


وتساءل محبوبة عبر تغريدة في حسابه على "تويتر" السبت، قائلا إن الشيرازية "محاصرون في إيران والعراق، فمن سمح لهم الآن ولماذا؟".

 

 

 

 

 

وفي السياق ذاته، قال الكاتب العراقي داود البصري في سلسلة تغريدات على "تويتر" إنه "ينبغي اعتبار جماعة الشيرازية جماعة إرهابية يلاحقها القانون لدورهم التخريبي الكبير في العبث بالوحدة الوطنية المزعومة، وإثارتهم الكراهية ودعوتهم للحرب الأهلية، وتطبيق المادة (4 إرهاب) عليهم  ومنع نشاطهم بالكامل لو كانت هناك دولة تحكم".


وأضاف: "عصابة الشيرازية الثرية والمتمكنة ماديا والمتمتعة بعقلية خرافية جبارة هي المهيمنة على شيعة الكويت والبحرين والمنطقة الشرقية، وهي الراعية الأولى للإرهاب وتحظى بدعم بريطانيا الكبير، وياسر (الحبيب) في لندن أحد رموزها وهو الذي تم إطلاق سراحه من السجن الكويتي بعفو أميري مزور كما قالوا".

 

 

 

 

وترفض مرجعية الأسرة الشيرازية التي لها أتباع في إيران والعراق والكويت وعدد آخر من البلدان ذات التواجد الشيعي، ولاية الفقيه بشدة وتنتقد حكم المرشد الإيراني علي خامنئي.


واتسع نفوذ أسرة الشيرازية بعد الثورة الإيرانية عام 1979، حيث دعم المرجع محمد الشيرازي، الخميني، قبل أن يتصاعد الخلاف بين الشيرازي والنظام الإيراني.


ويعتبر صادق الشيرازي حاليا هو مرجع الأسرة الأكبر وهو ثالث أبناء مهدي بن حبيب الله الشيرازي، حيث إنه تصدى للمرجعية بعد وفاة شقيقه الأكبر محمد الشيرازي سنة 2001، وكان من المُتوقع أن يتصدى للمرجعية من بعده ابن أخيه محمد رضا الشيرازي غير أنه توفي قبل ذلك في بيته بمدينة قم الإيرانية في 1 حزيران/ يونيو 2008.


وصادق الشيرازي (78 عاما) ولد في كربلاء بالعراق عام 1942 وقد تم تسفيره إلى إيران في سبعينيات القرن الماضي، وله قناة فضائية باسم قناة "المرجعية" الفضائية. يضاف إلى ذلك نحو 18 قناة فضائية و3 محطات إذاعية تروج لأفكاره، لا تخضع له مباشرة، ولكنها تنتمي لذات التيار العقائدي.