ملفات وتقارير

"قانون السايس" يثير غضب المؤيدين والمعارضين لـ"السيسي"

قانون "السايس" مختص في تنظيم انتظار السيارات- عربي21

وصف محللون وخبراء اقتصاد وناشطون عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حجم الرسوم التي تفرضها السلطات المصرية، بأنه يمثل "عصر الجباية بامتياز".


آخر تلك القوانين، هو قانون تنظيم انتظار السيارات أو ما يعرف بقانون "السايس"، والذي أقر تحت رقم 150 لسنة 2020 بشأن تنظيم انتظار المركبات بالشوارع الخاضعة لولاية المحافظات وأجهزة المدن التابعة لهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة، وصدّق عليه رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي في تموز/ يوليو من العام الماضي.


وشرعت محافظتا القاهرة والجيزة بتنفيذ قانون السايس، الذي ينظم انتظار السيارات بالشوارع الرئيسية والجانبية وأسفل العقارات بمقابل مادي وفقا للائحة الأسعار، حيث تبدأ بـ10 جنيهات للانتظار المؤقت للسيارة الملاكي، و20 جنيها للانتظار المؤقت للسيارة نصف النقل، و30 جنيها للانتظار المؤقت للحافلات الكبيرة و300 جنيه شهريًا للمبيت أسفل العقار.


ويعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز 6 أشهر وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد عن 10 آلاف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من مارس نشاط تنظيم المركبات في غير الأماكن المحددة أو بدون ترخيص. (الدولار يساوي 15.75 جنيها).

 

 

 

 

 

انقسام إعلام السيسي

 

اللافت في الأمر، ليس انتقاد المعارضين أو النشطاء للقانون الذي يبدو أن الهدف منه هو فرض "إتاوة" وتحصيل "جباية" من جيوب المصريين تحت أي مسمى وبقوة القانون، بل انقسام أذرع السيسي الإعلامية بشأن بدء تطبيق القانون.


وانقسم الإعلاميون المصريون حول بدء تطبيق القانون ففي الوقت الذي رحب فيه المذيع يوسف الحسيني في برنامجه على القناة الأولى المصرية، انتقده بقوة زميله المذيع المقرب من الأجهزة الأمنية أحمد موسى، والذي استهجن تطبيق القانون في حيّ الدقي بمحافظة الجيزة.


وتساءل موسى: "ماذا يعني أن أجد أحدهم يطالبني بدفع 300 جنيه لأن سيارتي موجودة أمام منزلي، بدعوى أنها في الشارع وليس في الكراج، هل أقوم بحمل العربية على أكتافي والصعود بها إلى شقتي حتى الصباح أم ماذا أفعل؟".


وتابع ساخرا: "ماذا أفعل بسيارتي ولا يوجد كراج أسفل العقار، هل أبيع السيارة؟ هل ستوفرون لي وسيلة مواصلات؟ من يحدد الرسوم (رسوم الانتظار)؟ كيف ستتعامل الحكومة مع الناس في القرية، وماذا عن الشوارع الرئيسية، وهذا الموضوع سوف يحدث بلبلة ونحن لا نريد المزيد من الارتباك".

 


رفض وسخرية واستهجان


الباحث السياسي والكاتب الصحفي المعروف، عمار علي حسن، والمؤيد للنظام، استهجن بدوره فرض رسوم على انتظار السيارات أسفل العقار، وقال في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر": "أتعجب من "قانون السايس" الذي بمقتضاه يدفع كل صاحب سيارة 300 جنيه نظير مكان لها أمام بيته".


وأضاف: "هناك دفع في بلاد أخرى لكن توجد شوارع موسعة، وأماكن انتظار مجهزة، وتستثني من الدفع المنطقة السكنية لكل مواطن، فهي مجانا طوال اليوم (..)، اعتبروا الشوارع مقابل الضرائب التي تشكل أكثر من 70% من الميزانية".


وتفاعل إعلاميون وصحفيون ونشطاء ومواطنون مع القانون الجديد، بمزيج من السخرية والانتقاد واعتبروه أحد أشكال "الجباية"، ولا يمكن تحمله إلى جانب "الأتاوات" الأخرى التي تم فرضها من قبل البرلمان المصري بمرسوم قانون.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


قوانين قراقوش


يأتي القانون الجديد المثير للجدل وسط كومة من القوانين الأخرى السابقة التي لم يسمع عنها المصريون من قبل، واضطروا في نهاية الأمر إلى الإذعان والقبول بالأمر الواقع، من بين تلك القوانين قانون المرور الجديد في آذار/ مارس الماضي، وفرض غرامات على كل شيء تقريبا حتى رائحة السيارة إن لم تعجب رجل المرور فمن حقه أن يحرر مخالفة لصاحب المركبة.


واستهدفت الرسوم والغرامات الطبقات الفقيرة جدا، ولم يسلم منها حتى أصحاب "عربات الفول" المتجولون في الشوارع، حيث أقر برلمان السيسي في نيسان/ أبريل 2018 قانون "عربات الطعام المتنقلة"، وفرض دفع مبلغ 10 آلاف جنيه للحصول على الترخيص لمدة 3 سنوات، إلى جانب رسوم أخرى تحددها الجهات الإدارية، كما يلزم صاحب عربة الطعام تركيب (جي بي إس) لمتابعة العربة من قبل الجهاز الإداري للمدينة أو المحافظة التابع لها، وسط سخرية واندهاش الكثيرين.


مع بداية أزمة جائحة كورونا، فرضت الحكومة في أيار/ مايو 2020 ضريبة بنسبة 1 بالمئة على جميع العاملين في القطاعين الحكومي والخاص لمدة عام لمواجهة تداعيات فيروس كورونا المستجد، بدلا من دعم المواطنين ما أثار غضبا واسعا بين المواطنين.


في تموز/ يوليو 2020، تم فرض ضريبة رسوم الراديو في السيارة وارتفعت من 140 قرشًا إلى 100 جنيه كإجمالي ضريبة إذاعة في العام.


في آب/ أغسطس الماضي، وفي قرار غير مسبوق؛ أعلنت مصلحة الضرائب المصرية، أنها قررت تطبيق قانون ضريبة الدخل على تجار المخدرات، والدعارة، والسلاح، حال القبض عليهم.


مؤشرات سلبية على عجز الدولة


تعليقا على تلك القوانين برسوم وغرامات غير مسبوقة في تاريخ الدولة المصرية، اعتبر المحلل الاقتصادي والسياسي، محمد السيد، أنها مؤشرات سلبية اقتصاديا، ومجحفة وفجة سياسيا، قائلا: "في دولة تمثل حصيلة الضرائب الجزء الأكبر في الموازنة العامة، أي ما يقارب تريليون جنيه فهذا يدل على أن الاقتصاد المصري ليس بحالة جيدة".


وتابع لـ"عربي21": "وأصبح فرض الضرائب هو البديل لتمويل الموازنة، لكن عندما تُسن قوانين من قبل من يمثلون الشعب لجلب المزيد من الأموال عبر رسوم جديدة من قبل قوانين فجة مثل قانون السايس فهذا يدل على أن النظام الفاشل أعلن إفلاسه وأن جيب المواطن هو المورد الوحيد لخزينة الدولة".


وتابع: "المتضررون من هذا القانون، المؤيدون للنظام والمعارضون أيضا، والنتيجة إلقاء المزيد من الأعباء على المواطنين، ولم يعد بمقدورهم تحمل المزيد من الجباية عبر رسوم تفرض دون دراسة أو حوار مجتمعي، والأولى بالحكومة هو خفض الإنفاق في المشروعات عديمة الجدوى".