سياسة عربية

WP: أفغانستان ليست سايغون بل بيروت 1983

GettyImages-71500902
قالت صحيفة واشنطن بوست، إن الانسحاب الأمريكي الكارثي من أفغانستان، تمت مقارنته بالانسحاب من فيتنام، لكن في أعقاب الهجومين الانتحاريين في مطار كابول، فإننا لا نشاهد تكرارا لسايغون بل تكرارا لما جرى في بيروت عام 1983.

وأشارت الصحيفة في مقال ترجمته "عربي21" إلى أنه، في تشرين الأول/ أكتوبر 1983 قام شخص بتفجير قنبلة في ثكنات البحرية الأمريكية في بيروت وقتل 241 جنديا كانوا يشاركون في مهام حفظ السلام. وبعد ثلاثة أشهر وفشل الإنتقام بطريقة ذات معنى قرر الرئيس رونالد ريغان سحب القوات الأمريكية من بيروت.

وكان قرار ريغان تقليل الخسائر والهروب ذا نتائج كارثية، فقد حاول أسامة بن لادن نسخ الهجوم على ثكنات بيروت بتفجيرين للسفارتين الأمريكيتين في كل من كينيا وتنزانيا وتفوق عليهما بهجمات 11 أيلول/سبتمبر 2001. وذكر بن لادن بعد سنوات "هزيمة القوات الأمريكية في بيروت" كدليل على ضعف أمريكا وأنه لو قامت القاعدة بتوجيه ضربة شديدة للأمريكيين فسيجبرون على الانسحاب، وأعلن أن أمريكا فعلت نفس الشيء في الصومال حيث "جرت أذيال الخيبة والهزيمة والفشل".

وقالت إن الولايات المتحدة "لم تحقق أي شيء وخرجت أسرع مما تصوره الناس" و"ستخرج الولايات المتحدة في النهاية من أفغانستان بنفس الطريقة". و"اليوم يحقق بايدن نبوءة بن لادن بخلاف أننا بعد يوم الخميس لا نسلم البلد للعدو كما فعلنا في فيتنام ولكننا نخرج تحت النار كما فعلنا في بيروت" و"كما ألهم انسحابنا من بيروت أعداءنا لمهاجمة الوطن في 9/11 فلو انسحبنا في 31 آب/أغسطس نجر ذيلنا بين قدمينا فسنرسل رسالة ضعف ستلهم بالتأكيد الإرهابيين حول العالم".

وأضافت الصحيفة: "وبدلا من الخروج السريع علينا أن نظهر القوة، أولا، علينا أن نخبر طالبان أن الولايات المتحدة تحملها المسؤولية، فقد أقامت حلقة من نقاط التفتيش حول المطار وسيطرت على الداخل والخارج إليه وأوقفت الأمريكيين والأفغان ومنعت الوصول إلى المطار ولكن المهاجمين مروا، حيث هاجم أحدهم الفندق القريب".

 وسواء كان دخول المهاجمين مقصودا أم عبارة عن فشل أمني فعلى الولايات المتحدة إخبار طالبان بأنها فشلت في التزامها تأمين المطار، وهي مسؤولة بالتالي عن وفاة أعداد من الجنود الأمريكيين. ثانيا، يجب إخبار طالبان أن فشلها في منع الهجوم أدى لتأخير عمليات الإجلاء ولهذا فلن تخرج أمريكا بالموعد المحدد وهو 31 آب/أغسطس و"لن نخرج إلا بعد سحب كل أمريكي وأفغاني وليس قريبا، وسنبقى المدة التي نحتاجها لإنجاز المهمة. وعلينا أن نكون واضحين أن هذا ليس طلبا فطالبان لا قرار لها في الأمر".

ثالثا، يجب على أمريكا إخبار طالبان بأن الجنود سيقومون بحراسة المطار بعد فشلها في بناء سياج حول المطار، بل وعلى أمريكا إبلاغها بأنها ستسيطر على قاعدة باغرام لكي تكون لديها قاعدة نقل أخرى. بل وستقوم الولايات المتحدة بعمليات إنقاذ طوال أفغانستان لنقل العالقين من الأمريكيين والحلفاء الأفغان.

وأضافت الصحيفة: "وأخيرا على الولايات المتحدة تحقيق القصاص من الذين نفذوا الهجوم كما وعد بايدن. ورغم وعد بايدن بالإنتقام إلا أن قرار تسليم قاعدة باغرام كان قراره بحيث أدى لفتح سجنها والإفراج عن 5000- 7000 سجين أصبحوا أحرارا لشن هجمات ضد الأمريكيين. واحتوى السجن على زنازين عالية الأمنية سجن فيها قادة بارزون من تنظيم الدولة".

وتابعت: "لو كان أي من هؤلاء متورطا في هجمات الخميس فستكون تهمة لبايدن وقراره ترك قاعدة باغرام. وبدلا من تواضعه بسبب الهجمات فقد استخدمها بايدن لتبرير قرار انسحابه في الموعد المحدد. وحالة فشل بايدن بالرد الحازم على هجمات الخميس وانسحب يوم الثلاثاء فسيجرؤ أعداء الولايات المتحدة على مهاجمتها حال خروجها من أفغانستان".

وقالت إن هذا العمل، هو تكرار لخطأ أمريكا قبل أربعة عقود في بيروت. ودرس بيروت هو أن الضعف يدعو إلى الاستفزاز، وعندما تهرب الولايات المتحدة بعد الهجمات الإرهابية، فالنتيجة ليست الأمن والأمان بل مزيدا من العمليات الإرهابية.