سياسة دولية

وفاة كولن باول.. كذب بشأن العراق وبرر الغزو (بروفايل)

كولين باول كان من أشد المدافعين عن غزو العراق- جيتي

توفي وزير الخارجية الأمريكي الأسبق كولن باول، عن عمر يناهز 84 عاما، إثر معاناته من مضاعفات إصابته بفيروس كورونا.


وأعلنت عائلة باول في بيان لها الاثنين، أن "كولن توفي بسبب مضاعفات مرض كوفيد 19، وأنه كان قد تلقى تطعيمه بالكامل".


وشغل باول منصبه في عهد الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن، ويعتبر أول وزير خارجية أمريكي أسود، ولعب دورا بارزا مع العديد من الإدارات الجمهورية في تشكيل السياسة الخارجية الأمريكية في السنوات الأخيرة من القرن العشرين والسنوات الأولى من القرن الحادي والعشرين.


لكن سمعته ستظل ملطخة إلى الأبد، حيث يرتبط اسمه بتبرير الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، بعد أن قدم عرضا وأدلة كاذبة عن امتلاك بغداد أسلحة الدمار الشامل.


ولد كولن باول يوم 5 نيسان/ أبريل 1937 في نيويورك، وتربى في بيئة شعبية في حي متعدد الأعراق، وكان والده قد هاجر إلى الولايات المتحدة قادما من جامايكا.

مناصب باول


يوصف باول بأنه كان جنديًا متميزًا، وأخذته مسيرته المهنية من الخدمة القتالية في فيتنام إلى أن يصبح أول أسود يتولى منصب مستشار الأمن القومي خلال نهاية رئاسة رونالد ريغان، وأصغر وأول رئيس لهيئة الأركان من أصل أفريقي في عهد الرئيس جورج بوش الأب.

 

اقرأ أيضا: وثائق بشأن "غزو العراق" تضع مصداقية أمريكا على المحك

واستمد باول ثقله من منصبه آنذاك، ومن تاريخه الطويل كأول أفريقي يتولى أدارة مسؤولية كبيرة في الإدارة الأمريكية، فحتى الآن يُعتبر الأمريكي ذا الأصل الأفريقي الوحيد الذي يعمل في هيئة الأركان المشتركة، أكبر هيئة عسكرية أمريكية، فضلا عن أنه كان رئيسها طوال أربع سنوات.


وارتفعت شعبية باول بأمريكا في أعقاب انتصار التحالف بقيادة الولايات المتحدة خلال حرب الخليج، ولفترة في منتصف التسعينيات، كان يُعتبر المنافس الرئيسي ليصبح أول رئيس أسود للولايات المتحدة.


غزو العراق


بصفته وزير خارجية جورج بوش الابن، عمد باول إلى تقديم معلومات استخباراتية خاطئة أمام الأمم المتحدة للدفاع عن حرب العراق، والتي وصفها فيما بعد بـ"وصمة عار" في سجله.


كانت مسوغات الحرب آنذاك مصادرة أسلحة الدمار الشامل وتحويل البلاد إلى واحة ديمقراطية، لكن لم يتم العثور على الأسلحة وتحول العراق إلى مثال للطائفية والإرهاب.


وكذب باول في إفادته أمام الأمم المتحدة في الخامس من شباط/ فبراير عام 2003 حين أعلن آنذاك أن بلاده تمتلك أدلة قاطعة على إخفاء العراق أسلحة دمار شامل، وهو سبب كاف يجعلنا نحرك الجيش الأمريكي لتخليص العالم من شرور هذا البلد.

في تلك الجلسة حث باول العالم على تأييد غزو العراق، لكنه اعتذر عنها لاحقا، وقال إنها كانت هفوة منه وخطأ فظيعا سوف يظل في سجلاته إلى الأبد، لكن الوقائع المتتابعة كشفت أن باول لم يخطئ، بل كذب. لقد اختلق أدلة كاملة، وتجاهل كل التحذيرات الدولية والفرنسية خصوصا التي كانت تشكك في صدق ما يقول.


اقرأ أيضا: جندي سابق يهاجم بوش بسبب "كذبه" وغزو العراق (شاهد)

كانت بعض الحقائق التي قدمها باول ملفقة بصورة فجة، منها ترجمته الإنجليزية لمحادثة اعترضتها الاستخبارات الأمريكية بين ضباط عراقيين يتحدثون عن تفتيش وكالة الطاقة الذرية للمنشآت العراقية.

 

المحادثة كانت دليلا واضحا على أن النظام العراقي يستجيب لتوصيات الأمم المتحدة بالتخلص من أسلحته المحرّمة وذات القدرات التدميرية العالية، فيأمر أحد الضباط ضابطا آخر بالتأكد من التخلص من كل الأسلحة التي لا تريدها الأمم المتحدة.


ويأمر الضابط في جانب آخر من المحادثة رفاقه بالتخلص من كل الخردوات والأسلحة المعطوبة المتراكمة في الأماكن المهجورة حتى لا تعطي انطباعا سيئا عن صورة العراق. لكن باول ترجم الأمر برمته بأنهم يحاولون إخفاء أسلحة أشد فتكا عن أعين العالم، واستطاع باول أن يجذب الأنظار نحو تفسيره هو للحديث لا نحو الحديث ذاته.

 

واحتلت كل من أمريكا وبريطانيا العراق بين 20 آذار/ مارس 2003، و18 كانون الأول/ ديسمبر 2011 بذريعة امتلاكه أسلحة دمار شامل، مما أدى لإسقاط نظام الرئيس صدام حسين، وخسائر بشرية قُدرت بمليون قتيل ومصاب وملايين المشردين، وخسائر مادية تقدر بتريليونات الدولارات، وانزلاق البلاد في عنف طائفي.