مدونات

دورات مسلمي أمريكا اللاتينية في الأزهر (2012-2018)

كاتب آخر

في هذا المقال سوف أسرد بالتفاصيل دورات مسلمي أمريكا اللاتينية في الأزهر، من موقع المتابع للدورتين الأولى والثانية ثم مشاركاً في الدورة الثالثة التي كانت من أنجح تلك الدورات بشهادة جريدة الأهرام المصرية في تقرير لها بتاريخ 31 آب/ أغسطس 2015، لنتبين كيف أن الأزهر يضيع فرص هائلة في دفع مسيرة العمل الإسلامي في أمريكا اللاتينية من أجل حسابات ضيقة خاصة بالقائمين على تلك الدورات.

بدأت تلك الدورات في 2012 بفكرة من منسقة تلك الدورات، وهي مصرية أمريكية تعيش في ولاية كاليفورنيا الأمريكية وحاصلة على دكتوراة في "التأثير العربي على المكسيك خلال حقبة الاستعمار الإسباني". وفي ولاية كاليفورنيا الأمريكية يتركز الكثير من المسلمين الجدد من أصل لاتيني، والذين يبلغ عددهم حوالي 276 ألف مسلم لاتيني في الولايات المتحدة، وفقاً لمركز بيو للأبحاث، وهم يمثلون 9 في المئة من تعداد الجالية المسلمة في أمريكا (حوالي ثلاثة ملايين ونصف المليون مسلم).

وأما تمويل تلك الدورات فيعتمد اعتماداً كليا على قريب من تلك المرأة ويعتبر واحدا من أهم رجال الأعمال في مصر، وكان من الدائرة المقربة من جمال مبارك نجل الرئيس المصري السابق وأمين لجنة السياسات في الحزب الوطني سابقاً (2002- 2011). وتم حل الحزب الوطني بعد ثورة 25 يناير (2011)، وعقدت الدورة الأولى في 2012 وتمت دعوة الطلبة، وكان عددهم 24 طالبا من أمريكا والمكسيك وتشيلي والأرجنتين، ثم الدورة الثانية في أيار/ مايو 2015 وعددهم 25 طالبا من المكسيك وأمريكا، وكلهم من المسلمين الجدد الناطقين باللغة الإسبانية.

والدورات باللغة الإنجليزية ولمدة شهر، وتتناول كل ما يهم المسلم الجديد في دينه ودنياه، وتُلقى محاضرات مبسطة عن العقيدة، والسيرة النبوية، ودحض الشبهات المثارة حول الإسلام، ومكانة المرأة في الإسلام، والتاريخ الإسلامي، وفقه الأقليات الذي يعتبر أحد رواده الدكتور يوسف القرضاوى. وتتضمن تلك الدورات تذاكر طيران مجانية لمصر ذهاباً وإياباً.

ثم جاءت الدورة الثالثة والتي عقدت في الفترة من 2 إلى 27 آب/ أغسطس 2015، حيث تم اختيار 40 طالبا من دول أمريكا اللاتينية على مدار ثلاث سنوات قبل الدورة.

حاولتُ بشتى الجهود الوصول إلى منسقة تلك الدورات في الأزهر، فالموظفون المساعدون لها في الأزهر لا يريدون إعطائي رقم هاتفها، لكن بالمصادفة البحتة حضرت إحدى الطالبات من المكسيك للدورة الثانية، فأعطتني رقم هاتفها للتواصل معها.

ونجحت في التواصل مع منسقة الدورات، فقمنا بالاتفاق على محورين؛ المحور الأول ترشيح 80 طالبا من دول أمريكا اللاتينية لدورتين في آب/ أغسطس وتشرين الأول/ أكتوبر 2015 للدراسة في مصر. أما المحور الثاني فهو أن يتم تنفيذ أفكار ومقترحات وخطط لطلبة تلك الدورات حول تطوير منظومة العمل الدعوي في دول أمريكا اللاتينية، وإطلاق مشاريع للتعريف بالإسلام، وبرامج لمتابعة المسلمين الجدد في دول أمريكا اللاتينية، وتلبية احتياجات المسلمين الجدد من الكتب باللغتين الإسبانية والبرتغالية، والحجاب والزي الشرعي بالنسبة للمسلمات الجديدات.

على هذا الأساس تم ترشيح 40 طالبا للدورة الثالثة، وقد قام كاتب هذه السطور بترشيح 25 طالبا على النحو الآتي: 14 من البرازيل، وسبعة من الأكوادور، واثنان من كولومبيا، وواحد من إسبانيا، وواحد من كوبا. وتمت الدورة في الفترة من 2 إلى 27 آب/ أغسطس 2015. وفي ختام الدورة تم لقاء شيخ الأزهر الشيخ أحمد الطيب.

ومن الأمثلة على أفكار ومقترحات طلبة الدورة الثالثة في آب/ أغسطس 2015:

1- مذيعة من كوبا اعتنقت الإسلام كان معها تقرير عن حاجة المسلمين الجدد في كوبا لمصاحف باللغة الإسبانية وضرورة توفير منح لبعض المسلمين الجدد، لكن تم تجاهل ذلك التقرير. وفي عام 2016 قامت تركيا بمنح تلك المذيعة منحة للدراسة في تركيا، وتم توفير منح لمسلمين جدد من كوبا للدراسة في تركيا.

2- الأخت فريدة رحمها الله من البرازيل كان لديها مشروع لبيع الحجاب الشرعي للمسلمات الجديدات في البرازيل، وكانت بحاجة لتمويل مشروعها لتوفير فرص عمل لمزيد من المسلمات البرازيليات في ذلك المشروع ولكي يتوسع المشروع في بيع الأزياء الشرعية في البرازيل. وفي عام 2018 وافتها المنية في مصر وتم دفنها في مقابر تابعة للأزهر، لكن مشروعها تم تجاهله.

3- مسلمات من الأكوادور (من مدينة كوينكا) يقمن بجهد دعوي على الإنترنت وأسلمت على أياديهن العديد من الأكوادوريات، وكن بحاجة إلى مصلى أو مسجد في مدينة كوينكا، تم تجاهل الأمر. حاولنا رفع الأمر إلى شيخ الأزهر لكن دون جدوى، مع بيروقراطية قاتلة.

4- أخت من مدينة فيراكروز المكسيكية كانت تريد إقامة مشروع للتعريف بالإسلام في المكسيك، تم تجاهل دعمها.

وفي نهاية الدورة وبعد لقاء شيخ الأزهر مع طلبة الدورة الثالثة، طالبتني منسقة الدورات بالتحضير لدورة تشرين الأول/ أكتوبر 2015، وفي نفس الوقت طالبتها بوضع جدول زمني لتنفيذ مشاريع طلاب الدورة الثالثة في بلادهم (البرازيل- الإكوادور- كوبا- المكسيك)، لكنها قامت بإرجاء الأمر إلى أجل غير مسمى، ثم بعد ذلك بيومين أبلغتها بقرار انسحابي من العمل معها.

والإشكالية الكبرى كانت تنتظر كاتب هذه السطور من جانب الأزهريين، حيث ينظر إلى الكاتب باعتباره غير أزهري وغير حاصل على دراسات شرعية ولا يجيد اللغة الإسبانية، فتلك معايير التقييم لديهم. ولكن لا بد أن يكون التقييم أعمق وأشمل؛ على أساس عدد المشاريع الدعوية التي شاركت فيها في كل من البرازيل والإكوادور وكولومبيا وفنزويلا والأرجنتين، وعدد المؤتمرات الإسلامية التي شاركت فيها وكانت عن الإسلام في أمريكا اللاتينية، ومنها عُقد في البرازيل وماليزيا وقطر، إضافة إلى شبكة العلاقات الضخمة التي امتلكها كاتب هذه السطور خلال عمله كمراسل لموقع أقرأ في البرازيل (2010- 2013).

وكان أملي أن يحذو الأزهر في أمريكا الجنوبية حذو الكنيسة المصرية في أفريقيا، وفقاً لموقع المونيتور الذي نشر تقريراً حول دور الكنيسة المصرية في تعزيز الدور المصري في القارة السمراء، من خلال تدشين مشاريع إنمائية واجتماعية في بوروندي وزامبيا وجنوب السودان وجنوب أفريقيا، وكله يصب في مصلحة الدور المصري في القارة الأفريقية.

ولو فعل الأزهر ذلك الأمر في أمريكا اللاتينية لكان أفضل لمصر، ولو أدرك القائمون على تلك الدورات مقولة أن الأزهر هو العمق الاستراتيجي للمسلمين الجدد في أمريكا اللاتينية ويمثل أحد أدوات القوة الناعمة لمصر؛ ما تركوا ذلك الملف الخطير في يد سيدة تديره وفقاً لأهوائها الشخصية.