قضايا وآراء

التجنيس في دولة الإمارات.. الخلفيات (1)

1300x600
نهدف في هذه المقالة التي ننشرها على حلقتين إلى وضع مسألة "التجنيس" في الإمارات، في إطارها التاريخي والسياسي الدقيق، وبحث الأسس السيادية والقانونية التي قامت عليها، والوقوف على طبيعة الظروف الإقليمية والدولية، التي نشأت في ظلِّها حكومات ومشيخات الخليج، والهيمنة التي فرضتها المشاريع الدولية والإقليمية على شعوب الجزيرة العربية، من المشروع البريطاني إلى المشروع الأمريكي، ومن ثم استعراض التحديات والآثار الحالية والمستقبلية، التي سوف تُخلِّفها مسألة التجنيس على الشعب الإماراتي.

مقدمة تاريخية

لا يمكن عزل تاريخ تبلور وظهور مسألة "الجنسية" وتطبيقاتها في مشيخات ودول الخليج والجزيرة العربية، عن السياقات التاريخية والسياسية والقانونية، التي تأسست في ظلِّها تلك المشيخات. فقد أثبتت حقائق التاريخ بأن شعوب جزيرة العرب قد مرّوا خلال القرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين بمرحلة انتقالية خطيرة ومؤثرة؛ تمثلت في الانتقال من مرحلة سياسية تتميز بالاستقلال والسيادة، والارتباط بتاريخ الأمة المسلمة السياسي والقانوني إلى مرحلة جديدة توالت فيها اتفاقيات الإذعان التي فرضتها بريطانيا على مشايخ جزيرة العرب، طوال قرنين من الزمان وصولا إلى تأسيس ما يسمى بالدول الحديثة.
لا يمكن عزل تاريخ تبلور وظهور مسألة "الجنسية" وتطبيقاتها في مشيخات ودول الخليج والجزيرة العربية، عن السياقات التاريخية والسياسية والقانونية، التي تأسست في ظلِّها تلك المشيخات

فقد توالى ترتيب بريطانيا لتأسيس وإقامة الدول الخاضعة لها بنهاية القرن التاسع عشر، عندما وقع شيوخ قبائل المنطقة الخليجية اتفاقيات الإذعان مع بريطانيا، ومنها الاتفاقيات التي وقعها شيوخ ساحل عُمان عام 1892م، كهذه الوثيقة التي وقعها زايد بن خليفة، وفيها النص التالي: "أنا زايد بن خليفة حاكم أبو ظبي.. قد التزمت بهذه الورقة وقبلت لنفسي ولورثتي ولخلفائي.. أني لا أدخل أبدا في قرار ما ولا محاورة مع أحد من الدول سوى الدولة البهية الإنجليزية.. أبدا لا أسلم ولا أبيع ولا أرهن ولا أعطي للتصرف.. شيئا من ممالكي لأحد إلا الدولة البهية الإنجليزية"، وصولا إلى حاكم الكويت حيث وقع مبارك الصباح اتفاقية الإذعان الأولى لصالح بريطانيا عام 1899م، حيث ورد فيها النص التالي: "إن الشيخ مبارك بن صباح بكامل حريته يرغب أن يرتبط ويلزم وارثيه وخلفه في الحكم بأن لا يستقبل أي وكيل أو ممثل لأي سلطة أو حكومة في الكويت أو في أي مكان آخر من حدود مقاطعته بدون الموافقة المسبقة للحكومة البريطانية. وهو بالإضافة إلى ذلك يلزم نفسه ووارثيه وخلفه في الحكم، بأن لا يتنازل أو بيع أو يؤجر أو يرهن أو يعطي للاستغلال لأي غرض كان أي جزء من مقاطعته لأي حكومة أو رعايا أي سلطة بدون الموافقة السابقة لهذه الأغراض من حكومة صاحبة الجلالة".

وقد حققت بريطانيا أخطر أهداف الحملات الصليبية في التاريخ، عندما تمكنت من استمالة وإخضاع عبد العزيز بن عبد الرحمن بن سعود، لاستخدامه في السيطرة على إقليمي نجد والأحساء في مرحلة أولى، عندما منحته "سلطة" السيطرة على الإقليمين باتفاقية الإذعان التي وقعها معهم، وهي اتفاقية "دارين" وتسمى أيضا اتفاقية "القطيف" عام 1915م، حيث ورد فيها ما نصه: "أولاً: تعترف الحكومة البريطانية وتقر بأن نجد والحسا والقطيف والجبيل وتوابعها والتي سيبحث فيها وتعين أقطارها فيما بعد ومراسيها على خليج العرب، هي بلاد ابن سعود وآبائه من قبل. وبهذا تعترف بسعود المذكور حاكماً عليها مستقلاً، ورئيساً مطلقاً على قبائلها، وبأبنائه وخلفائه بالإرث من بعده، على أن يكون ترشيح خلفه من قبله ومن قبل الحاكم بعده، وألا يكون هذا المرشح مناوئاً للحكومة البريطانية بوجه من الوجوه، خاصة في ما يتعلق بهذه المعاهدة.. رابعاً: يتعهد ابن سعود بألا يسلم ولا يبيع ولا يرهن ولا يؤجر الأقطار المذكورة ولا قسماً منها، ولا يتنازل عنها بطريقة ما، ولا يمنح امتيازاً ضمن هذه الأقطار لدولة خارجية بدون رضى الحكومة البريطانية، وبأن يتبع مشورتها دائماً بدون استثناء على شرط أن لا يكون ذلك مجحفاً بمصالحه الخاصة".

وتزامن ذلك مع نجاح بريطانيا في الإيقاع بالشريف حسين بن علي، حيث منحته وعود "السلطة" في الجزيرة العربية وبقية الأقاليم الشرقية من العالم العربي؛ إلى أن تم لها ما أرادت من فرض السيطرة التامة على أقدس مقدسات المسلمين، وهما الحرمان المكي والمدني، قبيل اقتحامها وسيطرتها على بيت المقدس عام 1917م، وقيامها في مرحلة تالية بتسليم الحجاز لعميلها المُفضَّل عبد العزيز بن سعود والاعتراف بسيطرته التامة على جزيرة العرب، عبر توقيع اتفاقية الإذعان الثانية معه، وهي اتفاقية "جدة" عام 1927م.

ويمكن تتبّع تاريخ نشأة مسألة "منح الجنسية" لمواطني وشعوب جزيرة العرب، باستقرار المشيخات التي أنشأتها بريطانيا، وحاجة تلك المشيخات لفرض نفوذها السياسي على الشعوب، وربطهم بالعملاء الذين منحتهم بريطانيا "حق" السيطرة باسمها على مناطق محددة من جزيرة العرب؛ ولذلك وجدنا أول ظهور لعملية "منح الجنسية"، في مُسمَّى "التابعيَّة الحجازية النجدية" التي أصدرها عبد العزيز بن سعود عام 1926م، حيث نصَّت المادة الثامنة منها على: "يعتبر حجازياً أو نجدياً كل ساكن في الأقطار الحجازية أو النجدية يوم نشر نظام التابعية في 22 ربيع الأول 1345ه (عام 1926م)، ما لم تثبت تابعيته لجنسية أخرى بالوثائق الرسمية".
يمكن تتبّع تاريخ نشأة مسألة "منح الجنسية" لمواطني وشعوب جزيرة العرب، باستقرار المشيخات التي أنشأتها بريطانيا، وحاجة تلك المشيخات لفرض نفوذها السياسي على الشعوب

ثانيا: تاريخ تصرُّفات حكام الإمارات في الجنسية والإقامة

لم تكن دولة الإمارات التي وُلدت برغبة بريطانية عام 1971م، تختلف عن تأسيس المشيخات التي سبقتها في الخليج والجزيرة العربية، خاصة وأنها كانت تخضع لاتفاقيات الإذعان البريطانية منذ عام 1820م، أي 150 عاما متصلة، مع ملاحظة أن بريطانيا تمهَّلت كثيرا في مسألة إعلان تأسيس "الإمارات" والمشيخات الخاضعة لها، وهي سلطنة عُمان وقطر والبحرين، بعد أن سلَّمت زمام السعودية للأمريكان، الأمر الذي أتاح تحكُّما تاريخيا في الوضع السياسي لهذه الدول، إلى درجة أن بريطانيا وفي سبيل وضع عملائها "المناسبين" في الحكم، أمرت بعض الأبناء بالانقلاب على آبائهم، والإخوة بالانقلاب على إخوانهم، وبني العمومة على أبناء عمومتهم وهكذا، وذلك حتى تضمن "المعادلة السياسية" التي ترغب بها في كل دولة.

وتعتبر الاستراتيجية البريطانية لاختراق جزيرة العرب، عَقَديا وأخلاقيا وبشريا، من خلال هذه "الكيانات" هي الأخطر على الإطلاق، فقد أثبتت العقود الخمسة التي تلت إنشاء هذه الكيانات، تلك الحقيقة التاريخية، فقد أصبح النموذج "الإماراتي" هو النموذج المؤثر في واقع جزيرة العرب، سواء من ناحية الاختراقات الأمنية، وإدخال المؤسسات الأمنية اليهودية إلى المنطقة، أو الاختراق العقدي وبناء الكنائس والمعابد الهندوسية، أو الاختراق الأخلاقي ونشر الرذيلة، أو الاختراق البشري الذي بات يهدد باستخدام التواجد البشري الهندي كمدخل للتدخل الأمني والعسكري في المنطقة، وخاصة في ظل اتفاقيات الإذعان الأمنية والعسكرية التي وقعتها حكومة الإمارات مع الهند.

ويمكن أن نلاحظ تاريخ التصرفات التالية لحكام الإمارات في مسألة الجنسية والتجنيس، منذ تأسيس الدولة عام 1971م:

قام حكام الإمارات بربط جنسية مواطني الإمارات بكل إمارة على حدة، مما جعل الجنسية الإماراتية مزدوجة الانتماء ما بين الدولة والإمارة، وتم تحديد الوضع القانوني للمواطنين بمصطلح "بحكم القانون"، ويعني أهل البلاد الأصليين، ومصطلح "بالتجنُّس" لمن كان طارئا على البلاد.
احتوى مصطلح "الجنسية" على ثلاثة تعريفات في آن واحد، إذا أضفنا للمصطلحين السابقين انتماء المواطنين كل إلى إمارته، الأمر الذي فتح باب ممارسة التفريق المبكر بين المواطنين بحسب انتماءاتهم، كما اعتُبرت جنسية كل من أبو ظبي ودبي متقدمة ومفضلة على جنسيات الإمارات الشمالية

وبذلك احتوى مصطلح "الجنسية" على ثلاثة تعريفات في آن واحد، إذا أضفنا للمصطلحين السابقين انتماء المواطنين كل إلى إمارته، الأمر الذي فتح باب ممارسة التفريق المبكر بين المواطنين بحسب انتماءاتهم، كما اعتُبرت جنسية كل من أبو ظبي ودبي متقدمة ومفضلة على جنسيات الإمارات الشمالية (الشارقة وعجمان وأم القيوين ورأس الخيمة والفجيرة).

وزاد من سوء هذا التصنيف إقدام محمد بن زايد في تسعينيات القرن العشرين على ابتزاز مواطني الإمارات الشمالية العاملين في قطاع الجيش والشرطة والأمن، والعاملين في المؤسسات الاتحادية، فقد طلب منهم التقدم لتغيير مكان صدور خلاصات القيد من الإمارات الشمالية إلى أبو ظبي، بحيث يُعتبر المواطن الذي قام بهذا التغيير من مواطني أبو ظبي بدلا من إمارته التي ينتمي إليها بحكم الولادة ووجود العائلة، واضطر أغلب المواطنين للرضوخ لتلك الضغوط.

ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن تصنيف الجنسية في أبو ظبي يخضع بدوره لألوان كثيرة نتيجة للمفارقات التي تأسست عليها الدولة ونظام منح الجنسية، كمصطلح "شيخ" و"عشيري"، ومصطلح قبائل "ظبيانية" وقبائل "عُمانية"، و"إمارات شمالية".. إلى غير ذلك من التصنيفات.

وقد شهد تاريخ التجنيس أول مبادراته الإيجابية في محاولة بعض حكام الإمارات سد النقص الشديد في المواطنين، وخاصة مع ازدياد دخول البترول وتوسع عمليات التنمية، فكانت مبادرة الشيخ زايد بن سلطان حاكم أبو ظبي، وتبعه الشيخ سلطان بن محمد حاكم الشارقة في منتصف السبعينيات من القرن العشرين، بفتح مجال التجنيس لبعض القبائل اليمنية في أبو ظبي، وقبائل عرب فارس في الشارقة، وتجنيس بعض المقيمين العرب الذين تواجدوا في البلاد قبل قيام الدولة وأسهموا بخدمات جيدة للبلاد؛ وإن كان عددهم قليلا. ثم توسع الأمر باتجاهات سلبية من خلال قيام حكام الإمارات باعتماد "مُعرِّفين" للقبائل التي فُتح لها باب الحصول على الجنسية "بالتجنُّس"، وحدوث عمليات فساد ورشاوى للحصول على الجنسية، ودخول أعداد كبيرة من الراغبين في الحصول على الجنسية بهذه الطريقة.
من الفساد الذي صاحب تلك العملية، اضطرار طالبي الجنسية في تلك المرحلة إلى الانتساب لقبائل لا ينتسبون لها في الأصل، وإنما من أجل الحصول على الجنسية. كما نتج عن هذه الموجة من التجنيس والتلاعب بها؛ بقاء أعداد كبيرة تقدر بعشرات الألوف خارج إطارها، ووقوعهم تحت مسمى "البدون" أو عديمي الجنسية

ومن الفساد الذي صاحب تلك العملية، اضطرار طالبي الجنسية في تلك المرحلة إلى الانتساب لقبائل لا ينتسبون لها في الأصل، وإنما من أجل الحصول على الجنسية. كما نتج عن هذه الموجة من التجنيس والتلاعب بها؛ بقاء أعداد كبيرة تقدر بعشرات الألوف خارج إطارها، ووقوعهم تحت مسمى "البدون" أو عديمي الجنسية، الأمر الذي أضاف على الواقع الاجتماعي في الإمارات أثقالا أخلاقية ونفسية سيئة، وأفرز واقعا مظلما من التعدي على حقوق البشر؛ كان من أوضحه ما فعله محمد بن زايد، عندما ذهب إلى استغلال فئة "البدون" لتوظيفهم "كمرتزقة" في التجسس والأعمال القذرة، أو تمهيدا للتخلص منها، عبر إجبارهم على مغادرة البلاد بجواز وجنسية جديدين، وذلك عندما أمر جهاز أمن الدولة ببذل الوعود الكاذبة لفئة "البدون" عام 2008م، بإمكانية حصولهم على جنسية الإمارات، في حال تقدموا للحصول على "جنسية" جُزر القُمر كمرحلة أولى، بعد أن نسَّق جهاز الأمن عمليات رشوة لحكام جُزر القُمر بلغت 200 مليون دولار بحسب التقارير المنشورة. وبدأ تساقط فئة "البدون" في هذا الفخ لكي يجدوا أنفسهم في حالة ابتزاز تطالهم جميعا؛ فإما أن يقبلوا بتوظيف أبنائهم كمرتزقة وجواسيس، وإما أن يُجبروا على مغادرة أرض الإمارات بوثائقهم الجديدة التي حصلوا عليها من جزر القمر.

وكان من أخطر ممارسات حكام الإمارات طوال عقدي الثمانينيات والتسعينيات من القرن العشرين، أنهم فتحوا باب الهجرة والإقامة والعمل للأجانب على مصراعيه، وقامت دواوين الحكام ببيع التأشيرات بأعداد هائلة، وفتحوا المجال للمشاريع الاقتصادية الأجنبية، والسيطرة التامة على السوق الإماراتي وخاصة للهنود.

وكانت الطامة الكُبرى بفتح مجال التملُّك العقاري، والمضاربة في العقارات، وتأسيس المشاريع العقارية العملاقة، التي قادت إلى جذب "المستثمرين" من كل أنحاء العالم، وبالتالي تملك الأجانب للأرض، لأن تملك العقار هو امتلاك للأرض. ثم فُتح مجال "التجنيس" السرِّي والمحدود لرجال الأعمال الكبار من الهندوس وغيرهم، وصولا إلى النظام الذي أطلقت عليه حكومة دبي "الإقامة الذهبية"، والذي هو في الحقيقة غطاء لعمليات غسيل الأموال، والهروب من الملاحقات الأمنية والقضائية، وفتح الملاذ الآمن لعصابات المافيا الروسية وتجار المخدرات في العالم.
ارتبطت مسألة فتح باب الإقامة على مصراعيه للأجانب، بالسياسات الاقتصادية الرعناء التي اتبعتها حكومة الإمارات، كالاعتماد على الاستيراد والتصدير أو اقتصاد "الترانزيت"، وارتباط الأداء الاقتصادي بكتل بشرية لا علاقة لها بالبلاد، وتوظيف المواطنين لصالح السوق وتقديم الخدمات، والبقاء في ظل الاقتصاد الرعوي، وعدم استثمار مداخيل البترول لتحقيق نهضة حقيقية للبلاد

ويمكن رصد أخطر التحولات السياسية والأمنية التي أثرت في واقع الإمارات، باستلام محمد بن زايد شؤون الدولة عام 1994م، عندما اعتمده الأمريكان كمرجع نهائي للحكم في البلاد، عبر توقيعه لاتفاقية الإذعان الدفاعية معهم، والتي تم تجديدها عام 2017م. فمنذ ذلك الوقت بدأ ابن زايد ومعاونوه بتطبيق استراتيجية السيطرة الأمنية والسياسية والاقتصادية التامة على شعب ومقدرات الإمارات، وسَوْق البلاد في الاتجاهات التي يرغب بها كافة أعداء الأمة المسلمة، الأمر الذي أفرز ما يعانيه الشعب الإماراتي الآن من تهديد لوجوده، وتحويل الإمارات إلى "مزرعة خاصة" بابن زايد، وإنهاء كافة أنواع الرأي الحُر والمعارض في البلاد، وخاصة عندما أقدم المذكور على اعتقال المئات من رجال الإمارات وتلفيق التهم لهم، وإصدار الأحكام الجائرة عليهم عام 2012م، وصولا إلى توقيع اتفاقيات الإذعان الأمنية والاستراتيجية مع المشروع الصهيوني والمشروع الهندي.

كما ارتبطت مسألة فتح باب الإقامة على مصراعيه للأجانب، بالسياسات الاقتصادية الرعناء التي اتبعتها حكومة الإمارات، كالاعتماد على الاستيراد والتصدير أو اقتصاد "الترانزيت"، وارتباط الأداء الاقتصادي بكتل بشرية لا علاقة لها بالبلاد، وتوظيف المواطنين لصالح السوق وتقديم الخدمات، والبقاء في ظل الاقتصاد الرعوي، وعدم استثمار مداخيل البترول لتحقيق نهضة حقيقية للبلاد. فقد قادت كل تلك السياسات إلى تحوُّل نظام "الإقامة"، بغض النظر عن مُسمَّاه، إلى نظام "تجنيس" مستتر، وارتباط مصير الكُتل البشرية المقيمة بأرض الإمارات، وتحوُّل مواطني الإمارات إلى أقلية هامشية، لا تتعدى نسبة وجودها 10 في المائة في ظل كتلة بشرية تتجاوز عشرة ملايين.