ملفات وتقارير

NI: يجب تأجيل الانتخابات الليبية تجنبا لحرب أهلية جديدة

بن فيشمان: على المجتمع الدولي خلق أفضل الظروف لهم لعقد انتخابات حرة ونزيهة وخالية من العنف

نشر الباحث في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، بن فيشمان، مقالا في مجلة "ناشونال إنترست"، حذر فيه من عقد الانتخابات الليبية الشهر المقبل.

وقال إن نجل الزعيم الليبي معمر القذافي، الذي قدم مرة على أنه شخصية بعقلية إصلاحية ليتحول إلى مطلوب بجرائم حرب، قدم أوراقه معلنا عن مشاركته في الانتخابات الرئاسية المقرر عقدها في 24 كانون الأول/ ديسمبر.

وكشفت طموحات سيف الإسلام القذافي عن مشكلة من مشاكل عقد الانتخابات الشهر المقبل. فلو سمح له بالمشاركة، فقد يقاطع من ثاروا ضد والده الانتخابات، أو يتبنون العنف. ومن جانب آخر، لو رفضت المفوضية العليا للانتخابات ترشيحه، فربما قاطع أنصار النظام السابق الانتخابات، أو قاموا باستخدام العنف وتخريبها. ونفس الدينامية ستحدث لو رفض أو قبل ترشيح أمير الحرب في منطقة الشرق، خليفة حفتر. ومن الحكمة أن يتم تأجيل الانتخابات لفترة معينة حتى حل جميع المشاكل، نظرا لمناخ الاستقطاب العالي.

وقال بن فيشمان إن هناك ثلاثة أسئلة مهمة يجب على الليبيين التوافق عليها: أي المؤسسات التي يجب انتخابها؟ وبأي تسلسل؟ ومن سيسمح له بالترشح؟

ومع تراجع المنبر الذي خلقته الأمم المتحدة لحل هذه الموضوعات في الصيف الماضي، استولى السياسي الماكر في شرق ليبيا، عقيلة صالح، وملأ الفراغ السياسي، واضعا قانونا انتخابيا، ومرره عبر مجلس النواب الذي يترأسه.

ولم يلتق المجلس منذ انتخابه قبل سبعة أعوام إلا نادرا، بسبب الطريقة التي جرى فيها انتخاب أعضائه، والمقاطعة اللاحقة لعدد من أعضائه لجلساته.

وصادق ممثل الأمم المتحدة على قانون صالح، دون أن يناقش محتوياته مع بقية المكونات السياسية الليبية المؤثرة، وبخاصة من الغرب. ولا يزال صالح المرشح المحتمل للانتخابات الليبية تحت طائلة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة؛ لعرقلته محاولات جمع الليبيين معا في عام 2015.

والغائب في المعادلة هنا هو دستور متفق عليه. ويدعو قانون الانتخابات الحالي إلى نظام رئاسي ببرلمان ضعيف. وسيتمتع الرئيس بالسلطات التنفيذية، وسيعين الحكومة، ويتولى قيادة الجيش.

وكان قائد الجيش هو المنصب الذي سعى إليه حفتر، قبل محاولته نهب طرابلس عام 2019.

ومن بين المخاطر لانتخاب رئيس بسلطة تنفيذيه واسعة من خلال نظام انتخابي ضعيف تحوم حوله التساؤلات، أنه سيكون هناك شخص واحد، صوت واحد في مرة واحدة. وما على الواحد إلا النظر إلى تونس، النقطة المضيئة في الربيع العربي، واكتشاف كيف يمكن لرئيس منتخب أن يعزز سلطاته دون جيش قوي يقف خلفه.

ولم يتم حل التسلسل الانتخابي، فقد أكد المؤتمر الدولي في 12 تشرين الثاني/ نوفمبر أن الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ستجري في 24 كانون الأول/ ديسمبر، مع أن بعض المشاركين تحدث عن عملية انتخابية تبدأ في ذلك اليوم. ونظرا لتوقعات عدم نجاح مرشح في الجولة الأولى، فستكون هناك جولة ثانية. وأخيرا وأهم من كل هذا هي هوية المرشحين للرئاسة، فحفتر وسيف الإسلام ورئيس الوزراء الحالي عبد الحميد الدبيبة، الذي تعهد بعدم الترشح عندما انتخب لمنصبه، تظل شخصيات قاصرة.

 

وبحسب المفوضية العليا للانتخابات، على المرشح أن يقدم "سجلا نظيفا خاليا من أي جرم أو جنحة"، و"عليه الكشف عن أرصدته في داخل وخارج ليبيا"، لكن المفوضية غير قادرة على تطبيق هذا المعيار.

فسيف الإسلام مطلوب لدى الجنائية الدولية. أما حفتر، فلديه إقامة في فيرجينيا، ويواجه عددا من القضايا في المحاكم الأمريكية؛ لأفعاله العسكرية، ولأنه يحمل الجنسية المزدوجة. وهذه الموضوعات، إضافة لتنظيم انتخابات وسط وضع أمني هش لا تساعد على انتخابات نزيهة، تدعو لتأجيلها.

وتقول الولايات المتحدة وآخرون إن عقد انتخابات في موعدها أقل خطورة من تأخيرها؛ لأن هذا سيعرض الصفقة المتفق عليها، وأكدها قرار مجلس الأمن الدولي للخطر. وهذا كلام صحيح لو اعتبرت كل الأطراف الانتخابات شرعية. وفي الوقت الحالي، لا يوجد مرشحون لديهم القدرة على تعبئة المواطنين في البلاد، وهناك شكوك في عقد حملات انتخابية. ولا يوجد ما يضمن قبول الليبيين انتصار مرشح في منطقة، وبخاصة في ظل الظروف التي يتم الاعتراض فيها على القانون الانتخابي وعملية الاقتراع.

وهناك أمر آخر، يتعلق بوجود آلاف من القوات الأجنبية والمرتزقة المنتشرين في كل أنحاء البلاد.

ويرى الداعون للانتخابات أن حكومة جديدة ومنتخبة ستكون قادرة على طلب خروج هذه القوات من البلاد، لكن فكرة ظهور حكومة مستقرة ليست محتملة على المدى القريب. وستواصل روسيا الحفاظ على مرتزقة شركة فاغنر في ليبيا، وهذا يشكل وحدة تهديدا مباشرا على الولايات المتحدة والناتو. ويحضر الروس للتأثير على الانتخابات، كما يفعلون أثناء الانتخابات في الغرب.

وقد حقق الليبيون الكثير منذ توقف الحرب الأهلية الثالثة منتصف العام الماضي، للمخاطرة في تقسيم البلاد، أو جرها مرة ثانية للعنف والحرب الأهلية.

وظهر موعد 24 كانون الأول/ ديسمبر من خطة طموحة فشلت للأسف. وعادة ما تكون المواعيد جيدة لفرض العمل، ولكن ليست على حساب مخاطر العنف. ومن الأفضل لو قامت فرق الأمم المتحدة، وبدعم من الولايات المتحدة وشركائها، بإحياء الدبلوماسية الليبية- الليبية، ودفع اللاعبين ومنظمات المجتمع الدولي لبناء إجماع حقيقي حول قانون الانتخابات، ووضع جدول زمني للانتخابات من 90-129 يوما أبعد من 24 كانون الأول/ ديسمبر، ولا أحد ينكر أن الليبيين لهم حق انتخاب قادتهم، وأن الرأي العام يريد انتخابات، لكن على المجتمع الدولي خلق أفضل الظروف لهم؛ لعقد انتخابات حرة ونزيهة وخالية من العنف.