حقوق وحريات

نظام الأسد يواجه دعاوى قضائية في عدد من الدول الأوروبية

تضاعفت في ألمانيا الشكاوى القضائية لسوريين يؤكدون أنهم تعرّضوا للتعذيب في سجون النظام
تستهدف دعاوى قضائية عدة أطلقت في أوروبا النظام السوري، خصوصا في ألمانيا، حيث يتحرّك القضاء ضد تجاوزات وثّقتها منظمات غير حكومية وإفادات فارين.

وتصدر محكمة كوبلنس، الخميس، حكمها في قضية الضابط السابق في الاستخبارات السورية أنور رسلان، المتّهم بارتكاب "جرائم ضدّ الإنسانية"، وقد طالبت النيابة العامة بحبسه مدى الحياة.

وأسفرت هذه المحاكمة، التي قسّمت إلى جزئين في بداية العام، في 24 شباط/ فبراير، عن صدور حكم بإدانة عضو سابق في أجهزة الاستخبارات، لكنّه من رتبة أدنى، وذلك بتهمة "التواطؤ في جرائم ضدّ الإنسانية"، في إدانة كانت الأولى من نوعها.

ألمانيا

وتضاعفت في ألمانيا الشكاوى القضائية لسوريين يؤكدون أنهم تعرّضوا للتعذيب في سجون النظام، علما بأن برلين تطبّق المبدأ القانوني للولاية القضائية العالمية الذي يسمح لقضائها بمحاكمة مرتكبي الجرائم الخطرة، بغضّ النظر عن جنسيتهم أو مكان ارتكاب الجرائم.

في آذار/ مارس 2017، تقدّم سبعة سوريين، غالبيتهم لاجئون، في ألمانيا بشكاوى قضائية ضد مسؤولين في أجهزة الاستخبارات السورية.

في أيلول/ سبتمبر، عُرضت أمام المحكمة نحو 27 ألف صورة في إطار قضية "قيصر"، الاسم الذي أُطلق على مصور سابق في الشرطة العسكرية السورية هرب من بلاده وبحوزته 50 ألف صورة، وثّقت قتل آلاف المعتقلين السوريين بطرق وحشية، بعدما تضوّروا جوعاً، وتعرّضوا لشتّى أنواع التعذيب.

وبعد شهرين، قدّم 13 سوريا شكويين جديدتين على خلفية التعرّض للتعذيب.

في حزيران/ يونيو 2020، أعلنت المنظمة الألمانية غير الحكومية "إي.سي.سي.إتش.آر" أن سبعة سوريين ممن تعرّضوا للتعذيب أو ممن شهدوا عمليات اغتصاب واعتداءات جنسية في مراكز احتجاز تابعة للنظام، تقدّموا بدعوى قضائية.

وتستهدف هذه الدعوى خصوصا تسعة من كبار المسؤولين في الحكومة وفي جهاز "المخابرات الجوية"، بينهم الرئيس السابق للجهاز جميل حسن المقرّب من الرئيس بشار الأسد.

وحسن الذي أصدرت ألمانيا وفرنسا بحقه مذكّرتي توقيف دوليتين، تولى قيادة المخابرات الجوية حتى العام 2019.

ونهاية تموز/ يوليو 2021، وجّه القضاء الألماني الاتهام إلى طبيب سوري سابق في سجن حمص العسكري بارتكاب جرائم الإنسانية بضلوعه في تعذيب معتقلين.

وستبدأ محاكمته في فرانكفورت في 19 كانون الثاني/ يناير.

فرنسا

في أيلول/ سبتمبر 2015، فتحت النيابة العامة الباريسية تحقيقا أوليا بشبهة ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية"، على خلفية عمليات خطف وتعذيب نفّذها النظام.

في تموز/ يوليو 2016، تقدّمت عائلة طبيب مات بعمر 37 عاما في أحد سجون النظام بشكوى قضائية في باريس تتّهم فيها النظام بتعذيبه وقتله.

نهاية تشرين الأول/ أكتوبر، فُتح تحقيق لكشف ملابسات اختفاء سوريين يحملان الجنسية الفرنسية في سوريا في العام 2013، وانقطعت أخبارهما مذّاك.

وبحسب مقدّمي الشكوى، أوقف عناصر قالوا إنهم من جهاز "المخابرات الجوية" مازن دبّاغ وابنه باتريك.

وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2018، أصدر قاضي تحقيق فرنسي مذّكرات توقيف دولية بحق ثلاثة من كبار مسؤولي النظام السوري؛ بشبهة الضلوع في تجاوزات طالت هذين المواطنين.

والمتّهمون الثلاثة في هذه القضية هم الرئيس السابق لجهاز "المخابرات العامة" علي مملوك الذي أصبح لاحقا رئيس مكتب الأمن الوطني، وجميل حسن، ومدير فرع باب توما (دمشق) في جهاز "المخابرات الجوية" عبد السلام محمود.

في نيسان/ أبريل 2021، فُتح تحقيق قضائي في هجمات كيميائية وقعت في العام 2013، ونُسبت إلى النظام، بناء على شكاوى تقدّمت بها ثلاث منظّمات غير حكومية.

وكانت هذه المنظّمات قد تقدّمت بشكاوى مماثلة في ألمانيا عن تلك الهجمات وعن هجوم بغاز السارين وقع في العام 2017.

ونهاية كانون الأول/ ديسمبر، وجّه الاتّهام إلى فرنسي-سوري يُشتبه بتزويده الجيش السوري بمواد يمكن استخدامها في تصنيع أسلحة كيميائية.

وهي المرة الأولى التي يتم فيها توجيه الاتّهام في إطار تحقيق في فرنسا بشبهة دعم قوات النظام السوري، وفق مصدر قريب من الملف.

أنحاء أخرى في أوروبا

كذلك قدّمت شكاوى في النمسا والنروج والسويد، التي أصبحت في العام 2017 أول بلد يدين قضاؤه عنصرا سابقا في قوات النظام بجرائم حرب.

وفي السويد، تقدّمت أربع منظمات غير حكومية في نيسان/ أبريل 2021 بشكاوى قضائية ضد رئيس النظام السوري وعدد من كبار مسؤولي النظام؛ إثر هجومين كيميائيين وقعا في عامي 2013 و2017.

في إسبانيا، رد القضاء دعوى تقدّمت بها مواطنة متحدّرة من أصول سورية ضد تسعة من كبار مسؤولي النظام، تتّهمهم فيها بالاحتجاز القسري، وبتعذيب شقيقها وتصفيته في العام 2013.

"آلية دولية"

وتواصل "آلية دولية مكلّفة تسهيل التحقيقات في أخطر الانتهاكات للقانون الدولي"، المرتكبة اعتبارا من آذار/ مارس 2011، عملها في جمع الأدلة لتسهيل محاكمة المتورطين. وكانت الأمم المتحدة قد أنشأت هذه الآلية نهاية العام 2016.