صحافة دولية

WP: هكذا يرى الروس الحرب في أوكرانيا من منظور بوتين

أظهر استطلاع للرأي أن 58% من الروس يؤيدون الحرب على أوكرانيا - جيتي

تطرقت صحيفة "واشنطن بوست" في مقال لها لما وصفته بحملة قمع لحرية التعبير في روسيا، وكيفية تعاطي وسائل الإعلام الروسية مع تطورات الحرب الروسية على أوكرانيا.

واستهلت الصحيفة الأمريكية مقالها التحليلي بقصة المواطن الأوكراني فاسيليفيتش، الذي تحدثت عنه صحيفة كومسومولسكايا برافدا الروسية، في نهاية الأسبوع.

وذكرت واشنطن بوست أن الصحيفة الروسية وصفت فاسيليفيتش بأنه رجل عجوز ومعاق يعيش في قرية شرق أوكرانيا، مضيفة أنه بكى "دموع الفرح" عندما رأى القوات الروسية تقترب.

واستطردت الصحيفة قائلة إن فاسيليفيتش مصاب بسكتتين دماغيتين، لكن ذلك لم يمنع القوميين الأوكرانيين من ضربه، بل اعتدوا أيضا على والدته الكبيرة في السن.


وأكدت الصحيفة الروسية إن فاسيليفيتش كشف سرا للقراء الروس، حيث قال إن قرى شرق أوكرانيا أجرت تصويتا سريا في عام 2014، واختارت الأغلبية الساحقة الانفصال عن كييف.

كما كتبت الصحيفة أن أكثر من 2000 بطاقة اقتراع دُفنت لفترة طويلة في حديقته، داخل "أواني معدنية مطلية سوفيتية" قديمة، مضيفة أن فاسيليفيتش كشف بفخر عن النتائج لوسيلة الإعلام الروسية، عبر الحفر حتى الحفر، والتنقيب يشكل درامي عن تلك البطاقات المدفونة، الأسبوع الماضي.

كما نقلت صحيفة التابلويد، التي مقرها موسكو، عن المواطن الأوكراني الموالي لروسيا ،قوله: "من الأسهل التنفس" بعد وصول "المحررين" الروس.

إلى ذلك، ذكرت واشنطن بوست أن متابعة التغطية الروسية "المتلاعبة" للهجوم على أوكرانيا هي بمثابة النظر عبر منظار عالم دعائي للأبطال الروس والأشرار القوميين الأوكرانيين.

 

اقرأ أيضا: خلاف بالكنيسة الأرثوذكسية في أوكرانيا بسبب الغزو الروسي

وعلقت الصحيفة الأمريكية: "يبدو أن هذه الرواية تهدف لغرض واحد: إنشاء إشارات سردية للروس حول الحرب مبنية على رواية بوتين المفضلة، حتى لو كانت خاطئة".

ومضت بالقول إن هناك بعض الدلائل على أن المحاولة ناجحة، قد تكون استطلاعات الرأي المدعومة من الحكومة والتي تظهر موافقة عامة عالية على الحرب في أوكرانيا غير جديرة بالثقة، على أقل تقدير.

بينما استطردت بأن روايات متناقلة عن أوكرانيين، نقلا عن أقارب في روسيا، بأنهم عبروا عن إنكارهم للحقيقة على الأرض، بالقول إنه لا يوجد قصف في كييف، أو إن القوات الروسية "تساعد الناس".

ومع ذلك، أظهر استطلاع عبر الهاتف أجرته الأسبوع الماضي مجموعة من منظمات الأبحاث الاستقصائية المستقلة، استهدف 1640 شخصا، دعما متواضعا بشكل غير عادي لحرب بوتين، حيث أظهرت النتائج تأييد 58% بقوة أو إلى حد ما، فيما يعارضها 23%.. أما الباقي، فكانوا غير ملتزمين، أو لم يبدوا رأيا، بينما كان الدعم بين الشباب الروس ضعيفا بشكل خاص.

ونوهت واشنطن بوست إلى النتائج المذكورة تعتبر بعيدة عن الدعم الشعبي بنسبة 91% لضمه لشبه جزيرة القرم، ما يشير إلى حدوث مشاكل محتملة للكرملين، خاصة مع استمرار العقوبات وفي حال استمرت الحرب.

وكما أشارت مجلة نيويوركر، فإن الغالبية العظمى من الروس يستهلكون أخبارهم من خلال وسائل الإعلام الرسمية، خاصة التلفزيون، ما يقلل من أهمية العنف والخسائر في الصراع.

 

وبالتزامن مع ذلك، يقدم التلفزيون الروسي جرعة من الأخبار الداعمة لـ"جهود موسكو لاستعادة السلام" في دولة شقيقة، حيث إنه يغذي عقدة الاضطهاد الروسي بشأن العدوان الغربي.

في روسيا، تزداد صعوبة العثور على الحقيقة، حيث تزداد عقوبات التحدث عنها قسوة، حيث يجرم قانون "الأخبار الكاذبة" الصارم الذي وقعه بوتين يوم الجمعة الماضي التناقض مع الخط الرسمي للكرملين بشأن الحرب، التي يصر بوتين على أنها ليست حتى حربا، حيث إن مجرد وصفها على هذا النحو في روسيا يمكن أن يؤدي إلى عقوبة بالسجن لمدة 15 عاما.

بينما تجبر القيود المشددة بعض المنافذ الإخبارية المستقلة القليلة المتبقية في روسيا على إغلاق أو تعليق العملية، حتى مع تحرك الكرملين لتقييد الوصول إلى المواقع الأجنبية ووسائل التواصل الاجتماعي، بما في ذلك فيسبوك.

فيما تلقى أولياء الأمور الروس إخطارات من المدارس، تحذرهم بأن يراقبوا ما يفعله أطفالهم على وسائل التواصل الاجتماعي، لا سيما عندما يميلون إلى إظهار المشاعر المناهضة للحكومة.
ومثالا لذلك، يتلقى الأطفال في الصفوف من السابع إلى الحادي عشر في المدارس في جميع أنحاء روسيا، جلسات خاصة تعزز الخط الحكومي الرسمي بشأن "العملية الخاصة" في أوكرانيا.

 

اقرأ أيضا: أوكرانيا تعلن مقتل جنرال روسي ثان.. حارب بسوريا والشيشان

وفسرت واشنطن بوست ذلك، بأن شريحة كبيرة من الشعب الروسي، كما يقول المراقبون، أصبحوا مشاركين متعمدين في تلقينهم العقائدي، واختاروا إعلام أنفسهم من خلال وسائل الإعلام الحكومية، على الرغم من وصولهم في السنوات الأخيرة إلى الصحافة المستقلة والناقدة.

لماذا يحصل ذلك؟


وأفاد الباحث في المعلومات المضللة في جامعة ويسكونسن في ماديسون، أنطون شيريكوف، لصحيفة واشنطن بوست، بأن السبب جزئيا هو أن الدعاية الروسية جيدة جدا عبر فهم جمهورهم ومعرفة كيفية جعل حكاياتهم جذابة من خلال التفاصيل "الدرامية والمسلية".


بينما قال، بحسب الخبير في الدعاية الروسية والمعلومات الخاطئة، لوكاس أندريوكايتيس: "هناك مدن كبيرة، على غرار موسكو وسانت بطرسبرغ، بها الكثير من الطلاب والمثقفين والأشخاص المرتبطين بالعالم الخارجي.. ولكن يقبل الكثير من الناس رواية الحكومة".

وتابع قائلا: "وهذه هي الأماكن الأكثر ليبرالية في روسيا.. أما في البلدات الأصغر، فإن الوضع أسوأ، حيث الإنترنت غير متوفر، بينما لم يسمع الناس شيئا غير دعاية بوتين لسنوات".

واندلعت الاحتجاجات المناهضة للحرب في المدن الروسية الكبرى، لكنها لم تكن ذات تأثير، فيما قد يتغير ذلك إذا ارتفعت الخسائر في صفوف الروس، إضافة لاستمرار تدهور الاقتصاد بسبب العقوبات. ولكن إذا كانت المقاربات مع بلدان مثل فنزويلا، فسيكون الرد هو المزيد من القمع الرسمي.

في غضون ذلك، يمكن أن تنتهي الحرب بتقوية قبضة بوتين على المعلومات، مستغلا تطور تكنولوجيا الرقابة على الإنترنت في روسيا بشكل متزايد، الذي قد يدفع الكرملين لحظر المواقع الدولية، ما قد ينتج مواطنون روس أقل ارتباطا بالعالم.

وسيطرت القوات الروسية الأسبوع الماضي على أكبر محطة للطاقة النووية في أوكرانيا، بعد أن أشعل هجومها حريقا أثار مخاوف من كارثة جديدة شبيهة بكارثة تشيرنوبيل، لكن روسيا 1 المملوكة للدولة الروسية نقلت عن بوتين دون تدقيق، مؤكدة للعامة أن الحريق المؤسف أضرمه "مخربون أوكرانيون متهورون".

إلى ذلك، قال الخبير الروسي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، أندرو لوهسن: "ما ستراه على التلفزيون الروسي الآن هو التركيز على كيفية سير الحرب وفقا للخطة، حيث تقوم القوات المسلحة الأوكرانية بإلقاء السلاح، وتغادر ساحة المعركة عن عمد، وأن القوات الروسية قد حررت بعض المدن.. المعلومات خاضعة لرقابة صارمة للغاية".