مقابلات

حقوقي: لن يكون هناك استقرار بسوريا مع استمرار الظلم

هشام ديراني - عربي21

قال المدير التنفيذي لمنظمة بنفسج الإنسانية السورية، هشام ديراني، إنه "لن يكون هناك استقرار في سوريا مع استمرار الظلم وعدم محاسبة الظالمين والمجرمين"، مشدّدا على أن "النظام السوري، وروسيا، هما المسؤولان عن استمرار الفظائع والانتهاكات المختلفة في البلاد".


وأشار ديراني، في مقابلة خاصة مع "عربي21"، إلى أن "الاهتمام الدولي بالملف السوري تراجع نظرا لطول مدة الأزمة، وعدم وجود نية لإنهاء هذا الصراع".


ودعا السوريين إلى "إعادة صياغة رسائلهم لدعم قضيتهم وتسويقها كقضية إنسانية عادلة تستحق الدعم والعدالة وليس الشفقة"، مطالبا بوجود منبر جامع وفعّال لتمثيل السوريين والتعبير عن تطلعاتهم.


وانتقد قرار مجلس الأمن الخاص بتمديد آلية دخول المساعدات إلى شمال سوريا عبر معبر باب الهوى لمدة ستة أشهر فقط، قائلا: "هذا القرار يُعدّ انتكاسة إنسانية كبيرة، ويضع ضغوطات إضافية على المنظمات الإنسانية من كل النواحي، وهو بمثابة رصاصة الرحمة على قرار تمرير المساعدات الإنسانية عبر الحدود، ودليل على تحوّل القرار إلى قرار سياسي لدعم النظام السوري".


وتاليا نص المقابلة الخاصة مع "عربي21":


- بداية، ما آثار أزمة الحرب الروسية-الأوكرانية على الأوضاع الإنسانية في سوريا؟


أدت الأزمة الأوكرانية إلى ارتفاع أسعار الكثير من المواد الغذائية، خصوصا الحبوب والزيوت، إضافة إلى شح في وفرة هذه المواد. وحوّل العديد من المانحين الكبار جزءا من التمويل إلى أوكرانيا، ما أدى إلى انخفاض التمويل للعمليات الإنسانية في سوريا، وهو الأمر الذي ساهم في تفاقم الأوضاع المتردية.


- البعض يرى أن الأوضاع الإنسانية بسوريا تحسّنت بصورة أو بأخرى في ظل الانخفاض النسبي الأخير في الأعمال العدائية.. ما مدى دقة ذلك؟


استخدام وصف "تحسّنت" ليس دقيقا، وإنما هناك انخفاض بحالة التوتر والهلع، وانخفاض في حالات الإصابات والوفيات التي كانت بسبب العمليات العسكرية، إضافة إلى توقف الاحتياجات الإنسانية عن التزايد الكبير الذي سبّبته عمليات النزوح.


لكن الأوضاع الإنسانية بشكل عام لم تتحسن، وذلك لعدة أسباب، على رأسها عدم التعامل بشكل فعّال مع ما خلّفته العمليات العسكرية من مصائب، أهمها النزوح الذي أدى لوجود نحو مليون ونصف المليون يعيشون في الخيام، إضافة إلى عدم إعادة تأهيل المنشآت الصحية والمياه والمدارس والطرق والمنازل التي خلّفها دمار العمليات العسكرية.


وهناك تصاعد للاحتياجات الإنسانية في ظل ارتفاع نسبة الفقر إلى ما يقارب الـ93% بسبب التضخم الاقتصادي الحاصل في المنطقة، والذي ظهر بشكل متزايد في شمال غرب سوريا المنطقة المعتمدة على المساعدات الإنسانية، وذلك من خلال ارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية، فضلا عن توقف العديد من برامج الدعم الإنسانية في المنطقة.


- كيف استقبلتم قرار مجلس الأمن تمديد آلية دخول المساعدات إلى شمال سوريا عبر تركيا لمدة 6 أشهر فقط؟


لقد كان هذا القرار انتكاسة إنسانية كبيرة وخيبة أمل من الدول الأعضاء بمجلس الأمن الدولي والذين يدركون جيدا مدى إجرام روسيا ونيتها إطباق الحصار على 4 ملايين نسمة في شمال غرب سوريا.

 

والتجديد لـستة أشهر فقط يمثل ضغطا كبيرا على المنظمات، خصوصا أنه ينتهي في مرحلة التحضير لاستجابة الشتاء، وبالتالي فلن نستطيع تقديم المعونات في فصل الشتاء المقبل.


والتجديد لهذه الفترة القصيرة يضع ضغوطات إضافية على المنظمات الإنسانية من النواحي اللوجستية والادارية والتنسيقية والمالية، وهذا يضعف قدرتها على الاستجابة الإنسانية للوضع الكارثي. والحقيقة أن هذا القرار كن بمثابة رصاصة الرحمة على قرار تمرير المساعدات الإنسانية عبر الحدود، ودليلا على تحوّل القرار إلى قرار سياسي لدعم النظام السوري.


ولطالما دعونا المجتمع الدولي إلى عزل قرار الاستجابة الإنسانية في سوريا عن التجاذبات السياسية، وطالبنا الأمم المتحدة، والدول الداعمة للشعب السوري، بالدفع الفعال باتجاه استمرار وصول المساعدات بغض النظر عن أي تجاذبات سياسية، وتعزيز دعم برامج الاستجابة التي تقوم بها المنظمات المحلية لضمان تمكنها من الاستمرار في تقديم المساعدات الإنسانية. ونحن نشعر بالقلق حيال مواقف بعض الدول الداعمة لأحد أطراف الصراع المتسبّب في هذه الكارثة الإنسانية الكبرى.


- ما الذي تتوقعه بعد انتهاء تلك الأشهر الستة؟


نتوقع استمرار روسيا بالاستفادة من القرار الأممي لدعم النظام السوري، وهذا يدفعنا إلى المطالبة بإيجاد آلية بديلة خارج إطار موافقة مجلس الأمن الدولي، وذلك للحد من تسييس المساعدات الإنسانية.


- هل أوضاع قاطني المخيمات في شمال سوريا تُعد أفضل نسبيا في فصل الصيف مقارنة بفصل الشتاء؟


للدقة فإنها ليست أفضل، وإنما سيئة بشكل مختلف. الوضع بالصيف أيضا سيئ بسبب ارتفاع درجات الحرارة بشكل كبير جدا، ما يجعل النوم داخل الخيمة مستحيلا والجلوس خارجها يؤدي إلى التعرض لأشعة الشمس بشكل غير صحي، وهذا نتج عنه العديد من حالات الإصابة بضربة الشمس، إضافة إلى الجفاف بسبب انخفاض القدرة على تقديم المياه في فصل الصيف وارتفاع أسعارها.


- من وجهة نظركم، مَن المسؤول عن استمرار الفظائع والانتهاكات في سوريا حتى الآن؟


النظام السوري هو المسؤول الأول والرئيسي، وروسيا هي المسؤول الثاني، عن استمرار تلك الفظائع والانتهاكات المختلفة، ولن يكون هناك استقرار في سوريا مع استمرار الظلم وعدم محاسبة الظالمين والمجرمين.


- هناك دعوات أممية لإنشاء آلية لتوضيح مصير الأشخاص المفقودين وتقديم الدعم للأقارب في سوريا.. لماذا لم يتم ذلك إلى الآن؟


بسبب عدم جدية الدول في التعامل مع النظام السوري كنظام مجرم فاقد للشرعية، ولأن مثل هذه الآلية ستكشف الكثير من الجرائم التي ستضع الجميع أمام استحقاقات أخلاقية وشعبية كبيرة.


- هل محاولات تعويم نظام الأسد في حال نجاحها ستنعكس إيجابا أم سلبا على أوضاع حقوق الإنسان في سوريا؟


لا يمكن أن ينعكس استمرار الظالم إيجابا، وإنما بشكل أكيد سيكون سلبيا للغاية. السوريون يسعون لإدارة البلاد تحت مظلة المواطنة وليس الديكتاتورية والإجرام وحكم العصابات.


- ما الأسباب التي أدت إلى تراجع الاهتمام الدولي بالملف السوري؟


نظرا لطول مدة الأزمة السورية، وعدم وجود نية لإنهاء الصراع، ودفع تكاليف ذلك على الصعيد السياسي. لذلك فإنه يجب على السوريين إعادة صياغة رسائلهم لدعم قضيتهم وتسويقها كقضية إنسانية عادلة تستحق الدعم وليس الشفقة، ولا بد من وجود منبر جامع وفعّال لتمثيل السوريين والتعبير عن تطلعاتهم.


- ما أبرز الأدوار التي قامت بها منظمة "بنفسج" على مدى السنوات الماضية؟ وما أبرز العراقيل التي تواجهكم؟


برزت منظمة "بنفسج" بدورها الكبير في الاستجابة العاجلة من خلال 2000 متطوع ضمن شبكة المتطوعين، ومراكز الطوارئ المنتشرة في الشمال السوري؛ فكان ذلك في كل الحوادث الكبيرة التي مر بها الشمال السوري، إضافة إلى دور المنظمة المهم جدا في التعافي المبكر والصمود، وتقديم التدريب المهني، وفرص العمل، والعمل الزراعي والتعليم.


ونحن نسعى لحماية الناس من الاستغلال، وأن نقف دائما مع المضطهدين والأشد فقرا وبؤسا من أجل حياة إنسانية كريمة، ومن أجل بناء المجتمع وتحقيق التنمية، معتمدين في ذلك على فريق من الشباب يحملون الأمانة والنزاهة بأرقى أشكالها لإسعاد الآخرين حول العالم.