سياسة عربية

هل تسعى بريطانيا لملء الفراغ الأوروبي في ليبيا؟

رست سفينة حربية تحمل اسم إتش إم إس آليبون على شاطئ طرابلس في حدث استثنائي- الأناضول

أثار وجود سفينة إنزال بريطانية عملاقة في ميناء طرابلس الليبي ودعوة مسؤولين ليبيين لزيارتها، والحديث عن اتفاقات بحرية بين البلدين بعض الأسئلة حول الدور البريطاني في ليبيا، وما إذا كانت لندن تسعى لملء الفراغ الأوروبي في ليبيا.


ورست سفينة تحمل اسم "إتش إم إس آليبون" تتبع قوات البحرية الملكية البريطانية، على شاطئ طرابلس في حدث استثنائي هول الأول منذ ثماني سنوات، وسط تأكيدات أن الخطوة بداية تعاون كبير بين بريطانيا والقوات البحرية الليبية، ووجود بريطاني في ملف ليبيا لدعم الانتخابات والاستقرار.
وتضم البارجة البريطانية أكثر من ألف بحار ومشاة البحرية الملكية، وهي جزء من مجموعة الاستجابة الساحلية الشمالية، وهي قوة مصممة للانتشار في أماكن ذات أهمية استراتيجية للمملكة المتحدة، مع التركيز بشكل خاص على أوروبا.


"تعاون أمني وسياسي"


في سياق متصل، بحث رئيس حكومة الوحدة الليبية، عبدالحميد الدبيبة، مع كبير مستشاري وزارة الدفاع البريطانية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط التعاون الفني بين وزارتي الدفاع في البلدين، وتفعيل عدد من البرامج في مجال التدريب ونقل الخبرات من قبل بريطانيا، وفق بيان لحكومة الدبيبة.


وأكد عضو المجلس الرئاسي "القائد الأعلى" للجيش، موسى الكوني، أن "البارجة البريطانية صرح عسكري ضخم، وأنه زارها لاستعراض أوجه التعاون العسكري بين البحرية الليبية والبحرية البريطانية، وفق رمزية بالغة الدلالة لمستوى التعاون الاستراتيجي بين ليبيا والمملكة المتحدة، وفق بيان للمجلس الرئاسي.


والسؤال: هل تسعى بريطانيا للوجود بقوة في ملف ليبيا أمنيا وسياسيا؟ وما سر هذا الظهور الكبير والمفاجئ؟


"صدمة عسكرية"


من جهته، قال وزير الدفاع الليبي الأسبق، محمد البرغثي؛ إن "استقبال البارجة البريطانية رسميا سبب صدمة كبيرة للشعب في الوقت الذي لا يوجد تعاون عسكري بين البلدين، كما ترك علامات استفهام كون ليبيا لم تستفد من الدول الداعمة للاستقرار وعلى رأسها بريطانيا وأمريكا، بل ساعدت هذه الدول في تمويل العصابات المتطرفة".

 

اقرأ أيضا: روسيا تعود لطرابلس.. هل تخلت عن حفتر وعقيلة بالشرق؟

وأضاف في تصريحات لـ"عربي21"، أن "وعود هذه الدول التي تدعي أنها تدعم الاستقرار في ليبيا، كانت مجرد دعاية ولم تقم بأي شيء على أرض الواقع. وبالنسبة لليبيا، فإن الوجود الأجنبي غير مقبول من الشعب تاريخيا وحديثا، والدليل إجلاء القواعد الأمريكية والبريطانية قديما، ورفض الوجود التركي والروسي والإيطالي حاليا"، وفق رأيه.


"خطوة أمنية تاريخية"


في حين قال وزير التخطيط الليبي السابق، عيسى التويجر؛ إنه "ليس غريبا أن ترسو بارجة حربية بريطانية على سواحل طرابلس، فعلاقات المملكة المتحدة بليبيا تاريخية، وكان للأخيرة دور كبير في تأسيس المملكة الليبية المستقلة، ومجيء البارجة هذه، دليل على الاستقرار والأمن ورغبة بريطانيا في دعم البلاد للوصول للاستقرار".


وأوضح في تصريحه لـ"عربي21"، أن "فوز اليمين المتطرف بالحكم في إيطاليا ليس له علاقة بهذا الأمر، بل إن مصالح روما في ليبيا ستجعلهم يصطدمون بالواقع، أما تصريحات المسؤولين الليبيين بخصوص البارجة، فلا تحمل أي دليل على وجود سياسة خارجية واضحة متفق عليها"، وفق تقديراته.


"فرصة للدبيبة"


عضو مجلس النواب الليبي، جبريل أوحيدة قال؛ إن "رسو البارجة البريطانية دليل على تسفيه السيادة الليبية من قبل حكومة الدبيبة، التي نعتبرها سلطة الأمر الواقع، والتي تكتسب شرعيتها فقط من الدول المنتهكة للإرادة والسيادة الوطنية، ومنها بريطانيا"، وفق قوله.


وأضاف: "حكومة الدبيبة تنتهز هذه الفرص لتعزيز وجودها واستمرار فسادها في نهب عائدات النفط وغيرها بالتعاون والتنسيق مع رجل بريطانيا في ليبيا "الصديق الكبير". أما تاريخيا، فبريطانيا لم يأت منها يوما أيُّ خير للعرب، والآن التاريخ يعيد نفسه في غياب الإرادة الوطنية الفاعلة والمناصرة الخارجية الحقيقية لحل أزمة ليبيا"، بحسب تصريحاته لـ"عربي21".

 

أما المحلل السياسي الليبي، موسى تيهو ساي، فرأى أن "الأمر لا يتعلق بملء بريطانيا الفراغ الأوروبي في ليبيا، والزيارة بروتوكولية فقط، لكنها لا تخلو من رسائل عدة للخارج أولا، وللداخل بشكل أقل".


وتابع في حديث لـ:"عربي 21": "تريد المملكة المتحدة إيصال رسائل قوية إلى الروس بأن سواحل المتوسط ليست منطقة نفوذ لهم فقط، وأن الفاغنر التي تحتل بها روسيا جزءا من قطاع الطاقة في ليبيا، لن تستطيع ضمان الهيمنة الروسية، وأن الإنجليز لديهم أدوات كثيرة للتعامل مع الدور الروسي في شمال أفريقيا وغربه"، وفق رأيه.