حقوق وحريات

أطباء بلا حدود لـ"عربي21": مستشفيات غزة باتت مُستنزفة بشكل كامل

منظمة "أطباء بلا حدود" أكدت أن نظام الرعاية الصحية في غزة على وشك الانهيار التام- جيتي
أكدت المسؤولة الإعلامية للمكتب الإقليمي لمنظمة "أطباء بلا حدود" في لبنان مي عبد الغني، أن "المستشفيات في قطاع غزة المُحاصر باتت مُستنزفة بشكل كامل، ونظام الرعاية الصحية على وشك الانهيار التام"، لافتة إلى أنه لا يمكنها وصف كارثية الأوضاع الإنسانية والصحية هناك؛ جراء القصف الإسرائيلي المتواصل منذ 29 يوما على التوالي.

وقالت، في تصريحات خاصة لـ"عربي21": "ما شهدته فرقنا خلال الأسابيع الماضية في غزة لم نشهده مطلقا خلال عملنا في القطاع المُحاصر على مدى 23 عاما، أي منذ بدء عملنا هناك، ونحن غير قادرين على توصيف ما يجرى داخل غزة في الوقت الراهن".

وأشارت عبد الغني إلى أن "الوضع الإنساني والصحي الآن في غزة صعب ومخيف للغاية؛ حيث يواجه أكثر من مليوني رجل وامرأة وطفل حصارا غير إنساني، مما يُشكّل عقوبة جماعية محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي".

ولفتت إلى أن "الأوامر الإسرائيلية العسكرية بإخلاء المستشفيات تعدّ مهمة مستحيلة ومحفوفة بالمخاطر؛ فالمستشفيات تعمل حاليا بكامل قدراتها من أجل محاولة توفر العلاج الطبي للمرضى، وتؤوي عشرات آلاف الأشخاص الذين اتخذوا منها ملاذا آمنا. وفي هذا السياق، ينص القانون الإنساني الدولي على وجوب حماية المرضى والعاملين والمرافق الصحية في جميع الأوقات".

إمدادات طبية عاجلة


وشدّدت عبد الغني على أن "قطاع غزة بحاجة ماسة جدا إلى الإمدادات الطبية العاجلة لمحاولة تمكين قدرة المستشفيات على الاستجابة للعدد الهائل من الجرحى"، مؤكدة أن "البنية التحتية في غزة، بما في ذلك المرافق الطبية والصحية، لم تكن بمنأى عن الضربات الإسرائيلية العشوائية".

وزادت المسؤولة الإعلامية للمكتب الإقليمي لـ"أطباء بلا حدود": "مؤخرا بدأت الإمدادات الطبية بالنفاد في المستشفيات، واحتياطيات الوقود آخذة أيضا في النفاد بشكل سريع وهو ما سيكون له تداعيات كارثية للغاية، ونحن ندق ناقوس الخطر، وبكل أسف نشعر بأننا مكبّلون".

مساعدات "أطباء بلا حدود"

وحول أبرز المساعدات التي قدمتها "أطباء بلا حدود" لغزة حتى الآن، قالت: "في يوم الأحد 29 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، أرسلت منظمتنا 26 طنا من الإمدادات الطبية على متن طائرة تابعة لمنظمة الصحة العالمية إلى مصر بالتنسيق مع الهلال الأحمر المصري لدعم الاستجابة الطبية الطارئة".

وتابعت عبد الغني: "تغطي هذه الإمدادات الطبية الاحتياجات اللازمة لإجراء 800 عملية جراحية، وهي مُخصصة للمرافق الصحية في غزة بالتعاون مع السلطات الصحية المحلية".

وأشارت إلى أن لـ "(أطباء بلا حدود) شراكات طويلة الأمد مع العديد من المستشفيات في قطاع غزة، ويجب أن نتمكن من إرسال هذه الإمدادات في أسرع وقت ممكن؛ إذ تكتظ المستشفيات بالمرضى في حين أن الإمدادات الطبية آخذة بالنفاد في أعقاب الحصار الكامل الذي فرضته القوات الإسرائيلية منذ نحو شهر كامل".

وقف فوري لإطلاق النار

واستطردت قائلة: "نحن نكرر دعوتنا إلى ضرورة وقف إطلاق النار بشكل عاجل في غزة لتجنب إزهاق المزيد من الأرواح، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية التي تشتد الحاجة إليها كل يوم بل كل ساعة".

وواصلت حديثها بالقول: "مؤخرا، أوضح الجراح محمد عبيد، الذي يعمل مع منظمتنا في غزة، أن المستشفيات مُكتظة بالمرضى، وتُجرى عمليات البتر والجراحات من دون استعمال التخدير المناسب، وباتت المشارح غارقة بالجثث".

وبسؤالها عن كيفية التعاون بين أطباء بلا حدود والمؤسسات الطبية المصرية لإيصال المساعدات لقطاع غزة، أجابت: "ليست لدي معلومات حول ما إذا كان هناك تعاون بين منظمتنا والجانب المصري، ولكننا نعمل بتواصل دائم مع منظمة الصحة العالمية، ومنظمات طبية أخرى، لمحاولة تأمين المساعدات لقطاع غزة من خلال معبر رفح الحدودي".

وحذّرت عبد الغني من خطورة العزلة الأخيرة المفروضة على قطاع غزة خاصة بعدما جرى سابقا قطع الكهرباء والاتصالات والإنترنت عن القطاع المُحاصر، مؤكدة أن ذلك يفاقم كثيرا الأزمة الإنسانية المتردية، ويزيد من معاناة السكان بشكل فظيع.

وأكملت: "حدّ انقطاع الاتصالات التام في 27 تشرين الأول/ أكتوبر المنصرم من قدرة الطواقم على التنسيق وتقديم المساعدة الطبية والإنسانية. وبات العالقون تحت الأنقاض والنساء الحوامل اللواتي يوشكن على الولادة وكبار السن عاجزين عن طلب المساعدة التي تشتد حاجتهم إليها. وفي ظل هذا الانقطاع، فقدت (أطباء بلا حدود) الاتصال بمعظم موظفيها الفلسطينيين".

أما عن آلية تواصلهم الآن مع زملائهم في غزة، فقالت: "نحاول جاهدين أن نبقى على تواصل مع الفريق المحلي والدولي في قطاع غزة من خلال الهاتف أو الإنترنت، ونعرب عن بالغ قلقنا الشديد حيال الوضع المتدهور في غزة".

وأشارت إلى أن "أطباء بلا حدود" اختارت فريقا جديدا من الموظفين الدوليين، ومنهم فريق طبي متخصص، و"هم جاهزون لدخول غزة فور سماح الوضع، كي يدعموا جهود الاستجابة الإنسانية والطبية".

وفي الوقت الذي عبّرت فيه عبد الغني عن تقديرهم الجهود المصرية والعالمية لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة، طالبت بزيادة كمية وحجم المساعدات الإنسانية والطبية إلى غزة لمنع وقوع المزيد من الضحايا، وإتاحة دخول الإمدادات الإنسانية الملحّة إلى القطاع.

ونوّهت المسؤولة الإعلامية للمكتب الإقليمي لـ"أطباء بلا حدود"، إلى أنه "منذ يوم الجمعة 27 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اشتد القصف الإسرائيلي على غزة على نحو غير مسبوق حتى بات شمال غزّة يُسوّى بالأرض، فيما تتعرض جميع أنحاء القطاع للقصف من دون ترك أي ملاذ آمن للمدنيين".