سياسة عربية

"كانت محطتنا الأخيرة" .. ماذا يعني النزوح من رفح؟

ارتفع عدد النازحين الجديد من رفح إلى خارجها إلى أكثر من 110 آلاف شخص- الأناضول
دفعت العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح مئات الآلاف من النازحين للبحث عن ملاذ جديد بعدما ظلوا في أقصى جنوب قطاع غزة لأكثر من خمسة شهور، واعتقدوا أنها ستكون مكان نزوحهم الأخير قبل العودة إلى منازلهم وانتهاء الحرب.

وكانت رفح ملاذا لأكثر من 1.3 مليون نازح، إضافة إلى نحو 250 ألفا من سكانها الأصليين، في مساحة لا تتعدى 64 كيلومترا مربعا، بينما أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" الجمعة، أن عدد النازحين الجديد من رفح إلى خارجها ارتفع إلى 110 آلاف مع اشتداد القصف الإسرائيلي بالمدينة.

واتجه النازحون حاليا مرة أخرى إلى المنطقة الوسطى من القطاع وتبلغ مساحتها 56 كيلومترا مربعا، وهي أصغر وأضيق من محافظة رفح ومساحتها 64 كيلومترا مربعا.

وترصد "عربي21" أحوال النازحين الجديدة، وبعض الذين اضطروا منهم لهذه التجربة أكثر من عشر مرات.


يقول محمود (35 عاما) إنه نزح إلى رفح منذ كانون الثاني/ يناير الماضي، مع بدء العملية البرية في خانيونس، وكان يتمنى أن تكون هذه تجربة النزوح الأخيرة التي سبقها عدة تجارب داخل شمال القطاع ثم في جنوبه.

وأضاف محمود لـ "عربي21" أنه كان في منطقة نزوح لا تبعد سوى 700 متر عن الحدود المصرية في غرب مدينة رفح، قائلا: "كنا نقول لبعضنا بسخرية ما ضل لنا شي، بعد هيك يا بنرجع غزة أو يهجرونها على سيناء هذه آخر نقطة لنا".

وذكر: "لم يخطر على بالنا أن الاحتلال قد يجبرنا على النزوح مرة أخرى إلى المنطقة الوسطى. صحيح أنني كنت في بلوك لم يطلب منه الإخلاء بعد في رفح، لكن نحن نعرف أن دورنا قادم بكل الأحوال، لذلك سبقنا القصف الذي اقترب كثيرا عما اعتدنا عليه خلال شهور ماضية".

وكشف: "الفكرة من النزوح مبكرا هي أن تحافظ على سلامتك قدر الإمكان طبعا، ثم ضمان التحرك في سيارة أو مركبة تقلنا وتحمل عفشنا وملابسنا وحاجياتنا وما يوجد معنا من طعام وطحين، والآن كل المعابر مسكرة والله يعلم إيش يصير، لهيك إحنا بنحاول ننقذ أطفالنا وآباءنا مبكرا قدر الإمكان".

ويذكر أن الاحتلال نشر "خريطة البلوكات" مطلع كانون الأول/ ديسمبر الماضي، وهي لشرح مسار نزوح السكان في غزة وفقا لأماكن سكنهم والأماكن التي عليهم النزوح إليها، بهدف "تقليل استهداف المدنيين" الذين وصل عددهم حاليا إلى نحو 35 ألف شهيد وأكثر من 78 ألف مصاب.

بدوره، يقول أنس (32 عاما) إنه خرج من منطقة "دوار العودة"، التي تعد قلب مدينة رفح (وسط البلد)، بعدما وصلت قذائف مدفعية الاحتلال إلى المنطقة التي كان ينزح فيها، وأنه اتجه إلى مدينة دير البلح في المنطقة الوسطى ويعمل الآن على صنع خيمة للمبيت.


ويؤكد أنس لـ "عربي21" أن المعاناة الحالية هي إيجاد المرافق الأساسية ومحاولة وضع الخيمة بالقرب منها، مضيفا: "مهم يكون حولك مكان لمياه الشرب، ومياه الغسيل، وشبكة صرف صحي، ومساحة كافية لك ولعائلتك".

ويوضح: "في الشهور الأخيرة في رفح كنت قد استطعت استئجار بيت صغير بسعر مناسب، بعد فترة طويلة من النزوح داخل مدرسة وقبلها في خيمة، والآن أعود إلى خيمة مرة أخرى، حتى الخيمة السابقة كانت أفضل وجيدة".

ويشير إلى نزوحه إلى حوالي سبعة أماكن منذ بداية الحرب، كان منها ثلاث مرات داخل شمال غزة، ومن ثم تنقل في المرات الأخرى في جنوب القطاع من منطقة وادي غزة، التي تفصل القطاع حاليا إلى جزأين.

من ناحيتها، تقول حنان (39 عاما) إنها تريد الخروج من مدينة رفح، لكنها تسعى أولا مع زوجها إلى تأمين مكان "آدمي" ينزحون إليه، قائلة: "جربنا كل شيء، عشنا بخيمة وفي صف دراسي ونمنا في السيارة ومرات كثيرة مر علينا الليل تحت الضرب والقصف بدون نوم أبدا".


وتؤكد حنان لـ"عربي21" أنها تهدف لعدم تكرار هذه التجارب السيئة، من خلال البحث عن مكان أولا ومعاينته قبل التحرك أو الاضطرار إلى ترك المكان الذي تنزح فيه حاليا مع عائلتها.

وتكشف: "كنت سابقا في صناعة الوكالة في مدينة خانيونس، وانتظرنا حتى آخر لحظة حتى خرجنا من بين الدبابات وليس معنا سوى حقيبة الظهر، خسرنا بيتنا في غزة، ثم خسرنا كل أمتعتنا التي اشتريناها خلال الحرب بمبالغ كبيرة".

ووافق مجلس الوزراء السياسي والأمني الإسرائيلي الخميس، على "توسيع منطقة العمليات" للجيش في رفح، بحسب ما نقله موقع "واللا".

ونقل الموقع عن مصدر لم يسمه أن هذا "توسيع مدروس لا يتجاوز الحدود"، بينما نقل عن مصدر آخر أن "القرار الذي تمت الموافقة عليه يتضمن إجراءات يمكن أن تفسرها الولايات المتحدة على أنها تجاوز للخط الأحمر لبايدن".


وذكر أن مجلس الوزراء أصدر تعليماته أيضا لفريق التفاوض الإسرائيلي بشأن صفقة الرهائن بمواصلة الجهود للتوصل إلى اتفاق ومحاولة صياغة مبادرة جديدة تؤدي إلى انفراجة.