صحافة دولية

دي فيلت: ما السبب الحقيقي وراء تهديدات البغدادي الأخيرة؟

اكتفى البغداد برسالة صوتية فقط - أرشيفية
نشرت صحيفة دي فيلت الألمانية تقريرا على أثر الرسالة الصوتية التي نشرها  زعيم تنظيم الدولة، أبو بكر البغدادي، وقالت إن البغدادي وجه تهديدات للسعودية وتحدث على غير عادته عن فلسطين، ليخفي شعورا بالضعف والارتباك، بعد أن بدأت أوضاع التنظيم بالتدهور على أكثر من واجهة.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اختفاء زعيم تنظيم الدولة لمدة سبعة أشهر، زاد من التكهنات حول تعرضه لإصابة بليغة أو موته، ولكنه فاجأ الجميع بنشر تسجيل صوتي على المواقع والشبكات التي يعتمدها التنظيم لبث دعاياته.

وأضافت الصحيفة أن هذا التسجيل الذي دام 24 دقيقة، تضمن تهديدات فارغة وغير جدية للتحالف الدولي ضد الإرهاب، وضد الولايات المتحدة ودول أخرى عديدة، متهما إياها بالتهرب من إرسال قواتها لمحاربة التنظيم لأنها خائفة منه.

واعتبرت الصحيفة أن هذا الخطاب التهديدي الذي اعتمده البغدادي، ليس له أي هدف حقيقي غير الرفع من معنويات مقاتلي التنظيم، حيث دعا "جنود الدولة الإسلامية إلى الصبر، والتشبث بإيمانهم لأن الله معهم".

وأكدت الصحيفة أن تنظيم الدولة يمر الآن بأصعب المراحل منذ ظهوره، ولذلك فإن مقاتليه في أمسّ الحاجة للدعم المعنوي، بعد أن تعرض التنظيم لضربات التحالف الدولي التي أوقعت الآلاف من القتلى في صفوفه على مدار السنة الحالية. كما أن الموجة الإيجابية التي كان يعيشها التنظيم انقلبت في الأشهر الأخيرة، رغم أن الآلة الدعائية الضخمة التي يعتمد عليها، تواصل العمل على إظهاره كقوة لا تقهر.

وأشارت الصحيفة إلى أن التنظيم يواصل نشر الأكاذيب للرفع من الروح القتالية لعناصره، حيث ادّعى مؤخرا أن فريقا مؤلفا من خمسة من الانتحاريين نجحوا في قتل ثلاثين من أفراد القوات العراقية، في إطار الهجوم الذي تشنه هذه القوات لاسترجاع مدينة الرمادي، ولكن الوقائع تشير إلى أن عدد القتلى لم يتجاوز الأربعة، بحسب تأكيدات المسؤولين العراقيين، ما يشير إلى استماتة التنظيم في نشر الأخبار الإيجابية بين أنصاره بأي ثمن، كما تقول الصحيفة.

وأضافت الصحيفة أن فرع تنظيم الدولة في العراق يتعرض لضغط متزايد، حيث إن مقاتليه المتحصنين في الرمادي أصبحوا على وشك الانهيار، والمسألة باتت مسألة وقت فقط، قبل أن يسيطر الجيش العراقي بشكل كامل على المدينة، بعد أن كان قد خسرها في شهر أيار/ مايو. وعندها يكون تنظيم الدولة قد خسر المدينة الرابعة في العراق، بعد تكريت وبيجي وسنجار. كما أن استعادة الرمادي ستكون انتصارا ذا رمزية كبيرة؛ لأن هذه المدينة هي عاصمة محافظة الأنبار، التي تعد من أهم معاقل التنظيم.

وأشارت الصحيفة إلى أن تنظيم الدولة مقبل على المزيد من المشكلات، فقد أكد رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، أنه بعد أن تستعيد الحكومة السيطرة على الرمادي، سيتم العمل على استعادة الموصل، هذه المدينة الواقعة في شمال البلاد، التي أعلن منها البغدادي خلافته في حزيران/ يونيو من العام الماضي. وتواصل القوات العراقية استعداداتها منذ أشهر للشروع في عملية استعادتها.

في المقابل، أكدت الصحيفة صعوبة معركة الرمادي، حيث إن الحكومة العراقية استنجدت بأكثر من عشرة آلاف مجند، مع دعم جوي من القوات الأمريكية، وقد توقع القادة العراقيون نصرا سهلا وسريعا في هذه المعركة قبل حلول أعياد الميلاد، ولكن الخطر لا يزال قائما، رغم أن المدينة محاصرة تماما منذ أشهر، والإمدادات مقطوعة عنها.

وأكدت الصحيفة أن معركة الرمادي تتسم بالخطورة الشديدة، والجيش العراقي يتقدم ببطء، ونقلت عن الجنرال أحمد البيلاوي، قوله: "نحن نتقدم للأمام خطوة بخطوة، وسط خطر شديد بسبب كثرة القنابل التقليدية الصنع والمواقع المفخخة، ولا يمكن التقدم قبل تفكيك هذه المتفجرات". وأشار المتحدث باسم الجيش العراقي، يحيى رسول، إلى أن "الغارات الجوية التي تشنها القوات الأمريكية تساعد على تفجير البنايات المفخخة، وبالتالي تساعد على تجنب الخسائر الفادحة".

واعتبرت الصحيفة أن الجيش في حاجة ماسة لتحقيق النصر في الرمادي، لترميم معنوياته واسترجاع هيبته، بعد أن فر عناصره أمام زحف تنظيم الدولة في عدة مناسبات سابقة، وتركوا مدنا كبرى فيها ملايين السكان مثل الموصل، لتسقط بسهولة تحت سيطرة تنظيم الدولة، وفروا أيضا من مدينة الرمادي، رغم أن عددهم كان يتجاوز خمسة آلاف في مقابل المئات من مقاتلي تنظيم الدولة، ولهذا تمثل معركة الرمادي فرصة للثأر ومسح العار.

كما قالت الصحيفة في هذا التقرير إن البغدادي، في هذا التسجيل الصوتي المنسوب إليه، وعد مقاتلي التنظيم بأن لهم الجزاء على صبرهم، لأنهم يمرون بفترة صعبة ليس فقط في العراق، بل أيضا في سوريا، فقد أطلقت "قوات سوريا الديمقراطية" هجوما جديدا يوم الأربعاء الماضي ضد تنظيم الدولة، ونجح هذا التحالف الذي يجمع أكرادا وعربا ومسيحيين من تحقيق أهدافه خلال أربعة أيام فقط، بالسيطرة على سد تشرين الواقع على نهر الفرات، على بعد حوالي 110 كيلومترا من جنوب عين العرب (كوباني).

وفي الختام، أكدت الصحيفة أن أوضاع تنظيم الدولة ليست على ما يرام كما يدعى البغدادي في تسجيله، كما أن المسلمين في أنحاء العالم لن يستجيبوا لدعواته وينخرطوا في الحرب التي يشنها، خاصة أن التنظيم بدأ يفقد بريقه وجاذبيته.