ملفات وتقارير

الكردوسي ورزق وعيسى للسيسي: أبأست مصر وأسعدت إثيوبيا

انتقد ثلاثة من إعلاميي الانقلاب سياسات السيسي في مجموعة وحذروا من سخط الشعب- أرشيفية
في تحول ملحوظ، وجه ثلاثة من أشد الصحفيين المصريين تطرفا في تأييد رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي، انتقادات حادة إليه، الأحد، على خلفية ثلاث قضايا هي تجاوزات الشرطة، والموقف من "سد النهضة" الإثيوبي، وقمع حرية التعبير.

وفي مقالاتهم حذر الكتاب الثلاثة (محمود الكردوسي وحمدي رزق وإبراهيم عيسى، الذين يعتبرون أذرعا إعلامية للسيسي) من كثرة الشهداء في عهده، وآخرهم "شهيد لقمة العيش"، فضلا عن كثرة المطالبين بالثأر، واحتقر أحدهم أسلوب تعامله مع أزمة "سد النهضة" الإثيوبي، متوجها بالخطاب المباشر إلى رئيس الوزراء الإثيوبي، ساخرا من قول هذا الأخير "إن إثيوبيا سعيدة جدا بك"، فيما تساءل ثالثهم: "ما كل هذا البؤس الذي تزرعه دولتك في طريقنا؟".

مصر السيسي "بلد شهداء"

حذر الصحافي محمود الكردوسي في مقال له بعنوان "بلد الشهداء" نشره في صحيفة "الوطن" السيسي من كثرة الشهداء في عهده، كان آخرهم "شهيد لقمة العيش"، فضلا عن كثرة المطالبين بالثأر، وقال موجها كلامه لزعيم الانقلاب إن الأهالي غير مسيسين، "فدماؤهم طوفان"، وفق وصفه.

وأضاف الكردوسي: "الناس الذين حاصروا مبنى مديرية أمن القاهرة، وقلوبهم ملتهبة على سائق قتله أمين شرطة.. هم الذين رفعوا (ضمن ملايين البسطاء) صور الرئيس السيسي، واحتموا فيه، واعتبروه مخلصا".
 
وتابع الصحفي، الذي وصل في درجة تأييد السيسي من قبل إلى حد التقديس، "بعد أقل من عامين رفعوا - هم أنفسهم - صورة ابنهم "محمد عادل إسماعيل"، الشهير بـ"دربكة"، وكتبوا فوق الصورة شعارا وجعنى: "شهيد لقمة العيش".

وعلق الكردوسي - الذي طالما دعا للسيسي باعتباره نصير الحريات ضد قمع "محمد مرسي" والإخوان-  فقال: "كَثُرَ الشهداء يا سيادة الرئيس، وكل من له "شهيد" يصلي عليه، وينتظر ثأره، فمن يثأر لـ"دربكة"؟".

وأجاب مختتما: "إنهم رفقاء لقمة العيش.. أغلبيتك التي تحميك، وتحتمي بك، واحدهم بمليون، ودماؤهم طوفان، وكبرياؤهم ليس مسيَّسا.. فاحذرهم".

إثيوبيا سعيدة جدا

في حين، احتقر حمدي رزق، المعروف بصلاته الأمنية والمخابراتية منذ عهد الرئيس المخلوع مبارك، في مقال له بصحيفة "المصري اليوم"، تحت عنوان "إثيوبيا سعيدة جدا"، أسلوب تعامل السيسي مع أزمة "سد النهضة الإثيوبي"، توجه بخطاب مباشر إلى رئيس الوزراء الإثيوبي محذرا، ومطالبا.

الغريب أن حمدي رزق رفض أن يعلق أحد على مقاله هذا، بحسب مشرف التعليقات بالصحيفة، الذي قال في أول تعليق: "هذه المقالة موقوف التعليق عليها بناء علي طلب كاتب المقال".

قال رزق: "أمن العدل أنهم يردون الماء صفوا وأن يكدر وردي"، مضيفا: "وجه رئيس الوزراء الإثيوبي هيلا مريام دسلنجة (المفروض: ديسالين) التحية إلى الرئيس السيسي: "إننا سعداء بقراركم بالتزام مصر تجاه الأفارقة".

وعلق رزق ساخرا: "يا رب تديم السعادة بين الرئيسين، ولكن هل قدَّم رئيس الوزراء الإثيوبي في كلمته بعضا من السعادة إلى المصريين؟!".

وسجل الكاتب هنا أنه: "ما لم يقله السيسي، ردا على هذه المجاملة: وأين التزامكم تجاه مصر؟ سنكون جد سعداء لو التزمتم بحق مصر التاريخي في مياه النيل الأزرق، لو وضعتم الاحتياجات المصرية الحيوية في مياه النهر في قلوبكم قبل أعينكم، الشعب المصري ينظر إليكم، وينتظر منكم رد التحية بأحسن منها".

وتابع رزق، متجاوزا السيسي في الخطاب إلى ديسالين مباشرة، "الكلام المعسول لا يُحلي أفواه الصغار، رئيس الوزراء الإثيوبي يجيد الكلام المعسول، مصر لا تأكل من هذا الكلام، مصر تطلب وضوحا في ملف سد النهضة، لن نصبر على طعام واحد، المماطلات والمراوغات الإثيوبية في هذا الملف لا تستقيم مع حلو الكلام".

وأضاف: " مصر تطلب حقا هو مقرر لها منذ الأزل، وتُمتّنه معاهدات لا سبيل لإنكارها أو التنكر لها أو التملص منها، النهر يجري بإذن ربه من الهضبة الإثيوبية إلى المصب، ما يجرى هناك في "وادي شنقول" يقينا يعوق وصول المياه إلى المصريين، والماء حياة، وحياة المصريين مرتهنة بالنهر، هذا لا يحتاج إلى التذكير".

واتهم رزق إثيوبيا بأنها "تتحدث بلسانين، وأحيانا ثلاثة، وتوزع الأدوار جيدا، لسان معسول يقول به رئيس الوزراء في منتدى شرم الشيخ، ولسان يقول به وزراء إثيوبيون في الإذاعات العالمية، ولسان يقول به خبراء إثيوبيون في محادثات سد النهضة، ثلاثتهم يجتمعون على أن السد سيُبنى بالمواصفات الإثيوبية في عام 2017 شاء من شاء وأبى من أبى، واللي مش عاجبه يشرب من البحر".

وأضاف: "تجتهد أديس أبابا في إطالة أمد المفاوضات، واجتماعات تجر اجتماعات، ودراسات تنسخ دراسات، ومكاتب استشارية تنسحب تباعا، خطة ممنهجة تقوم على فرض سياسة الأمر الواقع على المصريين، وهذا لا يقبله المصريون، ويرفضه الشارع المصري، وسيذهب في رفضه إلى سقف خطير، العطش موت، ولا تلوموا العطشى إذا حاق بهم الموت".

وتساءل: "ماذا ينتظر منا رئيس الوزراء الإثيوبي: التسليم بمشيئته، والقبول بارتفاع وسعة تخزين السد، ونقبّل الأيدي على ما يصرفه لنا من فوائض المياه التي تفيض عن حاجته؟ لماذا تصم أديس أبابا أذنيها، وتُغمض عينيها عن معاناة الشعب المصري من شح المياه في الوادي، وتأثيراته الخطيرة على الفلاح المصري في أرضه، يحفظ المصريون عن ظهر قلب فيلم "الأرض"، ويغنون: "الأرض لو عطشانة نرويها بدمانا"، لماذا تغلق أديس أبابا الأبواب في وجه القاهرة التي لم تدخر كرما تجاه الأشقاء؟".

الغريب أنه بعد هذا الهجوم من الكاتب على رئيس الوزراء الإثيوبي دعاه إلى المجيء للبرلمان المصري مخاطبا الشعب المصري، "وقل لهم قولا كريما".

واختتم مقاله بالقول: "الحالة التي باتت عليها المفاوضات بائسة، تحتاج إلى اختراق حقيقي، إلى اتفاق الشجعان، هل يمتلك الرئيسان والشعبان هذه الشجاعة التي تبني المستقبل بين بلدينا؟ أراه قريبا، ويرونه بعيدا.. بعيدا"، على حد تعبيره.

دولتك الدينية تحبس الأدباء

أما الإعلامي إبراهيم عيسى، فنعى الدولة المدنية وحرية التعبير في مصر في مقال له بعنوان "دولة السيسي الدينية تحبس الأدباء" بصحيفة "المقال"، الأحد، متسائلا: "ما كل هذا البؤس الذي تزرعه دولتك في طريقنا؟".

وفي البداية خاطب عيسى "السيسي" قائلا: "بعد ثلاثين يونيو.. دولتك تسجن الناس من أجل أفكارهم ورواياتهم.. ما الذي جرى بالضبط جعل وطنا يستدير معك إلى عصر تفتيش الضمائر، ومحاكمة العقل، وسجن الكتاب والأدباء؟".

وتابع: "دولتك تهدر الدستور وتطارد المفكرين والمبدعين وتحبس الكتاب والأدباء.. دولتك تكره أصحاب الفكر والإبداع.. دولتك دينية وأنت تتحدث طول الوقت عن مدنية حديثة.. أين هذه الدولة المدنية؟ أين تراها؟".

وأضاف: "إنها الدولة التي تشهد مطاردات قانونية للأدباء أكثر مما شهدته في عام الإخوان نفسه وأكثر بالتأكيد مما لقيه أصحاب الرأي والفكر وأهل الإبداع في عصر مبارك".

وأردف: "بعد ثلاثين يونيو.. دولتك تسجن الناس من أجل إبداعهم ورواياتهم.. ما الذي جرى، وماذا حدث بالضبط جعل وطنا يستدير معك إلى عصر تفتيش الضمائر والقلوب ومحاكمة الفكر والعقل وسجن الكتاب والأدباء وملاحقة الأحرار؟".

واستطرد: "دولتك تكره المثقفين والفكر والإبداع وتهوى فقط المنافقين والمتزلفين وناظمي قصائد المديح والمبايعة.. هي الدولة التي تستأنف ضد براءة مؤلف.. ما كل هذا البؤس الذي تزرعه دولتك في طريقنا؟".

وتابع عيسى: "دولتك تتجاهل الدستور بل وتحاربه.. أنت لم تقرأ الدستور، يجوز، لنقرأها لك، ولتقرأها دولتك.. لا حبس لكاتب.. لا حبس إطلاقا إلا في الجرائم المتعلقة بالأعراض والتمييز بين المواطنين والعنف.. فمن أين يستمد هذا القانون الكربه شرعية حبس كاتب؟".

وأضاف الكاتب: "بعد إسلام بحيري كانت فاطمة ناعوت وبعد فاطمة ها هو أحمد ناجي يصدر حكم ضده بالسجن عامين بتهمة خدش الحياء في روايته.. لقد خدشتم أنتم حياء مصر، وهي تغني عن نفسها بأنها بلد الإبداع والفكر والقوى الناعمة".

واختتم عيسى مقاله قائلا: "قوة دولتك الخشنة تدوس قوة البلد الناعمة يا سيادة الرئيس.. لا حاجة لنا، ولا بنا، لأن نخاطب دولة تخلت عن عقلها كي تعقل، بل نحن نشهد التاريخ على أن البلد الذي يحبس مفكريه وأدباءه هو البلد الذي لا يمكن أن يتقدم، ولو بمليون مؤتمر اقتصادي تبثه أجهزتك دعاية لنفسها، بينما قضاؤك ينسف تلك الدعاية في رمشة عين بحبس كاتب".