اقتصاد عربي

قرض "النقد" يزلزل معسكر السيسي: قد يكون مذبحة لنظامك

محلل: الغضب المكتوم في الطبقة الوسطى المتضرر الأكبر من الأزمة الاقتصادية يومئ باضطرابات كبيرة - أرشيفية
أبدى عدد من السياسيين والاقتصاديين والإعلاميين، من أشد أنصار عبدالفتاح السيسي، خشيتهم من الشروط التي يشترطها صندوق النقد الدولي من أجل إقراض حكومة الانقلاب 12 مليار دولار على مدار السنوات الثلاث المقبلة.

ووصف أحدهم القرض بأنه ربما يكون مذبحة لنظام السيسي، فيما أعاد آخر إلى الأذهان تأثير قرارات مشابهة للرئيس الراحل السادات، واتهم آخرون الحكومة بالكذب في ادعائها أنه ليست هناك شروط على مصر كي تصرف القرض.

عرابو الانقلاب: القرض مرعب والشروط خطيرة

وقال الكاتب والروائي، يوسف القعيد ، عضو مجلس النواب، (الذي يعتبره كثيرون أحد أبرز عرابي الانقلاب)، إن "قرض صندوق النقد الدولي ربما سيكون مذبحة للنظام نفسه"، مضيفا: "أنا حاطط إيدي على قلبي بسبب القرض، وخايف لأن مصيره مجهول".

وتابع - في برنامج "بصراحة"، على إذاعة "نجوم إف إم"، مساء الأحد -: "إحنا جمعنا 66 مليار جنيه من المصريين في 3 أيام، ليه ما نجمعش مبلغ زي ده منهم بديلا عن قرض النقد".

وأردف: "أنا مرعوب من القرض لأن المبلغ ضخم جدا، وفوائده كبيرة، وحتى لو فترة السماح طويلة فستكون هناك أزمة، وعلينا البحث عن بديل لصندوق النقد الدولي من أي دولة خليجية".

وبدورها، قالت النائبة السابقة لرئيس المحكمة الدستورية، تهاني الجبالي، إن شروط صندوق النقد خطيرة جدا، ومنها تسعير المياه، ورفع الدعم، وتحرير الخدمات، معتبرة أن هناك شروطا أكبر مقترنة بالقرض، ولكن في مجتمعنا تغيب الشفافية، بحسب قولها.

وعن اضطرار الحكومة للاقتراض، قالت "الجبالي" - في اتصال هاتفي عبر برنامج "العاشرة مساء"، عبر فضائية "دريم" - إن الاقتراض يعني تفاقم الدين الداخلي والخارجي، والمزيد من الضرائب، دون تقسيم المجتمع لشرائح، لذلك يتحمل المواطن ضرائب غير عادلة.

ومن جانبه، وصف رئيس حزب التجمع (أحد أشد الأحزاب اليسارية تأييدا للانقلاب)، عضو لجنة الشؤون الاقتصادية بمجلس النواب، السيد عبدالعال، زيارة وفد صندوق النقد الدولي، بأنها غير مرحب بها في مصر.

وأضاف: "عندما تدعي الحكومة والصندوق أنه لا توجد شروط للقرض فهذا "كذب"؛ لأن الشروط قد تم إقرارها، والتزمت بها الحكومة، قانون الخدمة المدنية، وتخفيف الجمارك على الواردات، وتخفيض الإنفاق الاستثماري، وتخفيض بند الأجور.. كلها اشتراطات"، مشيرا إلى أن الصندوق يطلب مزيدا من الإجراءات.

ومن جهته، قال رئيس اتحاد أصحاب المعاشات، البدري فرغلي، (أحد أنصار السيسي) إن صندوق النقد الدولي لا يمنح قروضا، لكنه يرسم شروطا، ومن يوافق على هذه الشروط يحصل على هذا القرض من البنك الدولي، مشيرا إلى أنه أجرى أكبر استجواب حينما كان بمجلس النواب، وفضح الصندوق والبنك، وأنصارهما في مصر.

وأضاف - في مداخلة هاتفية لبرنامج "العاشرة مساء" - أن شروط صندوق النقد الدولي، تشمل الإطاحة بملايين الموظفين في الدولة، وطرح ما تبقى من مصانع وشركات قطاع الأعمال، وبعض شركات البترول والبنوك، في البورصة.

خبراء اقتصاد: أيام الخديوي إسماعيل تعود

وبدوره اعتبر الخبير الاقتصادي، رائد سلامة، زيارة وفد صندوق النقد: "زيارة مشؤومة تشبه ما كان يقوم به الدائنون الدوليون أيام الخديوي إسماعيل من تفتيش على المالية المصرية، وصندوق الدين".

وأضاف "سلامة" أن بعثة الصندوق أتت الآن للتأكد من أن الشروط التي تم وضعها يتم تطبيقها من جانب الحكومة المصرية؛ بتطبيق الضرائب المجحفة، وخاصة ضريبة القيمة المضافة، ورفع الدعم، وتحرير الأسعار، وتعويم العملة، والبدء في الخصخصة، ببيع الأصول المملوكة للشعب.

وتابع: "الاقتصاد بهذا الشكل لا يعد حتى اقتصادا رأسماليا، لكنه نموذج تابع وتعس جدا لاقتصاد الخدمات فقط، ويسعى لإغراقنا في الديون لندخل إلى "الدائرة الجهنمية للاقتراض".

وطالب الخبير الاقتصادي، رضا عيسى، الحكومة، بضرورة الكشف عن شروط الاقتراض من صندوق النقد، مؤكدا أن الشعب من حقه معرفة جميع التفاصيل المرتبطة بالقرض، خصوصا كيفية استخدام هذه القروض.

وقال الخبير الاقتصادي، زهدي الشامي، إن :"السلطة الحاكمة تنفذ تعليمات صندوق النقد الدولي، للحصول على مزيد من الديون، فالشروط المطلوبة هي قانون الخدمة المدنية الذي أقره مجلس النواب، وقانون ضريبة القيمة المضافة، بالإضافة لبيع أصول الدولة، وتخفيض سعر الجنيه المصري، وهذا بالفعل يذكرنا بديون مصر، وصندوق الدين في عهد الخديوي إسماعيل".

نواب الانقلاب:  مخالفة للبيان وتركيع للبلاد

وأعلن عدد من أعضاء مجلس النواب  معارضتهم الشديدة للقرض.

وتقدم عبد الحميد كمال، بطلب استدعاء لرئيس الحكومة ووزراء المجموعة الاقتصادية للمجلس، بسبب القرض.

وقال: "ما يحدث يعد مخالفة صارخة، وإخفاء للسياسات العامة والاقتصادية، بالإضافة إلى أن شروط الصندوق سوف تحمل الفقراء وأغلبية الشعب المصري أعباء خطيرة على أسعار الخدمات، في مجالات النقل العام والسكة الحديد ومترو الأنفاق ومياه الشرب والصرف الصحي".

ومن جانبه، رفض هيثم الحريري، إقبال الحكومة على الاقتراض من صندوق النقد، لأن شروطه تسعى "لتركيع الدولة المصرية، وسلبها استقلال قرارها وتوجهاتها"، بحسب قوله.

وأضاف - في تصريحات صحفية، الأحد -: "إقرار الخدمة المدنية، ورفع دعم المياه والكهرباء، وتعويم الجنيه، تأتي في إطار سياسة استجداء الحكومة للشروط، ويفترض أن يتحرر المجلس (البرلمان) من سياسة رد الفعل للحكومة، ويستخدم حقه الدستوري لوضع سياسات الدولة، وإن لم تلتزم ببرنامج واضح يستقل بالقرار المصري، ويعالج الأزمات الاقتصادية، فلابد من سحب الثقة".

أما رئيس لجنة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية الجديدة في المجلس، معتز محمود، فطالب بأن تعتمد الحكومة على بدائل للقرض، مثل تعديل قانون الجنسية المصرية، وتعديل القوانين المكبلة للاستثمار، مؤكدا أن مصر تدفع 240 مليار جنيه سنويا فوائد للديون فقط.

وحذر عضو لجنة القوى العاملة بالمجلس، خالد عبدالعزيز شعبان، من أن الحكومة بدأت في تنفيذ شروط الصندوق، بإجراءات منها قانون الخدمة المدنية، ورفع الدعم عن بعض المواد البترولية والكهرباء والمياه، بالإضافة إلى خفض المرتبات، وتحريك الأسعار، وتعويم سعر الجنيه مرة أخرى، مستدركا: "ما يثار بشأن خصخصة بعض أملاك الدولة أمر في غاية الخطورة".

"الكرامة والتيار الشعبي": زيارة شؤم

وأعلن "التيار الشعبي" وحزب "الكرامة" رفضهما قرض صندوق النقد الدولي، واصفين زيارة بعثة الصندوق إلى مصر، بـ "الزيارة الشؤم".

وقال بيان صادر عن التيار والحزب، الأحد، إن "سياسة الاقتراض التي تتبعها مؤسسة الحكم في مصر حاليا، تضرب عرض الحائط بخطة الموازنة المعلنة قبل أشهر للعام 2016 - 2017، التي اعتمدها مجلس النواب.

إعلاميو السيسي يذكرون بتجربة السادات


وانضم إعلاميو السيسي إلى رافضي القرض.

وجاء أقوى تحذير من عبد الله السناوي، في مقاله، الأحد، بجريدة "الشروق"، تحت عنوان: "الأزمة الاقتصادية وما بعدها"، إذ قال فيه: "نحن أمام أوضاع اقتصادية منذرة إذا لم يكن هناك اعتراف بأسبابها، فإنه لا يمكن تجنب عواقبها الوخيمة".

وحذر من أن الغضب المكتوم في الطبقة الوسطى، المتضرر الأكبر من الأزمة الاقتصادية، يومئ باضطرابات لا يعرف أحد متى تعلن عن نفسها، ولا أين؟

وفي السياق نفسه، قال محمود خليل في صحيفة "الوطن" تحت عنوان "الطبقة الوسطى في مهب الريح"، الأحد: "يبدو أن البعض له حسبة معينة فيما يتعلق بالطبقة الوسطى، ملخصها أن إصابة أفرادها بحالة "تهنيج"، وجرهم إلى أسفل نحو الطبقة الفقيرة، أحد مفاتيح استقرار الأوضاع، لكنني أشك في دقة هذه "الحسبة".. فالضغط لا يخلق استقرارا.

وحذر عماد الدين حسين، في مقاله بجريدة "الشروق"، بعنوان "من الذي سيطبق برنامج الإصلاحات؟"، الأحد، من أن :"الحالة البائسة التي نعيشها لا تتحمل تجارب من أي نوع.. نحتاج إلى دراسات من أهل الخبرة والاختصاص، وليس ضرب ودع وفهلوة وهمبكة.. علينا أن نستفيد من التجارب المؤلمة التي مررنا بها، فالفشل ممنوع، لأن ثمنه سيكون كارثيا لا قدر الله".