صحافة دولية

الغارديان: ما جديد قضية مقتل ريجيني بعد عام من حدوثها؟

الغارديان: تسمم العلاقات بين إيطاليا ومصر؛ بسبب عدم التوصل إلى قاتل ريجيني- أرشيفية


نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا للصحافيتين روث مايكيلسون من القاهرة وستيفيني كيرتشغيسنر في روما، حول تسمم العلاقات بين إيطاليا ومصر؛ بسبب عدم التوصل إلى قاتل جوليو ريجيني، الذي اختفى في القاهرة قبل عام.

وتقول الكاتبتان إن باز زئراتي تتذكر آخر حديث لها مع ريجيني، حيث قالت إنه كان سعيدا ومليئا بالحياة، ويشعر بأهمية ما يقوم به من دراسة وأبحاث.

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه بعد أن وجد جسد ريجيني وعليه آثار التعذيب، كانت زائراتي واحدة من أصدقائه الآخرين الذين بدأوا حملة دولية للمطالبة بإجابات عن الأسئلة الغامضة حول وفاته، لافتا إلى أنه كان للحملة أثر كبير في العلاقة بين مصر وإيطاليا، حيث استدعت الأخيرة سفيرها من القاهرة؛ بسبب غياب التعاون في التحقيق في وفاة ريجيني.

وتذكر الصحيفة أن "المزيد عن آخر أيام ريجيني تمت معرفته الآن، خاصة بعد أن اعترف رئيس اتحاد الباعة المتجولين محمد عبد الله، بأنه أخبر السلطات المصرية حول عمل ريجيني ودراسته للاتحادات العمالية، وليس واضحا عما إذا كان ذلك هو ما أدى إلى مقتل ريجيني، لكن هناك اعتقادا في إيطاليا بأن ريجيني عذب وقتل بأيدي عناصر من الدولة المصرية، حتى لو أنكرت حكومة عبد الفتاح السيسي تورطها".

وتنقل الكاتبتان عن مسؤول إيطالي، اشترط عدم ذكر اسمه، قوله: "وصلنا إلى طريق مسدود"، وأضاف المسؤول أن الحكومة تحاول إيجاد مخرج من هذا المأزق مع القاهرة، خاصة أن هناك أمورا تتعلق بالسياسة الخارجية، مثل ليبيا، حيث تملك مصر تأثيرا كبيرا فيها.

ويجد التقرير أن اللقاءات المتواصلة بين المحققين المصريين والإيطاليين في روما قد تعني بأن هناك تقدما ما، مستدركا بأنه بالرغم من تصريح المسؤولين الإيطاليين بأنهم تسلموا الأدلة التي طلبوها كلها، مثل سجلات المكالمات، إلا أنه ليست هناك ضمانات بأن هذا الحوار سيوصل إلى أي عمل حقيقي من جانب جهاز العدل المصري.

وتلفت الصحيفة إلى أن المحاولات المستقلة من عائلة ريجيني للحصول على أجوبة شافية قوبلت بالصمت، مشيرة إلى أن محامي العائلة في القاهرة طالب مرتين بالحصول على نسخة من ملف ريجيني لدى المدعي العام المصري دون جدوى، حيث يعتقد أن الملف يحتوي على معلومات حساسة، بما في ذلك أسماء الأشخاص المتورطين بقتل ريجيني.

وتورد الكاتبتان نقلا عن رئيس مجلس أمناء المفوضية المصرية للحقوق والحريات، التي يعمل محاموها لصالح عائلة ريجيني، أحمد عبد الله، قوله: "طالبنا بالوثائق من المدعي العام في مصر، وذكرناه بأننا طالبنا بها أولا قبل سبعة أشهر، ولم نتلق جوابا إن كنا سنحصل عليها".

ويفيد التقرير بأن الفشل في الوصول إلى قتلة ريجيني ومحاكمتهم ألقى بظلاله على علاقة إيطاليا مع مصر؛ ما جعل التفاعل مع القاهرة بخصوص ليبيا، وهو أحد أهم الأهداف للسياسة الخارجية، أكثر صعوبة.

وتوضح الصحيفة أن مصر تؤيد خليفة حفتر، الذي يعارض الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة وإيطاليا في طرابلس، حيث أعادت روما فتح سفارتها، لافتة إلى أن ليبيا هي نقطة مغادرة اللاجئين الذين يصلون إلى إيطاليا عبر البحر، الذين وصل عددهم عام 2016 إلى 180 ألف شخص.

وتنقل الكاتبتان عن السفير السابق للناتو في إيطاليا، ستيفانو ستيفاناني، قوله: "نحتاج من الناحية المثالية إلى أكبر قدر من الدبلوماسية الإقليمية في ليبيا، وقضية ريجيني تشكل حجر عثرة"، وأضاف أنه في الوقت الي اتخذت فيه إيطاليا موقفا مبدئيا، إلا أن القضية دفعت بالعلاقة مع القاهرة إلى أدنى مستوياتها؛ ما فاقم المشكلات في جوانب أخرى.

وبحسب التقرير، فإن المسؤولين في وزارة الخارجية لا يزالون يدرسون إذا كانوا سيعيدون السفير الإيطالي إلى القاهرة، وقال نائب وزير الخارجية الإيطالي ماريو غيرو: "لم نتخذ قرارا بعد"، ولدى سؤاله ماذا ينتظرون، قال إنهم يتنظرون "إلقاء الضوء على ما حصل".

وتستدرك الصحيفة بأنه مع أن العلاقات الدبلوماسية بين البلدين تدهورت، إلا أن صفقات يورو أنيرجي المليارية مع القاهرة توسعت، وكانت شركة إيني، التي تديرها الحكومة الإيطالية وتعمل في النفط، أصدرت بيانا تطالب فيه بالعدالة لريجيني، إلا أن الشركة زادت من العمل في مصر، ووعدت بأن يكون حقل ظهر الغاز الطبيعي منتجا قبل نهاية عام 2017، كما وعدت بزيادة استثمارها بقيمة 3.7 مليار دولار، مشيرة إلى أن المدير التنفيذي كلوديو ديسكازي، قام بمقابلة السيسي في وقت سابق من هذا الشهر.

وتنوه الكاتبتان إلى أن صحيفة "لا ريبابليكا" اختارت والدة ريجيني، بوالا، للقب "امرأة العام"، وقالت إنها أصبحت رمزا ليس للمطالبة بالحقيقة والعدالة لابنها فقط، لكن لمحاربة الاعتداء على حقوق الإنسان كلها، بالإضافة إلى أن مقتل ريجيني أصبح رمزا للعدد الكبير من حالات الاختفاء القسري، وارتباط ذلك بالتعذيب، حيث يسجن الضحايا بالسر دون التمكن من الاتصال بأهلهم أو محاميهم، مشيرتين إلى أنه تم توثيق 789 حالة اختفاء قسري، في القترة بين آب/ أغسطس 2015 وآب/ أغسطس 2016، بحسب أول تقرير دوري للمفوضية المصرية للحقوق والحريات.

ويكشف التقرير عن أن التلفزيون المصري قام بعرض فيلم هذا الأسبوع يدعم اعترافات رئيس اتحاد الباعة المتجولين، بأنه أخبر السلطات المصرية عن شكوكه حول أبحاث ريجيني قبل تعذيبه وقتله بفترة وجيزة، لافتا إلى أن الفيديو يظهر ريجيني يتحدث باللغة العربية مع رئيس اتحاد الباعة المتجولين محمد عبدالله، الذي يكرر طلب المال من ريجيني، حيث قال إنه بحاجة إلى مال ليدفع تكاليف علاج زوجته، التي تعاني من السرطان، فيقول له ريجيني إنه لا يستطيع أن يعطيه مال المنحة، التي يقول إنها تأتيه من المملكة المتحدة، لكنه يقترح عليه بأن يقدم طلبا للحصول على منحة لاتحاده، وتم تصوير الفيديو باستخدام كاميرا صغيرة في أحد أزرار قميص عبدالله.



وتبين الصحيفة أنه مع أن ذكر ريجيني للتمويل الأجنبي لأبحاثه ليس غريبا في الدوائر الأكاديمية، إلا أن التمويل الأجنبي للمنظمات غير الحكومية كان مثيرا للجدل منذ عام 2013، عندما بدأت الحكومة حملة ضد المنظمات غير الحكومية.

وتختم "الغارديان" تقريرها بالإشارة إلى قول المتخصصة بالشأن المصري في معهد "كارنيغي إنداومنت" ميشيل ديون، إن الفيديو يدعم وجهة النظر السائدة على نطاق واسع، بأن الدولة المصرية هي من قتلت ريجيني، لذلك فإنه كان من الصعب فهم عرض هذا الفيديو على التلفزيون الحكومي المصري.