كتب

متى بدأت مشكلة الحدود بين السعودية واليمن؟.. سيرة علي عبد الله صالح

لم يبدأ بحث قضية الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية بطرق جدية إلا مع فترة الاستقرار السياسي في اليمن، عندما بدأ ساعد الدولة يشتد في عهد الرئيس علي عبدالله صالح.
لم يبدأ بحث قضية الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية بطرق جدية إلا مع فترة الاستقرار السياسي في اليمن، عندما بدأ ساعد الدولة يشتد في عهد الرئيس علي عبدالله صالح.
صدر الأسبوع الماضي في بيروت عن "دار زمكان" كتاب جديد للدكتور فيصل جلول بعنوان "حين خرج الماء من صخر الصوان علي عبدالله صالح 1942 ـ 2012". يتطرق الكتاب عبر شهود مباشرين إلى قضية الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية قبل الوحدة اليمنية وبعدها.

تنفرد "عربي21" بنشر فصل منه، يتطرق إلى بدايات المشكلة التي انفجرت جراء نزاع قبلي على جانبي الحدود.

لم يبدأ بحث قضية الحدود بين اليمن والمملكة العربية السعودية بطرق جدية إلا مع فترة الاستقرار السياسي في اليمن، عندما بدأ ساعد الدولة يشتد في عهد الرئيس علي عبدالله صالح، وبخاصة عندما بدأت القوات المسلحة اليمنية تتمركز في مأرب، حيث بدأ الاحتكاك بين الجانبين.

تم أول لقاء بين البلدين حول الحدود في سنة 1979، عندما وقعت مشكلة عويصة بين قبيلتيْ وائلة ويام اليمنية حول جانبي الحدود. كانت قبيلة يام قد أصبحت بحسب اتفاقية الطائف عام 1934 مع السعودية. على إثر هذه المشكلة التأم تجمع قبلي كبير في الجانب اليمني، بعد أن استعانت قبيلة وائلة بكل القُبُلِ اليمنية التي جمعت قرابة 15 ألف قبيلي مسلح في منطقة البقع، وما كان يسمى الإمارة بالقرب من نجران.

أفضى هذا التوتر إلى عقد لقاء مشترك في نجران، شكل الرئيس علي عبد الله صالح لهذه الغاية مجموعة عمل برئاسة نائب رئيس الوزراء حينذاك الشيخ مجاهد أبو شوارب. شارك في اللقاء إسماعيل الوزير الذي روى لي وقائع ما جرى ". كنت حينها وزيرا للعدل وشارك معنا اللواء حمود الجائفي رئيس الوزراء السابق، وكان في حينه سفيرا لليمن في المملكة السعودية، وأيضا المستشار الأستاذ حسين الحُبيشي وعدد من العسكريين ورجال الأمن. ذهبنا أولا إلى منطقة التجمع القبلي في نجران بالطائرة، استمعنا إلى رواية القبائل، ثم اجتمعنا في نجران مع الجانب السعودي الذي كان برئاسة الأمير أحمد بن عبد العزيز نائب وزير الداخلية في حينه، وبرفقته مسؤولون سعوديون. ناقشنا أسباب التوتر الذي نجم عن إنشاء المملكة مباني ومراكز أمنية على الحدود، فضلا عن شق طريق من نجران إلى الشرورة في أراض تابعة لقبائلنا المستنفرة، وبدأ البحث حول هذه المناطق التي أثارت الإشكال، والتي كان يمكن أن تؤدي إلى توتر، خصوصا أننا كنا نعيش توترا أيضا مع الحكم الاشتراكي في جنوب اليمن".

 ويضيف الوزير: "قال لنا الوفد السعودي؛ إنهم يعانون من مشاكل أمنية ناجمة عن تسلل وتهريب أسلحة من طرف الاشتراكيين في عدن إلى المملكة. قالوا لنا: هذه المراكز التي أقمناها تفيدكم وتفيدنا، وهي لتحقيق الأمن وضبط الجمارك. رفضنا مطلقا البحث في موضوع الحدود وأصررنا على إزالة المنشآت، وأدى ذلك إلى توتر بين البلدين اللذين كانا في حينه على انسجام ظاهر".

وأوضح الوزير: "بدأ الطرح من الأمير أحمد بن عبد العزيز. قال لنا: أنا مستعد أن أتجاوز صلاحياتي وأن أنسف كل هذه المنشآت، ولا تخرجوا من هنا إلا وهي منسوفة، لكن شريطة أن تقبلوا البحث في مبدأ التفاوض على الحدود. كان بحث قضية الحدود من طرفنا غير وارد على الإطلاق. منذ ذلك الحين بدأ الموضوع يتصاعد وتحصل اشتباكات بين الدوريات والقبائل".

وتابع: "في هذا الوقت، بدأنا من طرفنا البحث في الموضوع داخليا. أخذنا نجمع المعلومات والنظر إلى الأمور نظرة واقعية وتاريخية، وأخذ السعوديون يضغطون علينا من أجل تشكيل لجنة مشتركة. ظلت القضية محل خلاف عدة سنوات حول تسمية لجنة الحدود من الجانبين، هم كانوا يصرون على أن تسمى "لجنة بحث ما تبقى من الحدود"، على اعتبار أن الحدود كانت قد رُسِّمتْ إلى مستوى نقطة جبل الثأر في اتفاقية الطائف 1934. من جانبنا، كنا نرفض بحث قضايا الحدود. حصلت وساطات من دول عربية حول تسمية اللجنة. طلبت السعودية وساطة العراق وتم الاتفاق على أن تشكل لجنة الحدود، ربما عام 87 أو 88 عندما تم الاتفاق على الاسم، أخذ بحث قضية التشكيل ومهمة اللجنة وقتا طويلا، إلى أن تمت الوحدة اليمنية التي شكلت منعطفا حقيقيا لحل هذه القضية، إذ ما كان ممكنا فصل الحدود شمالا وجنوبا. كنا ننظر إلى الحدود كخط واحد لا خط شمال ولا خط جنوب، وكان الاتفاق بهذا الشأن بين الشطرين تاما. عندما نضجت قضية الوحدة تم التوقيع على اتفاق بين الشمال والجنوب على هامش اتفاق الوحدة في 29 تشرين الثاني/نوفمبر".

وأوضح: "نصّ الاتفاق على ألا يبحث أي من الشطرين في قضية الحدود على انفراد. كان الإخوة في عدن قد بدؤوا مباحثات مع سلطنة عُمَان، توقفت بعد الوحدة أو كانت شبه مجمدة. ضَمّنَّا بيان الثقة لأول حكومة وحدوية أمام مجلس النواب نقطة تقول؛ إن الحكومة ستبحث قضايا الحدود مع الجيران على أساس الشروط القانونية والتاريخية، وكان من المفترض أن يُحدِثَ ذلك نقلة كبيرة جدا بالنسبة للجانب السعودي، لكنهم لم يتفاعلوا بسبب النص الشرطي "على أساس الحقوق التاريخية والقانونية"؛ باعتبار أن الجانب التاريخي يشمل كل المناطق".

في الكتاب تتمة التفاصيل عن المفاوضات الطويلة، التي أفضت إلى حل مشكلة الحدود وتخطيطها في العام 2000 بين المملكة العربية السعودية واليمن.
التعليقات (0)