ملفات وتقارير

مطالب أمريكية بفرض عقوبات على رئيس محكمة مكافحة الإرهاب السعودي عوض الأحمري

أنشأت وزارة الخارجية الأمريكية سياسة حظر خاشقجي لمسؤولين مثل الأحمري، وبالتالي عليها التأكد من أنه على الأقل غير مرحب به في الولايات المتحدة.. (إكس)
أنشأت وزارة الخارجية الأمريكية سياسة حظر خاشقجي لمسؤولين مثل الأحمري، وبالتالي عليها التأكد من أنه على الأقل غير مرحب به في الولايات المتحدة.. (إكس)
قالت منظمة الديمقراطية الآن للعالم العربي (DAWN) في تقرير قدمته إلى مجموعة العمل التابعة لوزارة الخارجية الأمريكية بشأن سياسة حظر خاشقجي أنه يجب على وزارة الخارجية الأمريكية فرض عقوبات على عوض الأحمري، رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة السعودية، عملًا بسياسة حظر خاشقجي ومنعه من السفر إلى الولايات المتحدة لدوره في أنشطة خارج الحدود الإقليمية مناهضة للمعارضة.

وعرضت المنظمة في تقرير لها اليوم أرسلت نسخة منه لـ "عربي21"، تفاصيل حول مساعدة الأحمري في إخفاء الأدلة عن السلطات التركية في جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في إسطنبول عام 2018، ما أدى إلى تبرئة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان وغيره من المسؤولين السعوديين رفيعي المستوى.

كما قدمت أدلة على دور الأحمري كرئيس للمحكمة الجزائية المتخصصة في استهداف أفراد عائلات المعارضين السلميين في الخارج، مثل محمد الغامدي، شقيق رجل الدين السعودي المعارض الدكتور سعيد الغامدي الذي يعيش في المنفى الاختياري في المملكة المتحدة.

وقال سيفاج كشيشيان، وهو باحث أول في منظمة (DAWN): "لقد أنشأت وزارة الخارجية الأمريكية سياسة حظر خاشقجي لمسؤولين مثل الأحمري، وبالتالي عليها التأكد من أنه على الأقل غير مرحب به في الولايات المتحدة".

وأضاف: "الأحمري تأكد من إفلات المسؤولين عن جريمة قتل خاشقجي من العقاب، وهو يواصل استهداف ومعاقبة النشطاء السلميين خارج المملكة العربية السعودية".

ويشرح تقرير منظمة (DAWN) دور الأحمري في التحقيقات السعودية المزعومة في جريمة قتل خاشقجي، حيث رافق المدعي العام السعودي إلى إسطنبول وساعد في قيادة التحقيقات التي ساعدت في التعتيم على الجريمة وتجنب توريط محمد بن سلمان، الذي خلصت تقارير المخابرات الأمريكية إلى أنه أمر بجريمة القتل، ووثق المقرر الخاص للأمم المتحدة دور محمد بن سلمان في جريمة القتل.

كما برّأ التحقيق الذي قاده الأحمري مسؤولين سعوديين آخرين رفيعي المستوى، مثل سعود القحطاني، على الرغم من أن الحكومة الأمريكية وحكومات أخرى فرضت عليه عقوبات بسبب دوره في جريمة قتل خاشقجي.

وفي القنصلية السعودية في إسطنبول، شارك الأحمري في عملية تستر حكومية سعودية على الجريمة، قام خلالها الفريق السعودي بتنظيف مسرح الجريمة بشكل دقيق وشرعي قبل السماح للمحققين الأتراك بالوصول بشكل محدود ومنعهم من تصريف مياه بئر تقع في مقر القنصلية، حيث يعتقد المحققون أن الجناة أخفوا فيها رفات خاشقجي.

كما رفض الأحمري والفريق مشاركة الأدلة مع السلطات التركية، بما في ذلك شهادات أعضاء فريق الاغتيال السعودي، ومنعوا السلطات التركية من استجواب المشتبه بهم المتورطين في الجريمة، وقدموا معلومات كاذبة للجمهور حول ما حدث، بما في ذلك أن خاشقجي غادر القنصلية، وأن القتل كان حادثًا، وأن عناصر مارقة نفذته.

يذكر أنه في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، قتل خاشقجي داخل قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول، وباتت القضية من بين الأبرز والأكثر تداولا في الأجندة الدولية منذ ذلك الحين.

واستمر الأحمري في المشاركة في القمع خارج الحدود الإقليمية للناشطين السعوديين السلميين. فقد صدر مرسوم ملكي من محمد بن سلمان بتعيين الأحمري، الذي يُعتبر مستشارا مقربا له، رئيسًا للمحكمة الجزائية المتخصصة في 9 يونيو/حزيران 2022، على الرغم من افتقار الأحمري إلى المؤهلات والتدريب القضائي.

وفي 28 مايو/أيار 2023، أسند الأحمري، الذي يرأس محكمة الإرهاب ويشرف على قضاتها، قضية محمد الغامدي، شقيق رجل الدين السعودي المعارض المقيم في المنفى الاختياري في المملكة المتحدة الدكتور سعيد الغامدي، إلى ثلاثة قضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة لم يتم ذكر أسمائهم. وفي 10 يوليو/تموز 2023، حكموا على محمد الغامدي بالإعدام بسبب منشوراته السلمية على مواقع التواصل الاجتماعي. ووفقًا للدكتور سعيد الغامدي، فإن الحكم الصادر ضد شقيقه كان بمثابة عقوبة انتقامية ضده بسبب نشاطه المعارض السلمي في المنفى في المملكة المتحدة. بصفته رئيس المحكمة الجزائية المتخصصة، قام الأحمري بمراجعة حكم الإعدام الصادر بحق الغامدي والموافقة عليه، كما هو مطلوب منه في جميع القضايا التي يكون فيها المتهمون متهمين بجرائم يعاقب عليها بالإعدام أو حكمت عليهم المحكمة بالإعدام.

كما سبق للأحمري أن عمل محققًا في دائرة أمن الدولة ضمن النيابة العامة من 2010 إلى 2022، حيث كان متواطئًا في أعمال التعذيب وانتزاع اعترافات قسرية واحتجاز نشطاء سلميين في السعودية، بحسب مصادر فضّلت عدم الكشف عن هويتها أجرت منظمة (DAWN) مقابلات معهم في سبتمبر/أيلول وأكتوبر/تشرين الأول 2022. وعادةً يجب على القضاة إكمال عامين على الأقل من التدريب والدراسات القضائية في المعهد العالي للقضاء، بالإضافة إلى الحصول على درجة البكالوريوس في القانون أو ما يعادلها. لم يحصل الأحمري على هذه المؤهلات ولم يمر عبر قنوات القضاء المتبعة عادة في البلاد مثل التدريب والكتابة للقاضي لمدة عامين، وفقًا للقاضي الذي تحدثت إليه منظمة (DAWN) في 14 أكتوبر/تشرين الأول 2022.

قال كشيشيان: "كافأ محمد بن سلمان الأحمري بتعيينه رئيسًا لواحدة من أسوأ المحاكم في السعودية لأنه كان يعلم أن الأحمري سيواصل إساءة استخدام القوانين ونظام العدالة السعودي لمعاقبة أفراد عائلات المعارضين في الخارج. فبدون عناصر تمكينية موالية بشكل أعمى مثل الأحمري، لن يتمكن محمد بن سلمان من الاستمرار في قمعه الشديد للمجتمع السعودي والناشطين المنفيين".

وقال مصدر مقرب من مدافع سعودي بارز عن حقوق الإنسان (لم تذكر منظمة (DAWN) اسمه لحمايته من انتقام الحكومة) لمنظمة (DAWN) في 7 سبتمبر/أيلول 2022 إن الأحمري استجوب أحد أفراد عائلته في عام 2013 بشأن نشاطه السلمي وانتزع منه اعترافات قسرية. ونتيجة لذلك، حُكم على الناشط بالسجن لفترة طويلة جدًا، كما أصيب بأضرار دائمة في جسده. مصدر آخر، وهو سجين رأي لم تذكر منظمة (DAWN) اسمه أيضًا لأسباب تتعلق بالسلامة، قال لمنظمة (DAWN) في 12 أكتوبر/تشرين الأول 2022 إن الأحمري استجوبه في 2014 بشأن مقاطع فيديو نشرها على اليوتيوب وأجبره على التوقيع على اعتراف بأنه "متطرف" و"إرهابي". وعندما تراجع السجين عن اعترافه في المحكمة، قال إن الأحمري وضعه في الحبس الانفرادي لعدة أشهر، كنوع من التعذيب، حتى اعترف مرة أخرى تحت تهديد الأحمري. وقال إن الأحمري أملى عليه اعترافه حرفيًا ثم أجبره على التوقيع عليه. ونتيجة لذلك، حُكم عليه بالسجن وقضى سنوات في السجن.

وجاء تعيين محمد بن سلمان للأحمري بموجب مرسوم ملكي بعد اعتقال 10 قضاة، ستة منهم من المحكمة الجزائية المتخصصة، في 11 أبريل/نيسان 2022. وتحمل اعتقالات هؤلاء القضاة ومحاكمتهم تشابهًا صارخًا مع عمليات التطهير السابقة لمنافسي محمد بن سلمان، ويبدو أن التهم الموجهة إليهم ذات دوافع سياسية، مع عدم تقديم أدلة موثوقة ضد المتهمين، بحسب مصدر مطلع على المحاكمة والذي قال إنه اطلع على وثائق المحكمة المقدمة ضد المتهمين. وأضاف المصدر نفسه أن مسؤولين من دائرة أمن الدولة التابعة للنيابة العامة وجهوا تهما لقضاة المحكمة الجزائية المتخصصة بعد أن وقّعوا على اعترافات تفيد بأنهم كانوا "متساهلين" للغاية في قضايا أمن الدولة التي ترأسوها خلال فترة عملهم كقضاة في المحكمة الجزائية المتخصصة. وفي أعقاب حملة التطهير والتعيينات الجديدة، أصدرت المحكمة الجزائية المتخصصة عدة أحكام صارمة بالسجن، حيث ألغت أحكامًا أقصر بكثير أصدرتها محاكم أدنى درجة، بما في ذلك الحكم على امرأتين سعوديتين بالسجن لمدة 34 و45 عامًا، على التوالي، لاستخدامهما وسائل التواصل الاجتماعي. وقال المصدر نفسه لمنظمة (DAWN) إن القاضي الذي يرأس محاكمة هؤلاء القضاة العشرة هو عوض الأحمري.

وقال رائد جرار، مدير قسم المناصرة في منظمة (DAWN): "من خلال فرض سياسة حظر خاشقجي على الأحمري، يمكن لوزارة الخارجية الأمريكية أن تساعد في ضمان الحد الأدنى من مساءلة مرتكبي القمع العابر لحدود الدولة".

وأضاف: "إنّ الجناة الذين لهم مناصب في البلدان "الشريكة" يرتكبون انتهاكات فظيعة، ويجب على وزارة الخارجية أن تلاحقهم بنفس العزم الذي تلاحق من خلاله أعداءها السياسيين، مثل المسؤولين الروس".

ووفق التقرير فقد واصلت السعودية استهداف ومهاجمة الناشطين خارج البلاد في محاولة لخنق ومعاقبة منتقدي انتهاكاتها لحقوق الإنسان. وبينما زاد محمد بن سلمان وتيرة القمع في السعودية، قام هو ومستشاروه المقربون أيضًا بتجنيد سعوديين وآخرين في الولايات المتحدة للتجسس على المعارضين السعوديين ومضايقتهم وترهيبهم. ففي يناير/كانون الثاني 2023، كشفت منظمة (DAWN) كيف اخترقت الحكومة السعودية ويكيبيديا، من خلال إداريين مقيمين في السعودية نشروا محتوى إشكاليا وتم حظرهم لاحقًا من قبل ويكيميديا، وسجنت الحكومة أيضًا مسؤولين سعوديين رفضوا على ما يبدو العمل كجواسيس للحكومة السعودية. وفي أكتوبر/تشرين الأول 2022، اعترف إبراهيم الحصين، عميل الحكومة السعودية، بالكذب على عملاء مكتب التحقيقات الفيدرالي بشأن حسابات وسائل التواصل الاجتماعي التي استخدمها لتخويف السعوديين في الولايات المتحدة وكندا، وحُكم عليه بالسجن لمدة شهرين يليه الترحيل.

وقبل ذلك، حاكمت السلطات الأمريكية اثنين من موظفي تويتر السابقين بتهمة التجسس على مستخدمي تويتر نيابة عن الحكومة السعودية.

وفي ديسمبر/كانون الأول 2022، حكمت المحكمة على أحمد أبو عمو، وهو موظف سابق في تويتر ومواطن لبناني ـ أمريكي، بالسجن لمدة 42 شهرًا بعد إدانته في أغسطس/آب 2022 بالتجسس على المعارضين السعوديين من خلال الوصول إلى حساباتهم على تويتر ومشاركة معلوماتهم الشخصية مع الحكومة السعودية. أما الموظف الآخر، علي آل زبارة، وهو مواطن سعودي تمكن من الوصول إلى المعلومات الشخصية لأكثر من 6,000 مستخدم لتويتر في عام 2015، فقد فر إلى السعودية وهرب من المحاكمة.

واتهم المدعون الأمريكيون شخصا ثالثًا، هو أحمد المطيري، بالعمل كعميل غير مسجل للحكومة السعودية في مخطط التجسس على تويتر، وسرقة معلومات خاصة. وتم إدراجه على أنه هارب "مطلوب بشدة" من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي.

للتذكير فإن سياسة حظر خاشقجي هي سياسة أنشأتها وزارة الخارجية الأمريكية تهدف إلى منع عملاء الحكومات الأجنبية المشاركين في أنشطة خارج الحدود الإقليمية لمضايقة المعارضين من السفر إلى الولايات المتحدة.

وأطلقت منظمة (DAWN) بالتنسيق مع الشركاء والمسؤولين الحكوميين الأمريكيين مجموعة عمل سياسة حظر خاشقجي، وهو تحالف للمجتمع المدني يعمل بالتنسيق مع وزارة الخارجية الأمريكية لوضع المبادئ التوجيهية لتنفيذ سياسة حظر خاشقجي.

وفي سبتمبر/أيلول 2022، وبالتنسيق مع منظمة (DAWN)، قدمت عضو الكونغرس ماكولوم مشروع قانون من شأنه تقنين سياسة حظر خاشقجي والسماح للمدعين الأمريكيين بمقاضاة الدول الأجنبية عندما يصيبون أو يقتلون مقيمًا في أمريكا أثناء تواجده في الخارج بسبب أنشطته في المعارضة، مثل جريمة قتل خاشقجي التي قامت بها السعودية. وسيكون قانون حظر خاشقجي بمثابة استكمال لقانون ماغنيتسكي العالمي، الذي يمكّن الرئيس الأمريكي من فرض عقوبات على الأفراد والكيانات الأجنبية المتورطة في انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان في بلدانهم الأصلية.
التعليقات (0)