سياسة عربية

هل تخرج الجزائر من "الغيبوبة السياسية" بانتخابات رئاسية مبكرة؟

قُدّم هذا القرار على أنه نتاج دوافع داخلية أبرزها "إعادة ضبط" التقويم الانتخابي- جيتي
قُدّم هذا القرار على أنه نتاج دوافع داخلية أبرزها "إعادة ضبط" التقويم الانتخابي- جيتي
نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، تقريرا، تحدّثت فيه عن إعلان الرئيس الحالي للجزائر تحديد موعد للانتخابات الرئاسية المبكرة، وذلك استجابةً لمطالب الشارع والمعارضة التي طالبت بتغيير سياسي.

‌وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن "الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، أعلن يوم الخميس الموافق لـ21 آذار/ مارس إجراء انتخابات مبكّرة بتاريخ 7 أيلول/ سبتمبر بعد أن كان من المقرر إجراؤها مبدئيا في كانون الأول/ ديسمبر. ومن المتوقع أن يترشح تبون لولاية ثانية دون وجود منافس جدّي له حتى الآن".

‌ومن خلال اتخاذ هذه الخطوة، يكون تبّون قد أيقظ الجزائر من الغيبوبة السياسية التي دخلت فيها منذ عام 2019. لكن تبع هذا الخبر غير المتوقع أسئلة وتكهنات كثيرة غذّتها لغة وكالة الأنباء الرسمية، وهي المتحدث الرسمي باسم الرئاسة.. في نص تم تقديمه لتفسير ما ينطوي عليه إعلان الرئيس.

وقُدّم هذا القرار على أنه نتاج دوافع داخلية أبرزها "إعادة ضبط" التقويم الانتخابي بعد التوقف الاستثنائي للحراك (أي حركة التمرد ضد السلطة) الذي أدى إلى استقالة عبد العزيز بوتفليقة في سنة 2019، وأخرى خارجية أهمها ضرورة التكيّف مع "التهديدات الخارجية".

‌وذكرت الصحيفة أن هناك مجموعةً من الإشارات لسيناريو يعد أكثر من محتمل حيث يترشح عبد المجيد تبون (78 عاما) لولاية رئاسية ثانية (الأخيرة وفقا للدستور). 

وبحسب وكالة الأنباء الجزائرية، فإن القوى السياسية الرئيسية تصطف خلف هذا الرئيس، الذي "لطالما تمتّع بالجرأة في التفكير خارج الصندوق، وقاد البلاد نحو إنهاء الأزمة ما سمح للدولة باستعادة استقرارها، والمؤسسات باستعادة توازنها". 

اظهار أخبار متعلقة


ويرى التجمع الوطني الديمقراطي أن هذا الإجراء الاستثنائي يمثل إعادة تأكيدٍ لـ"سيادة الدولة"، بينما يدعو حزب جبهة التحرير الوطني "كل القوى الفاعلة (…) إلى جعل هذا الموعد الوطني المهم لقاءً جديدًا لجزائر منتصرة قويةٍ بمؤسساتها وشعبها وجيشها الشجاع".

وأوردت الصحيفة أن "الأطراف الفاعلة في الساحة السياسية أشادت في المجمل بهذه الخطوة". فيما أشار المجلس الوطني لحقوق الإنسان، إلى أن "إجراء انتخابات رئاسية مبكرة من شأنه أن يعزز استقرار الدولة"؛ مؤكدا التزام "الجهات الفاعلة في المجتمع المدني، بالمساهمة الفعالة في نجاح هذه الانتخابات، المزمع إجراؤها يوم 7 أيلول/ سبتمبر، باعتبارها مرحلة رائدة في تاريخ الجزائر الديمقراطية".

أما الأحزاب الإسلامية (وهي: حركة مجتمع السلم، والنهضة، وحركة البناء الوطني)، التي انتظرت طويلاً للعودة إلى الساحة السياسية، فهي في حالة استعداد تام لحملتها الانتخابية. 

في المقابل، أبدت المعارضة تحفظات قليلة، إذ يشير أكثرها تشاؤمًا (مثل التجمع الدستوري الديمقراطي) إلى أن "المناخ العام ليس مناخ الاستعداد الهادئ للانتخابات الرئاسية المقبلة"، بينما أعربت أكثرها تفاؤلًا عن أسفها لعدم مشاركة (حزب جبهة القوى الاشتراكية) في هذا القرار.

‌في هذه الأجواء، من الصعب التغاضي عن ما صدر من مجلة "الجيش"، وهي الرائد الرسمي للجيش الجزائري، التي ورد فيها: "ما أنجِز في أربع سنوات (...) يبعث على الأمل ويدعو إلى الاستمرار على هذا الطريق، مع خطوات أكيدة وواثقة". 

وكان تصريح رئيس مجلس الأمة (الرجل الثاني في الدولة) صلاح قوجيل بلهجة مماثلة، حيث قال الشهر الماضي لصحفي سأله عن الترشح المحتمل للرئيس الحالي: "شخصيا، أريد أن نستمر على هذا الطريق، لتكون الجزائر آمنة ومستقرة وآمنة تماما".

‌أما الشخص الرئيسي المعني، وهو رئيس الدولة عبد المجيد تبون، فأجاب خلال خطابه للأمة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي أمام أحد أعضاء البرلمان الذي شجّعه على الترشح مرة أخرى، قائلا: "إن شاء الله (…) جزاك الله خيرا. منحنا الله الصحة اللازمة". 

وصرح أحد نواب جبهة التحرير الوطني لوكالة أنباء عربية دولية بأن "لجان الدعم للرئيس المنتهية ولايته، تعمل بالفعل من أجل ترشحه لولاية ثانية". لكن في هذا الحفل من الأصوات المتناغمة خلف رئيس الدولة، يرى الصحفي عثمان لحياني "رفضًا لأي منافسة خلال الانتخابات المقبلة"، مشيرًا إلى أن "الحكومة تبحث الآن عن مرشّحين آخرين من دون أن يكونوا "منافسين". 

اظهار أخبار متعلقة


‌وحسب الكاتب الصحفي والمدير السابق لجريدة "الأمة"، عابد شارف، فإن الوضع "مثيرٌ للقلق، لدينا شعور بدخول الولاية الرابعة (في إشارة إلى ما حدث مع بوتفليقة)، لكن لا توجد قوة قادرة على دق ناقوس الخطر". 

وتساءل: "كيف يمكن لحكومة أن ترضى بوضع لا يثير فيه إعلان الانتخابات الرئاسية اهتمامًا ولا جدلًا ولا احتجاجًا؟ كيف يمكن أن تكون راضية عن مثل هذه اللامبالاة ومثل هذا الاستسلام؟ هل هذا يعني أن البلاد لم تتعلم أي درس من الإذلال الذي كان في عهد بوتفليقة؟". 

وطرحت إذاعة "إم"، وهي التي يقبع رئيسها إحسان القاضي في السجن، أسئلة مماثلة بالقول إنه "في مشهد سياسي مجزأ، أي شخصية معارضة يمكن أن تشكل حقًا ثقلًا موازنًا موثوقًا للرئيس المنتهية ولايته؟ وفي غياب معارضة موحدة وشخصية وصاية توحد كل الاستياء، يبدو أنه فرِش أمام تبون سجاد أحمر لإعادة انتخابه".
التعليقات (0)