سياسة عربية

ضباط الجيش يفرضون إتاوات على التجار السنة ببغداد

 أصبح الكثير من الضباط يفرضون شبه ضرائب ثابتة على أصحاب المهن - أرشيفية
أصبح الكثير من الضباط يفرضون شبه ضرائب ثابتة على أصحاب المهن - أرشيفية

تفاجأ اسماعيل الحيالي الملقب بأبو كرم بوقوف شاحنة مزودة برافعة ضخمة تابعة للجيش أمام متجره في مدينة العامرية بالعاصمة بغداد، فيما أنهمك عدد من الجنود في وضع كتل "كونكريتية" كبيرة لقطع الشارع، وذلك تنفيذاً لخطة جديدة اقترحها الضابط المسؤول عن الملف الأمني في المنطقة، دون أي اعتبار لقطع أرزاق أكثر من عشرة عوائل يعتاشون على عمل المحال التجارية والتي ستتوقف عن العمل بعد وضع الحاجز الأمني الجديد.

أما ما فعله أصحاب المحال التجارية بعدما نصحهم جندي مخضرم بالتفاهم مع أمر الوحدة العسكرية بشكل مباشر أو التوجه إلى المرجع الأعلى منه في حال رفضه، هو صفقة تمت بتلقي الضابط المسؤول عن الحاجز مبلغ 700 دولار مقابل تغيير مكان الكتل الخرسانية إلى مسافة أبعد وبما لايعارض حركة المتبضعين أو يمنع وقوف السيارات التي تمد أبو كرم ورفاقة بالسلع.

ولا تعد حالة أبو كرم فريدة من نوعها في العاصمة بغداد ومناطقها الغربية تحديداً "ذات الغالبية السنية" والتي يتمتع ضباط وحدات الجيش هناك بصلاحيات الحاكم العسكري المطلق بذريعة تردي الأوضاع الأمنية فيها، حيث أصبح الكثير من الضباط يفرضون شبه ضرائب ثابتة على التجار وأصحاب المهن مقابل السماح لهم بمزاولتها وتقديم أنواع مختلفة من التسهيلات لهم.

ويتقاضى أفراد النقطة الأمنية المكلفة بحماية مدخل العامرية مبلغ 25 ألف دينار "يعادل 21 دولارا" عن كل شاحنة من الحجم الكبير تدخل إلى المدينة وتكون عادة محملة بالمواد الإنشائية أو بضائع أخرى مخصصة لسوق المدينة.

في حين يقدر صاحب محل قريب من النقطة عدد الشاحنات التي تدخل يومياً بأكثر من 150 شاحنة، يقوم سائقوها بتسليم هذا المبلغ بوضعه داخل الأوراق الرسمية التي يطلبها الجنود من أجل التفتيش ويقومون بسحب المبلغ وإعادة الأوراق إلى السائق ومن ثم يسمحون له بالدخول.

بدوره، يرى علي سلمان الفهداوي وهو سائق شاحنة، أن موضوع الرسوم المفروضة على دخولهم إلى عدد من مناطق العاصمة أصبحت تقليدا شبه رسمي، وأن وزارتي الدفاع والداخلية يعلمون به ولكنه في مناطق غرب بغداد يأخذ صفة إلزامية، وهو يقوم بتحميل مبلغ "الإتاوة" على الكلفة النهائية التي يتحملها المشتري ويقومون بالدفع مرغمين لأنهم يعلمون باستحالة العمل بدون الدفع.

وينقل الفهداوي مواد البناء مثل الرمل والحصى والطابوق من معامل متخصصة تنتشر على أطراف العاصمة، ويدخل بشكل يومي إلى مناطق العامرية والغزالية والخضراء المتجاورة، مشيراً إلى أن الإتاوة كانت تدفع سابقاً بشكل وجبات أطعمة جاهزة لكل أفراد النقطة الأمنية أو من خلال شحن بطاقات هواتف الجنود المحمولة ولكنها مؤخراً تحولت إلى مبلغ مالي محدد ومن يرفض الدفع عليه أن يعود، وهناك حجج وذرائع مختلفة للمنع وأبسطها أن أوراق السائق الرسمية مخالفة.

ويتهامس العديد من أصحاب المحال التجارية في العامرية عن أساليب ابتزاز كبيرة يمارسها ضباط الوحدة الحامية لمنطقتهم والتابعة للفرقة السادسة في الجيش العراقي ومنها جمع الجنود لكميات منتظمة من الفواكة والخضروات والمواد الغذائية غير المطبوخة من أصحاب المحال وبتوجيه من قائدهم الذي ينوي إقامة وليمة كبيرة لضباط من المناطق الاخرى.

في حين، يؤكد رجل في الأربعينات ويعمل قصابا في العامرية، أنهم يأخذون منه خروفا شهرياً مقابل السماح له بممارسة مهنته في العراء وبدون محل وهو أمر يمنعه القانون.

ويوضح أحد سكان المنطقة وهو أستاذ جامعي طالبنا بمناداته باسم "أبو علاء البياتي، أن العامرية وعموم المناطق لغربية في العاصمة لديها حكومات محلية في تلك المناطق وأجهزة شرطة وبلدية، إلا أنها جميعاً مسلوبة الصلاحيات ولا تستطيع التدخل وعمل شيء بخصوص موضوع الإتاوات، مشيراً إلى أن قوات الجيش أصبحت تتدخل في أبسط القضايا وأسهل المشاكل من أجل التربح المادي.

ويستشهد البياتي بمثال بسيط حصل معه شخصياً حين استوقفه جندي في نقطة التفتيش الرئيسية في العامرية، وسحب منة وثيقة تسجيل سيارته بحجة أنها مزورة وتحمل تاريخ إصدار منتهي الصلاحية، ما أجبره على ترك سيارته مدة يومين واستخدام وسائط النقل العمومية قبل أن يتم تسوية الموضوع مع الجندي وزملائه، حيث استرد منهم الوثيقة بعد أن اشترى لهم أكلة كباب مشوي مع المقبلات، وزجاجتي بيبسي من الحجم العائلي.

ويرفض مصدر في قيادة عمليات بغداد "السلطة العسكرية العليا في العاصمة" مثل هذه الاتهامات والحوادث المتعلقة بفرض المبالغ المالية على أصحاب المهن وسائقي الشاحنات، مبيناً أنها ربما تحصل كحالات فردية ومن قبل جنود ضعاف النفوس وأنهم جادون في ملاحقتها ومعاقبة مرتكبيها.

ويؤكد المصدر الذي امتنع عن ذكر اسمه، كونه غير مخول بالحديث لوسائل الاعلام، أنهم يطالبون أي مواطن تعرض لحالة ابتزاز أن يراجعهم لتقديم شكوى رسمية ضد الجهة أو الأشخاص الذين قاموا بمساومته على دفع الإتاوة أو الرشوة من أجل محاسبتهم أو إحالتهم إلى القضاء.

ويعلق أبو كرم على حديث معاقبة ضباط الإتاوة ومتلقي الرشوة بسخرية، قائلا إن هذه المصطلحات غير موجودة فعلاً، وإن الوسيط الذي نصحهم بتقديم مبلغ الـ700 دولار إلى الضابط الكبير طالبهم بوضعها في ظرف ورقي مكتوب عليه "تبرع من أبناء العراق إلى جيشهم في حربه ضد الإرهاب".
التعليقات (4)
ايمن كردي
الجمعة، 05-09-2014 12:33 ص
ولاتنسوا اعتقال الناس من اجل ابتزاز ذويهم للدفع مقابل اطلاق السراح .... احسن تجارة في العراق ان تعمل ضابط
كامل القيسي
الأربعاء، 03-09-2014 10:54 م
هولاء يطعمون اولادهم السحت ... فهنيئاً لهم بهذه الاموال الحرام
علاء الحمامي
الأربعاء، 03-09-2014 10:51 م
هذه امثلة بسيطة والمخفي كان اعظم ... انا شخصياً دفعت 500 دولار للحصول على موافقة نقل اثاث منزلي من منطقة حي الجامعة الى منطقة اليرموك المجاورة .
ابوسعدا
الأربعاء، 03-09-2014 06:51 م
ضعف الحكومه ادى الى انتشار الرشوه والبخشيش