مقالات مختارة

مشكلة تركيا في اليمن

رسول توسون
1300x600
1300x600
كتب رسول توسون: في الوقت الذي تواصل فيه دول التحالف العربيّ قصفها الجويّ في اليمن، يواصل الحوثيون أيضا المقاومة في البر.

وفي الوقت ذاته، تتواصل المباحثات النووية في مدينة لوزان بسويسرا بين الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن وإيران.
 
لا تقولوا ما علاقة لوزان باليمن..

هناك علاقة وثيقة، فإيران تتبع سياسية مدهشة تقتضي بالضغط على مجلس الأمن في اليمن.. لقد تمكّن الحوثيون الذين يدعمهم الرئيس السابق علي عبد الله صالح وإيران من الانقلاب، وسلب السلطة في اليمن..

وحين وصل الحوثيون إلى عدن، بدأت قوات التحالف العربي التي تترأسها السعودية بالقصف الجوي بناء على نداء وجّهه الرئيس اليمني الشرعي منصور هادي.

وكما قلت مرّة، لن تعود المياه إلى مجاريها في اليمن ما لم تتم تصفية رجال صالح والحوثيين عبر حركة برية قوية. ولهذا أسبابٌ كثيرة، مثل الكيان القبلي في اليمن، والقاعدة، ومضيق باب المندب.
 
وأما السبب الذي يهم العالم، فهو مضيق باب المندب..

إيران لا ترسل إلى الحوثيين سفنا عبر ميناء الحديدة القريب من معقلهم صعدة، محملة بأطنان الأسلحة والحرس الثوري الإيراني، لسواد أعين الحوثيين. فهي تهدد العالم بأكمله، وليس اليمن أو شبه الجزيرة العربية فقط عن طريق تقوية الحوثيين. وهي تستخدم هذه البطاقة بكل مكر في المباحثات النووية.

واليوم، في هذه النقطة التي وصلنا إليها، يبدو أنه حتى أمريكا انحنت أمام هذا التهديد. وها هي إيران اليوم تحكم اليمن كما فعلت في العراق وسوريا.
 
ما كان لإيران تحت هذه الشروط أن تصل إلى هذه المرحلة دون موافقة أمريكا. ولكن على ما يبدو هناك اتفاق سري بين إيران وأمريكا..

نعود إلى تهديدها للعالم عبر باب المندب.. إن انتقال الحكم في اليمن إلى الحوثيين الذين تدعمهم إيران يعني أن باب المندب أيضا سينتقل إلى حكم إيران. وإن تمّ إغلاق باب المندب بأيّ شكل من الأشكال فستكون هذه حملة ستضر في حينها بالاقتصاد العالمي، وإن استمر هذا لأيام أو أشهر، فإنه يعني أزمة عالمية.

باب المندب، هو مضيق ذو أهمية استراتيجية عالية، فـ30% من التجارة العالمية -أي 21 ألف سفينة تجارية- تمّرُ عبره.

تضع إيران يدها على مضيق هرمز الذي تمّرُ عبره تجارة البترول، التي تمثل 40% من التجارة العالمية، فإن أضفنا إلى هذا سيطرة إيران على باب المندب أيضا، فهذا يعني أزمة حقيقية وخطرا حقيقيا يواجهان العالم، فإيران تمسك فتيل هذه القنبلة بيدها !

أكثر دولة يهددها هذا الخطر هي المملكة العربية السعودية، فحين أرسلت 185 طائرة في حملة عسكرية مع الحلف العربي إلى اليمن كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى منع هذا الخطر قبل مساعدة الرئيس اليمني هادي.
 
وأرى أنها فعلت الصواب.. فالقضية هي ليست في الحوثيين ولا اليمن، إنما القضية هي السياسات الإيرانية التي تهدد المنطقة والعالم أجمع. إذا تمكنا من تقييم هذا الموقف بحسب وجهة النظر الإيرانية فسيكون نجاحا كبيرا. فنحن نتحدث عن دولة تتحدى العالم، ولكننا حين ننظر إلى النتائج وإلى شلالات الدماء في العراق وسوريا، فسنرى أنها وصمة عار في جبين الإنسانية، وموقف مخجل للعالم الإسلامي بالتحديد، فلا يمكننا أن نرى هذه السياسية التي سفكت الدماء ناجحة لا تحت اسم الإنسانية، ولا تحت اسم الإسلام.

على العكس هي سياسة تسعى لإنقاص قدر الإسلام وإلحاق الضرر بصورته...
 
إيران ليست السبب الوحيد فيما يحدث. يجب ألا ننسى دور الغرب في هذا. ولكننا حين ننظر إلى الوضع نرى أن إيران رغم كل شيء هي القوة الكبيرة التي تهدد العالم. والحملة الإيرانية على اليمن ستسبب الضرر لتركيا أيضا.

فباب المندب مهم لنا كما هو مهم للعالم أجمع، لهذا يعدّ دعم تركيا لقوات التحالف العربي صائبا. ليس من ناحية المصالح الاقتصادية فقط، فهو صائب أيضا من ناحية موقفها المعادي للانقلابات. فدعم الحوثيين يعني دعم الانقلابيين.

ولكن ينبغي الأخذ بعين الاعتبار أن هذا الدعم لن يصل إلى مرحلة تضّرُ بالعلاقات الإيرانية التركية. فإيران كما قال أحد كتابنا هي جارتنا وليست عدوتنا. فحتى وإن أعلن بعض مؤيدي إيران أن تركيا عدوة لها، فإيران ليست عدوة تركيا، وتركيا ليست عدوة إيران. ولا ينبغي أن تكون كذلك.

يجب أن يرى الموقف على أنه اختلاف سياسي فقط.

(عن صحيفة ستار التركية، مترجم خصيصا لـ"عربي21"، 2 نيسان/ أبريل 2015)
التعليقات (0)