ملفات وتقارير

الواقع الطبي بالغوطة الغربية: معاناة مستمرة وتدهور متزايد

معالجة مصاب في المشفى الميداني في بلدة الطيبة بالغوطة الغربية
معالجة مصاب في المشفى الميداني في بلدة الطيبة بالغوطة الغربية
تستمر المعاناة، وتتزايد الاحتياجات بشكل لا تستطيع الإمكانيات المتواضعة تغطيتها.. هكذا يمكن الوضع الطبي المتدهور في غوطة دمشق الغربية.

فبعد دخول الثورة السورية عامها الخامس، لا تزال المناطق الخاضعة لسيطرة الثوار تعاني من نقص كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية، بسبب الحصار الخانق الذي تفرضه قوات النظام السوري على هذه المناطق.

يقول أبو عمر، وهو مسعف ميداني يعمل في المركز الطبي الوحيد في بلدة الطيبة، لـ"عربي21"، إن أبرز ما تعاني منه المنطقة هو نقص الكوادر البشرية المتخصصة، إذ أن أغلب الشباب المثقفين هم من غير المختصصين بالمجال الطبي، مشيرا إلى أن من يعمل حاليا في المركز الطبي الوحيد في الطيبة هم من شباب البلدة، لكنهم ليسوا من ذوي الخبرة. بل إن عددا منهم تطوعوا في هذا المجال وخضعوا لدورات ميدانية في محاولة لتعويض النقص في الكادر الطبي، بسبب رفض غالبية الأطباء للعمل الميداني وخروجهم من البلدة خوفا من اعتقالهم من قبل قوات النظام.

ويضيف: "نعمل حاليا في المركز الطبي الحكومي بعد هروب الموظفين منه عقب سيطرة قوات المعارضة على المنطقة، بعد الحملة الأخيرة (من جانب النظام) على البلدة والمستمرة منذ ما يقارب 11 هرا". وبيّن أبو عمر أن الكادر الطبي يتألف حاليا من سبعة مسعفين ميدانيين متطوعين، ولا يوجد بينهم من المختصصين سوى شاب واحد مختص بالأشعة.

ويقدم المركز الذي يضم عددا محدودا من الأسرة والمجهز بإمكانيات بسيطة، خدماته للسكان من مدنيين ومقاتلين حسب المستطاع من إسعاف وتضميد جروح، ومتابعة للحالات المرضية، وتشخيص لبعض الأمراض في حال الضرورة، كما يتم تقديم الدواء المناسب من الأدوية البسيطة المتوفرة. ورغم أن المركز قادر على استقبال خمس إصابات فقط في وقت واحد، إلا أنه قد أُسعف إليه 45 جريحا في الوقت ذاته بعد انفجار سيارة مفخخة بالقرب من أحد المساجد في المنطقة في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي.

ويحاول المجلس المحلي للبلدة المحاصرة؛ دعم المركز عبر تأمين المواد الإسعافية اللازمة والضرورية، وذلك عن طريق تهريبها عبر الحواجز.

ويضيف أبو عمر موضحا أن إمدادات المركز قليلة جدا، وخاصة بعدما سيطر الثوار على البلدة، حيث أن النظام كان يزود المركز بالأدوات اللازمة ويقدم الأدوية للمدنيين عبر صيدلية المركز.

ويتابع حديثه قائلا: "ورغم ذلك نسعى جاهدين لسد الثغرة قدر المستطاع، لكننا عجزنا عن ذلك في حالات كثيرة. فعلى سبيل المثال حاولنا مساعدة أحد المدنيين بعد إصابته بسكتة قلبية ليلا، إلا أنه توفي لأننا لم نستطع إسعافه خارج البلدة بسبب منع القوات النظامية للحركة بعد غروب الشمس، إضافة لاستهدافها الطريق من الجبال المحيطة".

من جهة أخرى، يقوم المركز بتحويل حالات الإصابة الخطيرة إلى المشفى الميداني الوحيد في المنطقة، والواقع في خان الشيح، بعد أن يتم تقديم الإسعافات الأولية للجريح، ثم يقوم عناصر من الكتائب المقاتلة بمهمة إسعاف المريض للمشفى بسياراتهم رغم خطورة الطريق.

ويبين المسعف أنه رغم ذلك تبقى المشافي الميدانية عاجزة عن تقديم العلاج المناسب في بعض الحالات، إذ لا تحوي على جميع الاختصاصات. فبعد إصابة أحد المقاتلين في ساقه على خط الجبهة في البلدة وتقديم الإسعاف الاولي له في المركز، تم إسعافه للمشفى الميداني في خان الشيح، حيث اضطر الأطباء لبتر ساقه، وتدهورت حالته الصحية لعدم وجود طبيب مختص بالأوعية الدموية ما دفعه لتركيب طرف صناعي"، كما يذكر أبو عمر.

وفي سياق متصل، أوضح أبو عمر أن بعض المدنيين يلجأون للمشافي الحكومة التابعة للنظام السوري، كمشفى الأماني في مدينة الكسوة، لتلقي العلاج، في حين يعجز آخرون عن ذلك بسبب الإصابة، أو بسبب ملاحقة قوات النظام لهم. وفي بعض الحالات يقوم المركز بالتواصل مع منظمة الهلال الأحمر لإخراج الجرحى من المدنيين فقط، وتقديم العلاج لهم.

ويضيف المسعف أبو عمر: "بسبب خضوع المنطقة لسيطرة المعارضة، فإن القوات النظامية تمنع منظمة الهلال الأحمر من الدخول أو تقديم المساعدات، لذا نلجأ لإخراج الجرحى عبر سيارات غير مجهزة لبلدة المقيليبة، حيث يستطيع الهلال الأحمر نقلهم لدمشق وعلاجهم".

وتحاول قوات النظام اقتحام بلدة الطيبة الواقعة في ريف دمشق الغربي منذ أحد عشر شهرا. وتضم البلدة نحو 6 آلاف نسمة، إضافة لاستقبالها ما يزيد عن 8 آلاف لاجئ من أهالي القدم وداريا، والمنطقة الجنوبية للعاصمة دمشق.

التعليقات (0)