صحافة دولية

الغارديان: ملفات استخبارية عن دور حرب العراق بظهور "داعش"

حذرت الملفات من أن غزو العراق سيتسبب بمزيد من التطرف- أرشيفية
حذرت الملفات من أن غزو العراق سيتسبب بمزيد من التطرف- أرشيفية
كشفت صحيفة "الغارديان" البريطانية عن ملفات استخباراتية أكدت دور حرب العراق في ظهور تنظيم الدولة، مشيرة إلى أنها نشرت كجزء من تقرير لجنة تحقيق "تشيلكوت" حول غزو بريطانيا للعراق.

وقال محرر الشؤون الدبلوماسية في الصحيفة باتريك وينتور، إن هذه الوثائق تدعم الادعاءات التي تقول إن غزو العراق رفع التهديد الإرهابي، وساعد في تشكيل تنظيم الدولة.

وقال وينتور إن هناك تقارير بالغة السرية من اللجنة الاستخباراتية المشتركة، بعضها ينشر للمرة الأولى، توضح بجلاء مخاوف أجهزة الأمن حول تصاعد التنظيمات الجهادية في العراق، والتي يرتبط بعضها بالقاعدة مباشرة.

وتكمن أهمية هذه الوثائق بأنها تعارض ادعاء رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، أن تنظيم الدولة ولد في سوريا، لا في العراق.

وتظهر تقارير أجهزة الاستخبارات البريطانية قلق هذه الأجهزة، عام 2006، من أن التنظيمات الجهادية السنية بدأت بالهيمنة على التمرد ضد حكومة نوري المالكي التي يهيمن عليها الشيعة.

وفي تقرير يرجع إلى آذار/ مارس 2007، قالت اللجنة إنه "ما من عجز في التفجيرات الانتحارية. تنظيم القاعدة في العراق يسعى لهجمات ذات مستوى عالٍ، ونحن نعتقد بأنه سيحاول توسيع حملته الطائفية حيثما استطاع"، موضحة أن التفجيرات الانتحارية ارتفعت بحدة في كركوك منذ تشرين الأول/ أكتوبر، عندما أعلن تنظيم القاعدة في العراق تأسيس "الدولة الإسلامية في العراق".

وتابع التقرير: "عدد من التنظيمات السنية مشارك في الهجمات الطائفية، لكن تنظيم القاعدة هو رأس الحربة، وهدفه الرئيس هو متابعة الحملة الطائفية التي تسعى لجر العراق للحرب الأهلية"، واصفا حملته بأنها "الأكثر فاعلية من أي تنظيم متمرد، بتأثيره الكبير خلال العام الماضي، وتهديده المباشر على الاستقرار في العراق".

"الجهادي" صعب التحديد

وفي تقرير سابق في تموز/ يوليو 2006، قالت اللجنة إن "وصف الجهادي أصبح صعب التحديد، ففي العديد من الحالات أصبح هناك تداخل بين الوطنيين والجهاديين، الذين يشتركون بقضية واحدة في وجه العنف الطائفي الشيعي".

وأضاف: "تنظيم القاعدة في العراق هو أكبر الشبكات المتمردة المنفردة، ورغم أن قيادته تتضمن عناصر أجنبية، فإن معظم أفراده عراقيون، ودوافعهم مختلطة: بعضهم متطرفون إسلاميون متأثرون بأجندة القاعدة، وبعضهم جذبه المال وحسب، وبعضهم دفعته الفرصة لمواجهة مسلحي الشيعة"، مشيرا إلى دور الإعلام الذي يقدم التنظيم كـ"مدافع عن السنة".

بوجه بلير

ويمنح التقرير تأكيدات للادعاءات التي قالت إنه بلير كان يملك تحذيرات كافية من أن إبعاد صدام حسين قد يسبب توترات طائفية كانت مكبوتة في حكمه القمعي.

وقالت إليزا ماننغهام بولر، رئيسة المكتب الخامس (المخابرات الحربية البريطانية) خلال الأعوام 2002- 2007 للجنة تشيلكوت إن المكتب "كان يتلقى في عامي 2003 و2004 عددا متزايدا من التقارير حول النشاط الإرهابي داخل بريطانيا"، مشيرة إلى أن مشاركة بريطانيا بالعراق تسببت في تطرف المزيد من الشباب، الذين اعتبروا مشاركة بريطانيا بالعراق، بالإضافة لمشاركتها في أفغانستان، حربا على الإسلام.

وأضافت ماننهغام بولر: "أظن أننا نملك أدلة كافية بسبب ما كنا نملكه من أدلة على التخطيط والقيادة والأشخاص المحددين وشهادات الناس المشاركة، ولذلك أظن أننا نعلم أن غزو العراق ساهم في زيادة التهديد الإرهابي على بريطانيا".

وكان بلير قال إن تقييم اللجنة في شباط/ فبراير 2002، كان هو أن التحرك في العراق سيزيد تهديد القاعدة على بريطانيا، لكنه اعتقد أنه "تراجع لأن التهديد كله كان خاطئا، ففي كل الهجمات التي تلت الحادي عشر من سبتمبر كنا هدفا للإرهابيين، وكما أظهرت الأحداث التالية، فإنه، وبغض النظر عن العراق، فسيتسخدم الإرهابيون مبرراتهم لشن الهجمات".

وكانت هذه التحذيرات قادمة من رئيس الوزراء الفرنسي جاك شيراك، الذي عارض الغزو بشكل مباشر، وكان يعتقد بأن الناتج سيكون غير متوقع بشكل كبير.

وناقش غيليس باكسمان، نائب السفير البريطاني في باريس، أفكار بريطانيا بعد صدام مع مسؤولين كبيرين في فرنسا، في 16 تشرين الأول/ أكتوبر 2002، قائلا إن "أحد المسؤولين أعرب عن خشيته من أن إزالة صدام ستؤسس لفوضى عامة في العراق بهجمات على البعث، مستشهدا بالعنف العارم الذي أصاب ألبانيا".

وفي كانون الأول/ ديسمبر من ذلك العام، نقل سيمون فريسر، مدير مكتب وزارة الخارجية للاستراتيجية والتطوير، عن محاور فرنسي قوله: "نحتاج بشدة أن نفكر بحذر حول التفكك السياسي في العراق بعد عام، وهو الذي سيترك تبعات غير متوقعة تتضمن الفوضى السياسية المدفوعة بالانتقام، ولا يجب أن نترك السيناريوهات الإيجابية تعمينا عن المشاكل المتوقعة، وهذا ينطبق على التأثيرات الإقليمية الأوسع".

ووافقت على هذا الرأي عدة أصوات في الخارجية؛ ففي مذكرة بتاريخ كانون الثاني/ يناير 2003، حذرت هذه المذكرة بأن "كل الوثائق من المنطقة تشير إلى أن قوات التحالف لن تعتبر قوات تحرير لمدى طويل، ودوافعنا ينظر لها بشكل كبير، والعراقيون بما في ذلك المنفيون (والعرب بشكل عام) يريدوننا خارج العراق بأسرع وقت"، قائلة إن "احتلالنا وإدارتنا للعراق سيفقدان شعبيتهما، وإن شرعيتهما ستصبحان مكان نقاش كلما استمرا".
التعليقات (0)