قضايا وآراء

اليمن ومستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي

1300x600

تمكنت قوات الحكومة الشرعية من طرد قوات النخبة الشبوانية الموالية للمجلس الانتقالي من محافظة (شبوه)؛ بعد أن نجحت في قطع خطوط الامداد التي حاول المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة عيدروس الزبيدي إيصالها إلى قوات النخبة المتحالفة معه.

معارك سرعان ما امتدت إلى محافظة مأرب وحضرموت وعدن فاتحة الباب لمواجهة شاملة بين حكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي ذي النزعة الانفصالية.

 

انتكاسة الانتقالي في شبوة
 
شبوة الانتكاسة الأولى والأكثر وضوحا للمجلس الانتقالي الممثل بزعيمه عيدروس الزبيدي وحليفه هاني بن بريك في اليمن؛ جاءت بعد انتصارات كبيرة حققها على حكومة الشرعية خلال الأسبوع الثالث من شهر آب (أغسطس) الحالي سيطر فيها على مدينة (زنجبار) عاصمة محافظة (أبين) مسقط رأس الرئيس اليمني هادي تبعت سيطرته الشاملة على مدينة (عدن) ومقار حكومة الشرعية فيها.

 

اندفاع المجلس الانتقالي الجنوبي بقوة للسيطرة على مدينة عدن وتشديد قبضته على محافظات الجنوب لتمرير مشروعه الانفصالي عمق الفجوة داخل تحالف الشرعية

 
مواجهة جاءت لتطرح تساؤلات عميقة حول مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي وموقعه في تحالف الشرعية في اليمن؛ ذلك أن معارك عدن وشبوة وأبين مثلت انعطافة خطيرة في معسكر قوات تحالف الشرعية في اليمن الذي عاني من التفكك وسيولة بلغت حد التبخر نتيجة عدم الانسجام بين مكوناته المحلية والإقليمية.

فحالة التفكك في التحالفات المحلية شقت طريقها بعد معارك عدن وشبوة وأبين لتنعكس بقوة داخل  التحالفات الإقليمية التي تضم (الامارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية)؛ إذ لم تتمكن الدولتان من إنهاء حالة التصارع الداخلي بين قوات الشرعية والمجلس الانتقالي ولم تتمكنا من الوصول لتفاهمات بينهما تفرض على حلفائهما في اليمن إيقاف الاقتتال والتوجه إلى طاولة الحوار في مدينة (جدة) عاكسة تباين في الرؤية بين الحليفين الإقليميين (السعودية والإمارات العربية) ليتبعها انعطافة حادة داخل التحالف العربي لدعم الشرعية تمظهرت على شكل هجوم مضاد واسع استهدف قوات المجلس الانتقالي الجنوبي الذي وسع هجماته في محافظات الجنوب لتشمل أبين وشبوة.

 

الخلاف بين الإمارات والسعودية
 
اندفاع المجلس الانتقالي الجنوبي بقوة للسيطرة على مدينة عدن وتشديد قبضته على محافظات الجنوب لتمرير مشروعه الانفصالي عمق الفجوة داخل تحالف الشرعية الذي تقوده المملكة العربية السعودية وكشف عن حجم التصارع غير المعلن بين الرياض وأبو ظبي؛ خصوصا بعد تسارع خطى الانتقالي لملء الفراغ في محافظات الجنوب بعد إعلان الإمارات العربية نيتها تخفيض قواتها من اليمن وسحبها بشكل تدريجي مترافقا مع انسحاب القوات السودانية؛ لتعوضها بمناطق نفوذ قوية جنوب اليمن قبالة باب المندب وضفاف البحر الأحمر وبحر العرب يتولى شؤونها حليفها في المجلس الانتقالي الجنوبي.

فجوة سرعان ما تجسدت ميدانيا بهزيمة المجلس الانتقالي الجنوبي في شبوة، المواجهة في محافظة (شبوة) نقلة نوعية وانعطافة جديدة في الصراع في اليمن؛ إذ تمثل أول رد فعل مباشر وحقيقي وفعال ضد المجلس الانتقالي تقف خلفه السعودية على الأرجح.

مواجهة فتحت الباب لمعارك سياسية وقانونية جادة لنزع الشرعية عن القوى المتصارعة ممثلة بحكومة الشرعية اليمنية بقيادة الرئيس اليمني هادي منصور والمجلس الانتقالي الذي اتهم حكومة الشرعية بالاستعانة بالقاعدة والتنظيمات الإرهابية لقطع خطوط الإمداد في شبوة في حين اتهمت الحكومة الشرعية الزبيدي بالاستعانة بالقوى الإرهابية ذاتها على الطرف الآخر.

التراشق بالاتهامات لم يقتصر على الكيانات السياسية في اليمن بل امتد إلى الدول الحليفة الإمارات العربية والمملكة العربية السعودية بعد الانتقادات القوية للحكومة الشرعية من خلال ممثلها في الأمم المتحدة للإمارات العربية المتحدة، ثم الانتقادات القوية لرئيس الوزراء (معين عبد الملك) ووزير الإعلام اليمني للإمارات العربية دعمها للمجلس الانتقالي وتقويضها لتحالف الشرعية؛ أمر فاقم من حدة الأعباء الملقاة على المملكة العربية السعودية وكشف جبهتها الجنوبية أمام هجمات جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن .

 

المجلس الانتقالي الجنوبي بات نقيضا للشرعية التي تمثلها الحكومة اليمنية؛ التي سيقود غيابها إلى نهاية المبرر السياسي والقانوني للوجود السعودي في اليمن؛


إدارة الصراع بين قوى تحالف الشرعية وهندسة المشهد السياسي باتت أشد تعقيدا وكلفة للرياض من إدارته مع الحوثين؛ إذ ظهرت الصراعات السياسية إلى العلن وأصبحت رسمية وعلنية خالية من المجاملات، خصوصا بعد فشل جلسات الحوار والتفاوض في (جدة)؛ التي تحمل عيدروس الزبيدي المسؤولية المباشرة لفشلها، علما بأن أبو ظبي تملك نفوذا واضحا وكبيرا على قيادة الانتقالي الذي يحظى بالرعاية والدعم منها؛ فشل أطلق العنان لمعارك قوية في محافظة شبوة على نحو سلبي بمعارك باتت متوقعة في حضرموت وعدد من محافظات الجنوب بين المجلس الانتقالي وحكومة الشرعية؛ معارك ستقرر مستقبل المجلس الجنوبي وتحد من نفوذه.
 
لقد بات مستقبل المجلس الانتقالي منوطا بمستقبل الشرعية في اليمن؛ فالمجلس الانتقالي الجنوبي بات نقيضا للشرعية التي تمثلها الحكومة اليمنية؛ التي سيقود غيابها إلى نهاية المبرر السياسي والقانوني للوجود السعودي في اليمن؛ غياب لن يملأه الانتقالي بل الحوثيون في صنعاء وصعدة الذين تناقش الدوائر الأمريكية امكانية الانفتاح عليها في حوار مباشر ومعلن في حين تدير أبو ظبي حوارها الخاص مع طهران عبر قنوات مباشرة كان أكثرها وضوحا الزيارة المعلنة للوفد الإماراتي للمشاركة في مؤتمر أمن الممرات في طهران.

ختاما: الصراع في اليمن ازداد تركيزا داخل معسكر الشرعية في حين ازدادت هجمات الحوثيين قوة وشمولية واتساعا داخل الأراضي السعودية لتتخذ بعدا إقليميا ضاغطا؛ فكلما طال أمد الانقسام والتصارع بين الحلفاء في معسكر الشرعية كلما ضعفت المناعة والقدرات الدفاعية للمملكة العربية السعودية وضعف تماسك التحالف العربي وازدادت هجمات الحوثيين شراسة وأعباء السعودية ضخامة؛ ما يعني أن إنهاء النزعة الانفصالية والحالة التي يمثلها المجلس الانتقالي الجنوبي باتت تمثل تحديا كبيرا وحقيقيا للسعودية لا تقل خطورته عن تحدي الحوثيين وحلفائهم.