ملفات وتقارير

ما مدى جدية إنشاء قاعدة عسكرية تركية في طرابلس الليبية؟

ذكرت صحيفة "خبر ترك" أن أنقرة ستنشئ قاعدة عسكرية في طرابلس على غرار قاعدتها في دولة قطر- الأناضول

تواردت أنباء عن أن تركيا ستنشئ قاعدة عسكرية في العاصمة الليبية طرابلس، حال طلبت حكومة الوفاق إرسال قوات تركية إلى الغرب الليبي بحلول العشرين من شباط/ فبراير المقبل، وحال تأكدت هذه الأنباء فإنها ستطرح تساؤلات حول جدية هذه الخطوة ومدى قانونيتها وعلاقتها بالاتفاقية الموقعة مؤخرا بين الدولتين.

وذكرت صحيفة "خبر ترك"، أن أنقرة ستنشئ قاعدة عسكرية في طرابلس على غرار قاعدتها في دولة قطر، وأنها أكملت دراسة الجدوى المتعلقة بذلك، مشيرة إلى أن إنشاء قاعدة عسكرية في طرابلس، يكسب علاقات أنقرة مع حلفائها ومنافسيها أبعادا جديدة"، وفق الصحيفة.

"تأهب ودعم كامل"

في حين نقلت صحيفة "يني شفق" التركية عن ما أسمتها مصادر عسكرية في البلاد، أن "الحكومة التركية طلبت من القوات المسلحة تجهيز السفن والطائرات الحربية استعدادا لنقل قوات تركية إلى ليبيا"، مؤكدة أن عملية النقل إلى مدينة طرابلس "بدأت، والسفن التي ستقوم بنقل الطائرات المسيرة والدبابات والقوات الخاصة ووحدات الكوماندوز التابعة لقيادة مجموعة الهجوم تحت الماء باتت جاهزة"، حسب زعمها.

ولازال الجدل دوليا وإقليميا حول الاتفاقية الموقعة بين تركيا وحكومة الوفاق الخاصة بترسيم الحدود البحرية، في حين تم إحالة اتفاقية أمنية ثانية إلى البرلمان التركي لإقرارها بعدما صوت لصالح الاتفاقية البحرية، في حين لم تعر أنقرة ولا طرابلس الردود الغاضبة على تلك الاتفاقيات أية اعتبار.

"ماذا عن قواعد حفتر؟"

من جهته، أكد عضو مجلس الدولة الليبي والضابط السابق بالجيش، إبراهيم صهد أن "الدعم الدولي والإقليمي لـ"حفتر" ووجود قوات ومرتزقة تسانده بالفعل يملي على حكومة الوفاق أن تتخذ ما يلزم للدفاع عن البلاد وعن سيادتها بما في ذلك عقد تحالفات مع الأطراف التي يمكنها المعاونة في صد تحالف قوى الشر".

وأوضح في تصريحات لـ"عربي21" أن "مذكرة التفاهم الأخيرة تنص على تعاون في المجال الأمني، والجيش الليبي (التابع للحكومة) والقوات المساندة له باتت تحتاج إلى إسناد عاجل في مجالات الجو والدفاع الجوي والأسلحة المتطورة، لذا لابد من الاستعانة بخبراء في هذه المجالات"، وفق تقديراته.

وتابع: "هناك قاعدة "الخادم" في الشرق الليبي التي تسيطر عليها دولة الإمارات وتديرها عصابات أمنية لصالح حفتر، وتحول قاعدة "محمد نجيب" في الصحراء الغربية إلى قاعدة إمداد، ورغم ذلك هناك تجاهل دولي لهذه التدخللات، وحين يلوح بتواجد عسكري داعم للحكومة نجد اهتماما دوليا، وهذا هو الكيل بمكيالين".

 

اقرأ أيضا: الكرملين: بوتين سيبحث مع أردوغان دعم تركيا العسكري لطرابلس

"غير قانونية"

لكن الناشط من الشرق الليبي، عيسى رشوان أشار إلى أن "إنشاء قاعدة عسكرية موجود فعلا في بنود ومواد الاتفاقية الأخيرة".

وحول إمكانية إنشاء القاعدة، قال لـ"عربي21": "استبعد ذلك حاليا، لأن ذلك سيكون نهاية هذه الحكومة عربيا ومتوسطيا وخصوصا من دول الجوار للغرب الليبي، خاصة أن الاتفاقية الأخيرة لا يوجد سند قانوني لها لا محليا ولا دوليا كون المجلس الرئاسي لم ينل ثقة البرلمان وأن مدته القانونية انتهت لذا هو الآن مغتصب للسلطة التنفيذية"، حسب رأيه.

"تنسيق وليست قاعدة"

بدوره قال الأكاديمي الليبي، مفتاح شيتوان إن "إنشاء قاعدة تركية في ليبيا غير موجود في نصوص الاتفاقية، ولا أعتقد أن حكومة الوفاق ستطلب إنشاء قاعدة داخل الحدود، لأنه من الناحية العسكرية قوات الحكومة أقوى بكثير من مليشيات حفتر والمرتزقة الذين معه".

وأضاف: "أعتقد أنه سيكون مجرد تنسيق بشأن اعتراض أو وقف الطائرات المسيّرة، وقد يتم ذلك باستعمال سفينة أو موقع صغير مؤقت مثلا، كون هذه الطائرات تتسبّب في زعزعة أمن المواطنين وترويع المدنيين وتهجير العائلات وهدم البنية التحتية"، وفق قوله لـ"عربي21".

"حماية الحكومة وفقط"

وقال رئيس منظمة الديمقراطية وحقوق الإنسان، ومقرها واشنطن، عماد الدين المنتصر إنه "مع استمرار المفاوضات الاقتصادية والسياسية بين حكومة الوفاق وبين حفتر حتى هذه الساعة يتأكد أن الموقف الدولي وموقف "الوفاق" لم يتغير على الرغم من توقيع مذكرة التفاهم مع "تركيا"، وفق معلوماته.

وتابع لـ"عربي21": "كل هذه الأطراف تتفق على وقف إطلاق النار وعودة "السراج وحفتر" إلى  الحوار، لذا أي تواجد أمني أو عسكري تركي في طرابلس سيكون هدفه فقط حماية حكومة الوفاق وضمان عدم احتكار حفتر للسلطة بقوة السلاح، الهدف كبح جماح حفتر وكبح جماحه هنا لايعني استبعاده".

"رفض شعبي"

من جانبه، رأى الكاتب والمدون الليبي، فرج فركاش أنه "لاعتبارات إقليمية ودولية ربما سيكون هناك تعاون عسكري وأمني وثيق بين الحكومتين (أنقرة وطرابلس) ولكن من المستبعد وجود قاعدة عسكرية تركية، كون الذاكرة الجمعية للشعب الليبي أيّا كان انتمائها السياسي ترفض وجود قواعد أجنبية على أرض ليبيا لارتباطها الوثيق بفترة الاستعمار".

واستدرك قائلا لـ"عربي21": "لكن سنرى تعاونا عسكريا بما يسمح خلق توازن ولرد العدوان على طرابلس، ومنعها من السقوط في أيدي القوى المهاجمة، وهذا التوازن سيكون بمباركة من القوى العظمى خاصة روسيا وبغض طرف من الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي من شأنه إقناع الأطراف أنه لا حسم ولا حل عسكريا وأن السبيل الوحيد هو طاولة المفاوضات واستئناف العملية السياسية"، كما توقع.