حقوق وحريات

2019.. شاهد على استمرار القمع والانتهاكات بمصر

شهد العام الجاري تصفيات جسدية وحالات إعدام وإهمال طبي وصعق كهرباء بمصر- مواقع التواصل

أدان عدد من الحقوقيين استمرار نزيف الدماء بمصر جراء عمليات القتل والتصفية الجسدية من جانب السلطات المصرية لمعارضيها بطريقة لم تشهدها مصر في تاريخها الحديث، مطالبين بضرورة التدخل لوقف تلك الانتهاكات، ومحاسبة المسؤولين عن الجرائم أمام المحاكم الدولية.

وأرجعوا، عبر تصريحات لـ "عربي21"، استمرار النظام المصري في هذه الجرائم إلى الدعم الدولي والإقليمي المستمر له، مؤكدين أن "الحراك الشعبي هو القادر على وقف هذه الممارسات".

وشهد العام 2019 المزيد من نزيف الدماء جراء التصفية الجسدية، وقتل أهالي سيناء، بحجة مقاومة الإرهاب، وأحكام إعدام، وضحايا إهمال طبي، فطبقا لإحصائية أصدرتها صفحة  "نحن نسجل" المعنية بتوثيق الانتهاكات، تم رصد 586 حالة قتل خارج إطار القانون قبل نهاية هذا العام.

وأشار فريق "نحن نسجل" إلى قيام القوات المسلحة المصرية بتصفية أكثر من 272 حالة تصفية جسدية ميدانيا بدعوى أن تلك التصفيات حدثت خلال اشتباكات مسلحة، ولم تقدم ما يثبت ادعائها. كما قامت قوات الأمن بقتل 45 مواطنا بسيناء أيضا، بينهم أطفال ونساء، وإصابة 44 آخرون نتيجة عمليات استهدفت الأحياء السكنية هناك.

ولفت إلى أن "هناك 144 حالة قامت وزارة الداخلية بتصفيتهم بعد القبض عليهم مباشرة أو تعريضهم للاختفاء القسري فترة ثم الإعلان عن مقتلهم، بالإضافة إلى 18 حالة إعدام في 2019".

وعلى صعيد حالات الإهمال الطبي المتعمد داخل السجون المصرية، فقد قضى 31 معتقلا سياسيا، كانوا يواجهون ظروفا معيشية قاسية داخل السجون من سوء معاملة، وتعذيب، وحرمان من العلاج، وانعدام معايير الصحة والسلامة.

كما تم رصد عدد 39 حالة وفاة أثناء موجة الأمطار التي شهدتها مصر في 24 تشرين الأول/ أكتوبر 2019، بينهم سيدتان و15 طفلا، نتيجة ملامسة أعمدة إنارة عمومية غير مؤمنة ومتهالكة أو غرقا أو في حوادث سيارات، حسب فريق "نحن نسجل".

"تواطئ دولي وإقليمي"

من جهته، قال مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان، هيثم أبو خليل، إن نظام السيسي يحكم بالقتل والدم وبإعلام كاذب ومنظومة فساد ؛مشيرا إلى أن هذه بضاعته التي لو تخلي عنها يسقط في ذات اليوم ؛ومن هنا  هو حريص على استمرار هذه الحالة لأنها الضمانة لعدم سقوطه؛ و بالتالي محاكمة كل من تورط في مثل هذه الجرائم  ضد الشعب المصري.

وبخصوص المجتمع الدولي ودوره في مواجهة تلك الانتهاكات، أشار أبو خليل لـ"عربي21"، إلى "تواطىء المؤسسات الدولية"، مبررا ذلك بأن "نظام السيسي مدعوم من تل أبيب والإمارات والسعودية، وبالتالي فلا أمل في عدل أو مساءلة، مشدّدا على أن "وقف هذه الجرائم لن يتم إلا بتحرك الشعب المصري، وهذا هو الحل الوحيد".

"استمرار إراقة الدماء"

أما المديرة التنفيذية للتنسيقية المصرية للحقوق والحريات، هبة حسن، فقالت: "للأسف الشديد النظام مستمر في إراقة دماء المصريين بشكل غير مسبوق للمعارضين سواء داخل السجون أو خارجها عبر عدة أساليب سواء تصفية أو إهمال طبي أو إعدام دون محاكمات عادلة وتفتقر لأبسط قواعد التقاضي، فضلا عن الانتحار الذي يتم نتيجة إحباط الشباب جراء سياسات النظام تجاه هؤلاء الشباب".

وطالبت حسن، في تصريح لـ"عربي21"، بضغوط دولية على نظام السيسي، ووقف تصدير السلاح وأدوات التعذيب التي يستخدمها في تعذيب المصريين.

 

اقرأ أيضا: وفاة أول معتقلة سياسية مصرية نتيجة الإهمال الطبي المتعمد

وأشارت إلى "صعوبة مقاضاة السيسي ونظامه دوليا، نظرا للشروط المطلوبة في مثل هذه المحاكمات، وضرورة تصدي دول لها وليس أفراد أو منظمات، ولكن من الممكن محاكمة بعض الشخصيات التي ارتكبت مثل هذه الجرائم من خلال إجراءات الولاية القضائية الشاملة، والتي تتيح مثل هذه المحاكات للأفراد، ولكن هذا يحتاج إلى جهد حقوقي وتعاون ما بين محامين يقومون بهذا الأمر وأسر مواطنين تعرضوا لمثل هذه الانتهاكات".

"تصاعد مستمر"

وفي السياق ذاته، قال الناشط الحقوقي، أحمد العطار، إن "الأرقام والانتهاكات التي قامت المنظمات الحقوقية المختلفة برصدها بحق المعارضين السياسيين خاصة والمواطنين المصريين بشكل عام في تصاعد مستمر، منوها إلى "ارتكاب السلطات المصرية خلال السنوات الست الأخيرة كم هائل من المجازر وعمليات القتل الممنهجة والمتنوعة بحق المعارضين السياسين، وهو ما لم تشهده مصر خلال عشرات السنين، بل ما لم يرتكبه حاكم مصري خلال مئات السنين".

وأضاف العطار، في تصريح لـ "عربي21"،: "لم يتوقف الأمر على المعارضين السياسين، بل امتد إلى المواطن العادي، حيث زادت حالات الانتحار بشكل مرعب بسبب الظروف الاقتصادية والقرارات الاقتصادية الصادمة والمجحفة؛ والتي لم تراع الفقراء، وأدت إلى ارتفاع نسبة الفقر في مصر".

وأشار إلى "زيادة الفساد والإهمال مما زاد من نسبة الضحايا"، متهما منظومة حكم السيسي باتباع "أساليب متعددة لارتكاب مثل هذه الجرائم، وتبريرها عبر قوانين وتشريعات باطلة"، مطالبا الأهالي باللجوء إلى رفع دعاوى قضائية أمام محاكم دولية عبر محامين بالخارج".