قضايا وآراء

فضائح وجنس.. وأشياء أخرى

CC0
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي بمشاكل واعترافات واتهامات، بين أكثر من ثنائي أزواج، سواء كان هذا الزواج معلنا أم سريا، ومما استرعى انتباهي ملاحظتان: الأولى أنهم من أهل الفن بغض النظر عن فارق المستوى في الحالتين، والثانية: انحطاط وتدني لغة الحوار وردود الفعل لكلا الطرفين، دونما رادع أو وازع، أو حتى الحد الأدنى من اللياقة والأدب، فغدا بوحهم نوعا من استباحة أعراضهم بأقذع الألفاظ وأفظع الشتائم، بل ويتجاوز هذا إلى أفعال البلطجة، والأفعال المشينة بحق بعضهم بعضا.

كل هذا على مرأى ومسمع من جماهير مواقع التواصل الاجتماعي، ورغبتهم وفضولهم المحموم في معرفة تلك التفاصيل السخيفة والمتدنية في هجوم كل طرف على الآخر.

ولكن، أمام عبثية المشهد، يقفز أكثر من سؤال يطرح نفسه: لماذا تسليط الضوء على طبقة الفن والإعلام في هذه المسائل؟! وكأن الفنانين تحولوا جميعا أو هكذا يراد لهذه الطبقة، من صورة ذهنية لتصديرها للوعي الجمعي للناس، فيتم مسح كل ما أحرزه الفن والفنانون وكذلك الإعلاميون؛ من انتصارات على مر الزمن، وتغيير نظرة الناس عن صورة الفن والفنانين، بعد أن كان يُخشى على سبيل المثال أن يؤخذ بشهادة الممثل في المحكمة.

وقد تغيرت نظرة الناس والمجتمع، حتى أصبحت للفن مكانته التي يستحقها من الاحترام والتبجيل، وحتى بدأت الصورة تهتز، وبدا كما لو كانت مؤامرة بليل للنيل من قيم الفن الذي فرض احترامه عبر سنين ليست قصيرة، حتى غدا يمثل ذاكرة الأمة الحقيقية، وأمست قوته الناعمة سفيرا فوق العادة في جميع أنحاء القطر العربي.

ولكن لغرض ما في نفس يعقوب، هناك من يصطاد في الماء العكر، ويصور خلافات أو نزاعات تحدث في شرائح مختلفة من المهن الأخرى، ولكن لا يتم تضخيمها كما حالة الفن وأهله.

السؤال الثاني الذي لا يقل أهمية عن الأول: هل هذا العبث الذي يتم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أهم من القضايا المصيرية لمصرنا الحبيبة؟!

لا شك أن العالم يعيش فترة مقلقة محتقنة، مليئة بالتحديات، ولكن الصحيح أيضا أنه انعكس هذا على مصرنا الحبيبة، هذا فضلا عن مشاكلها وتحدياتها التي لا تنتهي.

أليس من باب أولى أن يهتم أولو الأمر بهذه التحديات، وإشراك القوى المجتمعية بكامل أطيافها للوصول إلى رؤية ناجعة تصل بنا لبر الأمان، بدلا من اشتعال هذا الهراء الذي أشرنا إليه من قبل؟

أليس الأجدر بنا أن تتكاتف كل أطراف الأمة، بدلا من الاهتمام والتركيز على فضائح ورغبات لا طائل من ورائها سوى ذهاب الوقت والعقل معا؟

أتمنى أن يختفي هذا العبث الغث، ونلتفت إلى ما هو حقيقي وأهم وأنفع.. ودمتم بكل خير وعيدكم سعيد.