مقالات مختارة

الليبراليــــون العـــــرب

1300x600
الفكرة الليبرالية في بلادنا قديمة قدم الدولة الحديثة نفسها‏،‏ فبالرغم من أن محمد علي أقام في مصر دولة سلطوية إلا أن المبعوثين الأزهريين الذين أوفدهم إلي أوروبا‏،‏ وفي مقدمتهم رفاعة الطهطاوي‏، عادوا وقد حملوا معهم جذور الأفكار الليبرالية التي أينعت في مصر بعد ذلك وازدهرت علي يد مفكرين كبار مثل أحمد لطفي السيد، كما جسدتها ممارسات وسياسات حزب الوفد بقيادة سعد زغلول ثم مصطفي النحاس.

 غير أن ثورة 23 يوليو أطاحت بذلك التراث لصالح أفكار إشتراكية سادت مصر- بل والعالم العربي كله- لفترة لم تطل طويلا قبل أن تتهاوى مع تراجع الاشتراكية في العالم كله بانهيار الاتحاد السوفيتي في بداية التسعينيات.

ولم يكن مصادفة أن شهدت التسعينيات في مصر عودة الدعوة للفكر الليبرالي مثلما جسدته جمعية النداء الجديد التي أسسها د.سعيد النجار. لقد كان ذلك بمثابة المقدمة الفكرية التي ترجمت في عدد من الأحزاب التي تبنت في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين الفكرة الليبرالية، وتمثلت أساسا قبل ثورة25 يناير- في حزب الغد وحزب الجبهة الديمقراطية، ثم لحق بهما بعد الثورة حزب المصريين الأحرار. 

إن إحدي السمات الأساسية لتلك الأحزاب الليبرالية الجديدة هو حرصها علي التواصل مع القوي و الأحزاب الليبرالية عربيا و دوليا، وتجسد ذلك بالذات في استضافة مصر- بدعوة من حزب الجبهة- المؤتمر رقم56 لليبرالية الدولية في القاهرة في أكتوبر2009 بحضور مايقرب من117 حزبا ومنظمة ليبرالية من كافة أنحاء العالم. وعلي نفس النهج استضاف حزب المصريين الأحرار برئاسة د. أحمد سعيد، يومي15 و16 ديسمبر الحالي مؤتمر الليبراليين العرب بحضور عدد من الشخصيات الليبرالية العالمية المرموقة.

وفي الواقع، فإن هذا التبلور الفكري و التنظيمي للأحزاب الليبرالية في مصر، إنما هو جزء من تبلور فكري وتنظيمي تمر به كافة القوى و التيارات السياسية، إنه بعبارة أخري جزء لا يتجزأ من عملية نضج و تطور العملية الديمقراطية، التي كانت في قلب أهداف ثورتي25 يناير و30 يونيو.

(عن الأهرام المصرية)