ملفات وتقارير

حزب الاستقلال المغربي: لن نتسامح مع الساعين لإفشالنا

عادل بن حمزة


- حزب الاستقلال بخير ولا يعرف توترات، لكن البعض لا يعترف بالديمقراطية إلا إذا انتصر



- المعارضة بإسقاطها مشروع مالية 2014 مارست حقوقها الدستورية واحترمت الرأي العام، وهذا الأمر يعزز الثقة في المؤسسات وفي الممارسة السياسية



- الحزب يسير بصورة عادية وفق برنامجه التنظيمي والسياسي وهو منفتح على الجميع



- سنفضح النزعة الشمولية للحكومة وسعيها للتغطية على فشلها في تدبير الملفات الاقتصادية والاجتماعية




على الرغم من كون حزب الاستقلال يعيش اليوم حالة توتر أفضت لمغادرة المئات من أعضائه والعشرات منهم من رموزه وقياداته، يؤكد عادل بن حمزة، الناطق الرسمي باسم الحزب، في حوار مع "عربي21" أن الأمور داخل "الاستقلال" تسير بشكل عادي، وأن قيادته ماضية في تطبيق البرنامج السياسي والتنظيمي للحزب، وأن كل ما هنالك لا يتجاوز "مرحلة تحول وانتقال من بنية حزبية مغلقة اشتغلت بنفس الآليات لمدة تقارب الثمانين إلى بنية أكثر انفتاحا وعصرنة".



وعن اختلال كفتي ميزان الحزب الذي يتخذ من الميزان رمزا، والذي أدى بالمعارضين للقيادة الحالية للحزب بقيادة الأمين العام حميد شباط الذي وصل لقيادة الحزب نهاية سنة 2012؛ إلى تأسيس إطار مدني للتعبير عن مواقفهم بعدما ضاق بهم حزب الاستقلال بما رحب، قال بن حمزة إن الذي يحكم عقلية أولئك هو "البنية العائلية والاعتقاد بنقاء وصفاء فصيلة دموية، وهذا يختصر حقيقة كون البعض تعني لديهم الديمقراطية فوزهم في انتخاباتها، ومتى كان العكس فإنهم ينكرون هذه الديمقراطية ولو أنهم شاركوا في كل مراحلها".



من أجل المزيد من تشخيص ما يعانيه حزب المرحوم علال الفاسي، قال المتحدث باسمه إننا "نعاني من خطاب متضخم حول الذات، وحول الحدود الفاصلة بين الشرعية التنظيمية والقانونية المبنية على استحقاقات ديمقراطية يعبر فيها المناضلون بحرية عن اختياراتهم، وبين شرعية تاريخية متوهمة، لأنها ببساطة تحاول شن حرب رمزية على المناضلات والمناضلين، من خلال تقمص أدوار شخصيات في تاريخ الحزب".



ووجه المتحدث باسم حزب الاستقلال الذي غادر التحالف الحكومي منذ شهر أيار/ مايو من 2013 وتحول للمعارضة؛ نقدا لاذعا لحكومة عبد الإله بن كيران، إذ اعتبرها حكومة بنزعة شمولية وأنهم لن يدخروا جهدا في "فضح هذه النزعة الحكومية التي تسعى للاصطدام أكثر مما تسعى للحوار، وهي تفعل ذلك للتغطية على فشلها في تدبير الملفات الاقتصادية والاجتماعية" حسب تعبير عادل بن حمزة.



وجدد بن حمزة، وهو أحد أبرز المحسوبين على تيار الأمين العام الجديد للحزب، إشادته بموقف المعارضة بمجلس النواب والذي أفضى في سابقة في تاريخ المؤسسة التشريعية بالمغرب إلى إسقاط مشروع قانون مالية 2014، وذلك قبل أن تتمكن الحكومة وأغلبيتها من إجازته مجددا بمجلس النواب الأسبوع الماضي، حيث تتوفر على الأغلبية.



- كيف يمكن أن تقدم للرأي العام العربي الوضعية الحالية التي يعيشها أحد أعرق وأكبر الأحزاب المغربية؟

 

إنه أيضا أحد أعرق الأحزاب في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط، لهذا فحزب الاستقلال يحظى بالاهتمام الكبير داخليا وخارجيا.



إننا باختصار نعيش مرحلة تحول وانتقال من بنية حزبية مغلقة اشتغلت بنفس الآليات لمدة تقارب الثمانين سنة. ويمكن القول بأن تأخر البنية الحزبية في مواكبة التحولات الهيكلية على المستوى الوطني، جعل من عملية التغيير والتحول التي حدثت في المؤتمر الأخير صعبة على البعض ممن تعود على الاشتغال بأسلوب نمطي ينتصر للديمقراطية شكلا ويهابها من ناحية المضمون، يطالب بالديمقراطية على مستوى الدولة، ويجتهد لنسفها على المستوى الحزبي الداخلي. إضافة إلى ذلك، نعاني من خطاب متضخم حول الذات، وحول الحدود الفاصلة بين الشرعية التنظيمية والقانونية المبنية على استحقاقات ديمقراطية يعبر فيها المناضلون بحرية عن اختياراتهم، وبين شرعية تاريخية متوهمة، لأنها ببساطة تحاول شن حرب رمزية على المناضلات والمناضلين، من خلال تقمص أدوار شخصيات في تاريخ الحزب تعتبر ملكا مشتركا لجميع الاستقلاليين وجميع المغاربة، والذي يحرك هذه العقلية هو البنية العائلية والاعتقاد بنقاء وصفاء فصيلة دموية، وهذا يختصر حقيقة كون البعض تعني لديهم الديمقراطية فوزهم في انتخاباتها، ومتى كان العكس فإنهم ينكرون هذه الديمقراطية ولو أنهم شاركوا في كل مراحلها.



لكن هذا الوضع لحسن الحظ يبقى محدودا في مجموعة محددة ليس لها تأثير على الحزب الذي يسير بصورة عادية وفق ما هو مسطر له في برنامجه التنظيمي والسياسي، وبالتالي يمكن أن أؤكد لكم أن حزب الاستقلال بخير وأنه يسير بصورة طبيعية.



- ما هو ردكم على الاتهامات التي توجهها جمعية "بلا هوادة" للقيادة الحالية للحزب من كونها قيادة استبدادية وإقصائية، بل انتقامية من المخالفين لها داخل الحزب، كما حمل ذلك البيان الأخير للجمعية المذكورة؟

 

في الواقع أنا أتساءل عن مدى صلاحية جمعية في أن توجه انتقادات لقيادة حزب سياسي منتخبة بصورة ديمقراطية؟ ما يتعلق بالحزب أمر داخلي يهم الحزب ولا حق لأحد من خارجه أن يوجه له انتقادات، ومن ينتمي إلى الحزب عليه أن يعبر عن مواقفه داخل مؤسسات الحزب، ومن يقوم بغير ذلك فإنه يضع نفسه خارج الحزب ومؤسساته. وهذا الأمر تنظمه القوانين الداخلية للحزب، وقيادة الحزب حريصة على تطبيق القوانين بما تقتضيه من صرامة وبدون أي استثناء، لأن الديمقراطية لا توضع على مزاج الأفراد والعائلات، هناك قواعد موحدة تسير على الجميع، ومن عاش طويلا يعتبر نفسه متفوق جينيا على الناس، سيصعب عليه بالتأكيد استيعاب الوضع الجديد، لكن هذا الأمر لا أهمية له، لأنه حلقي وهامشي.



- كيف تنظر إلى تحليلات بعض الأكاديميين من كون ما يعرفه حزب الاستقلال اليوم يعكس أزمة الديمقراطية الداخلية والتي يتجاوز تأثيرها حزب الميزان إلى تكريس العزوف السياسي عند المغاربة؟

 

أزمة الديمقراطية الداخلية، عند أي مستوى؟ لأن النظر إلى الموضوع يتم من زوايا مختلفة، وما يمكن أن أؤكده لكم، هو أننا نعيش فعلا أزمة الإيمان بالديمقراطية بغض النظر عن النتائج التي نحققها عبرها، زيادة إلى ذلك فإن من طعن في انتخابات المؤتمر الأخير لا يتجاوز ثلاثة أفراد، وقد حكمت المحكمة الابتدائية ببطلان كل ما قدموه من دفوعات، لهذا هناك واقع لا يرتفع مفاده وجود مجموعة أشخاص يعرفها الاستقلاليون جيدا ليس لها أي امتداد تنظيمي، ولا تنشط ضمن فروع الحزب، وقد تعودت على الاستفادة من مواقعها في القيادة أو قربها من القيادة، لهذا وجدت صعوبة في التأقلم مع الوضع الجديد، بل حتى عضويتها في المجلس الوطني غير مرتبطة بفروع الحزب وقواعده، بل فقط بما يمكن أن نسميه ريعا تنظيميا، حيث أن أغلب من يتباكون على الديمقراطية في المؤتمر الأخير، حصلوا على عضوية المجلس الوطني إما بطريقة غير مباشرة أو عبر الهيئات المركزية للحزب والتي كان جزء كبير منها صوريا وموجودا فقط لتقديم مثل هذه الخدمات.



لهذا يمكن القول بصفة عامة أن الأمر يتعلق بضعف الثقافة الديمقراطية لدى البعض، وعلى كل حال ففي فرنسا الدولة العريقة في الديمقراطية، عرف حزب التجمع من أجل حركة شعبية صراعا حول نتائج انتخابات رئاسة الحزب وصلت أيضا إلى المحاكم، لهذا لا يجب أن نعطي لبعض الأشياء أكثر من حجمها.



- ما هو الأفق والأبعاد التي ترى أن التوترات داخل حزب الاستقلال ستأخذها مستقبلا؟

 

يمكن أن أؤكد لكم بأن حزب الاستقلال لا يعرف توترات، وأنه يسير بصورة طبيعية وهو منفتح على الجميع وأن قيادة الحزب حريصة على تنفيذ برنامجها لتحديث وعصرنة الحزب بما يجعله جاهزا للتحديات المستقبلية التي ستواجهه وستواجه البلاد، كما أن القيادة حريصة على احتضان أبناء الحزب وليس هناك موقف مسبق من أي أحد من أبنائه، وترحب بجميع الآراء والمواقف المعبر عنها داخل مؤسسات الحزب مهما كان اختلافها مع تقديرات الحزب للمرحلة على قاعدة "النقاش حر، والقرار ملزم"، لكنها في المقابل لن تتسامح بصورة مطلقة مع من يسعى إلى إفشال الحزب انتقاما من فقدانه مواقعه القيادية ونفوذه داخله، وعلى هذا المستوى سنتخذ الإجراءات التي يسمح بها القانون – وهي كثيرة - وأننا لن نتخاذل في تحمل مسؤوليتنا في صيانة وتماسك الحزب وقيامه بأدواره الوطنية في مرحلة دقيقة من تاريخ بلادنا.



- أي قراءة لكم للمشهد السياسي بالمغرب اليوم بشكل عام؟

 

بصفة عامة نحن أمام مرحلة تحول سياسي بطيء يعود في بدايته لانهيار جدار برلين، حيث عرف المغرب حركية كبيرة منذ نهاية الثمانينات وإلى اليوم، ويمكن القول بأن بلادنا غلب عليها تردد كبير في تكريس الديمقراطية بصفة نهائية، هكذا ظلت بلادنا تجتر نفس المطالب والخطابات، علما بأن البعض لم يكن مقتنعا بضرورة هذا التحول، لهذا يمكن القول بأنه لم يكن هناك إجماع بين جميع الأطراف على ضرورة دخول بلادنا نادي الديمقراطية من بابها الواسع، لكن مع ذلك يمكن القول بأن بلادنا عرفت تراكما في العملية الديمقراطية وفي تمثل الثقافة الديمقراطية، صحيح أنه تم ببطء، لكن أفضل بكثير مما كان يجري في الجوار من اختناق وهو ما أدى إلى السقوط المتوالي لعدد من الأنظمة لكن بدون رؤية للمستقبل تمنع الوقوع في الفوضى أو الفراغ.



اليوم نواصل النزعة التجريبية بخصوص الديمقراطية، بل إن من يوجد اليوم في هرم المسؤولية الحكومية، يساهم في تمييع النفس التراكمي للعملية الديمقراطية، من خلال توهمه أنه يخوض حربا رابحة – بالمعنى الانتخابي – على القوى السياسية التي قادت تجربة النضال الديمقراطي التراكمي منذ بداية التسعينات، بل يتم توظيفه بدهاء كبير لكي يخوض هذه الحرب في مقابل إبداء الكثير من المرونة وتقديم الكثير من التنازلات فيما يخص محاربة الفساد والنهوض بالوضع الاجتماعي والاقتصادي، وبصفة رئيسية تعزيز التجربة الديمقراطية عبر تعزيز دور المؤسسات وخاصة المؤسسة التشريعية في مواجهة باقي المؤسسات المنصوص عليها في الدستور، وذلك لأن المرحلة هي مرحلة تأسيسية بسبب استكمال البناء الدستوري عبر القوانين التنظيمية، والأخطر هو عبر تكريس ممارسات وأعراف غير دستورية، لكن للأسف لحد الآن لا نلاحظ سوى إضعاف المؤسسة التشريعية وهو إضعاف للرقابة وكل إضعاف للرقابة هو إضعاف لتوازن السلط وتعاونها، وعندما يغيب هذا التوازن والتعاون، يكون من الصعب الحديث عن الديمقراطية، أيضا هناك إشكال كبير جدا عبر ربط التيار السياسي الذي يقود الحكومة، ما يعرفه المغرب منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 بما يجري في عدد من بلدان الجوار كمصر وتونس، وقد حذرنا أكثر من مرة من هذا الربط، لأننا نعتبر التحولات السياسية في المغرب هي امتداد لسنوات طويلة تعود إلى بداية التسعينات وإلى التفاعل الذي أبداه المغرب الحقوقي والسياسي والاجتماعي مع التحولات التي عرفها العالم بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وما عرفته أوروبا الشرقية من تحولات، وأن الحكومة الحالية هي نتيجة لهذا المسلسل الطويل. زيادة على ذلك فنحن نسعى الى تحصين بلانا مما يجري من تحولات غير مكتملة في الجوار، ولا يتوقع أن تعرف استقرارا في الوقت القريب، لهذا نريد أن ننأى ببلادنا عن أي ارتدادات سلبية، إضافة الى أننا نبهنا من الخلط بين المصالح الإستراتيجية لبلادنا والتزاماتنا الدولية بعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وبين الارتباطات الإيديولوجية والتنظيمية لحزب العدالة والتنمية الذي يقود أمينه العام الحكومة، على كل حال الجميع مقتنع بأننا نعيش مرحلة ينذر فيها رجال دولة متوازنين ومتزنين، وهذا الأمر هو أحد وجوه الوضع السياسي الحالي ببلادنا.

 

- ما هو تقييمكم المجمل لأداء الحكومة الحالية بعد قرابة السنتين من تنصيبها أمام البرلمان في صلة بما التزمت به أمام نواب الأمة في برنامجها الحكومي؟

 

الأرقام والتصنيفات الدولية تغنينا عن القيام بهكذا تقييم، فالمغرب تراجع على مستوى التصنيف الديمقراطي من الرتبة 95 سنة 2009 إلى الرتبة 97 هذه السنة، رغم وجود دستور 2011 الذي جاء باختصاصات واسعة لرئيس الحكومة. على مستوى الفساد تقدم المغرب 5 درجات على مستوى انتشار الفساد، وكل ذلك في ظل حكومة جعل الحزب الذي يقودها شعار محاربة الفساد شعارا انتخابيا وأصلا تجاريا، وقد توج سلسلة تراجعه عن محاربة الفساد بإصداره عفوا عن مهربي الأموال للخارج في نوع من التطبيع المجاني، بدون رؤية وبدون تقديرات واقعية، وعلى المستوى الاقتصادي العام فهناك تقلص وتيرة النمو الاقتصادي خلال 2012 مع تراجع نمو الاقتصاد الوطني إلى 2,7% عوض 5% في 2011، خروج الأنشطة غير الفلاحية عن مسارها التنموي الذي حافظت عليه بلادنا منذ 2001، تراجع ارتفاع استهلاك الأسر إلى 3,6%سنة 2012 عوض 7,4%سنة 2011، مع انخفاض الاستثمار الخاص: تراجع وتيرة نمو الاستثمار (إجمالي تكوين رأس المال الثابت) إلى 1,5% سنة 2012 عوض ارتفاع نسبته 2,5% سنة 2011، حيث انخفض معدل الاستثمار الى 34% سنة 2012 عوض 36% سنة من الناتج الداخلي الإجمالي 2011، إضافة إلى تراجع وتيرة ارتفاع إجمالي الدخل الوطني المتاح بالنصف (ارتفاع بنسبة 2,4% سنة 2012 عوض 4,8% سنة 2011)، وانخفاض إجمالي الادخار الوطني من 28% من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2011 إلى 25% سنة 2012، تقلص وتيرة النمو الاقتصادي خلال الفصول الأول والثاني والثالث من 2013، والتباطؤ الحاد للناتج الداخلي الإجمالي غير الفلاحي، خلال الفصل الثالث 2013 حيث يقدر انخفاض النمو من 4,7% إلى 2,4% (ركود قطاع البناء والأشغال العمومية، خلال الفصل الثالث 2013، ليتراجع بنسبة تقدر بـ1,9%)، وتقلص وتيرة ارتفاع نفقات الاستهلاك النهائي للأسر خلال الفصل الثالث من 2013 فقط بنسبة 3,9% عوض 4.2% خلال نفس الفترة من 2012، تباطؤ وتيرة الاستثمار، من 2,6% خلال الفصل الثالث 2012 إلى1,9% خلال خلال الفصل الثالث 2013 (ويرجع هذا التباطؤ بالأساس إلى تقلص الاستثمار في قطاع البناء)، مع توقعات بتباطؤ أداء الاقتصاد الوطني مع نهاية 2013 وخلال 2014، حيث من المتوقع أن يستقر معدل نمو الاقتصاد الوطني خلال 2013 في حدود 4,5%، على الرغم من أن السنة الفلاحية كانت جديدة، حيث ارتفعت القيمة المضافة الفلاحية بأزيد من 15%، فمن المتوقع ألا يتجاوز معدل النمو الاقتصادي لسنة 2014 (3%)، بالاعتماد على سنة فلاحية متوسطة، تراجع معدل الاستثمار الإجمالي إلى %33 من الناتج الداخلي الإجمالي عوض %35,3 سنة 2012، نتيجة انخفاض الاستثمار العمومي بـ15 مليار درهم، تدهور القدرات التمويلية للاقتصاد من خلال تراجع الادخار الداخلي، لينتقل من %21 من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2012 إلى %19,7 سنة 2013 إلى %18,4 سنة 2014، وهو أدنى مستوى عرفه منذ سنة 2000، إضافة إلى ذلك يسجل تراجع صافي الموجودات الخارجية سنة 2013 إلى 3,7 أشهر من الواردات من السلع والخدمات عوض 4 أشهر سنة 2012، على الرغم من الافتراضات الاستثنائية التي قامت بها الحكومة مؤخرا، والتي ترهن استقلالية القرار الاقتصادي المغربي لفائدة المؤسسات المالية الدولية، بل يمكن القول بأن المغرب دخل في مرحلة تقويم هيكلي غير معلن، وهو ما ستكون له انعكاسات اجتماعية وخيمة في المستقبل القريب.



- كيف تقرأ خطوة إسقاط المعارضة وأنتم أحد مكوناتها لمشروع قانون مالية 2014 بمجلس المستشارين وعن مستقبل العلاقة بين الحكومة والمعارضة التي تتزعمونها؟

 

هذه أول مرة في تاريخ المؤسسة التشريعية يتم التصويت ضد قانون المالية، وهذا الأمر كشف خللا كبيرا سواء على المستوى الدستوري أو على مستوى النظام الداخلي لمجلس النواب والقانون التنظيمي للمالية، وهو أمر يساهم في تثمين البناء المؤسساتي ويحصن دور الرقابة بالنسبة للسلطة التشريعية. المعارضة كانت منسجمة مع نفسها عندما صوتت ضد القانون المالي، لأن الوضع المخالف هو الذي يطرح علامات استفهام، إذ كيف يمكن لنفس الهيئة السياسية في المعارضة أن تصوت ضد القانون المالي في مجلس النواب، وتوجه له انتقادات واسعة منذ أشهر، وفي نفس الوقت تستطيع الحكومة تمريره في الغرفة الثانية حيث تملك ذات المعارضة الأغلبية المطلقة؟ لهذا فالمعارضة مارست حقوقها الدستورية واحترمت الرأي العام، وهذا الأمر يعزز الثقة في المؤسسات وفي الممارسة السياسية، حيث تتطابق الممارسة والفعل مع الخطاب. أما فيما يخص العلاقة بين المعارضة والحكومة فيمكن القول بأنها علاقة سيئة وليس هناك مؤشر يقدم عكس هذه الصورة، لأن السيد رئيس الحكومة ينتمي إلى بنية ثقافية ترفض الاختلاف، ورغم أنه غادر حديثا موقع المعارضة، فإنه غير مقتنع بأهميتها في البناء الديمقراطي، حيث ينعدم الحوار مع المعارضة في كل القضايا، إذ يغلب على الحكومة الطابع الانفرادي حتى بالنسبة للقضايا المرتبطة بتنزيل الدستور وخاصة القوانين التنظيمية التي كان من المفروض أن تكون نتيجة نقاش وطني، بل إن الحكومة تسعى إلى مصادرة حق البرلمان وليس فقط المعارضة في تقديم مقترحات قوانين تنظيمية رغم أن الدستور واضح على هذا المستوى، لكننا سنعمل على فضح هذه النزعة الشمولية للحكومة الحالية التي تسعى للاصطدام أكثر مما تسعى للحوار، وهي تفعل ذلك للتغطية على فشلها في تدبير الملفات الاقتصادية والاجتماعية، لكي تقتصر المواجهة على الجانب السياسي والإعلامي بما يتيح مجالا واسعا لرئيس الحكومة وحزبه لتنشيط "البولميك" وخطاب المظلومية، لكن هذا الأمر لن يسعف الحكومة ورئيسها طويلا أمام السخط الشعبي الواسع والانتكاسات المتوالية للشعارات والوعود التي أطلقت على عواهنها في المرحلة السابقة.

 

- طيب هل من حسنة أو نقطة إيجابية واحدة، يمكن في نظركم أن تحسب لحكومة عبد الإله ابن كيران؟



أنها كشفت ازدواجية الخطاب لدى الحزب الحاكم، وهذا يساعد على وضوح المشهد السياسي ببلادنا، ويوضح المسافة بين الخطاب والواقع، ويعيد تأسيس الشرعية على أساس الإنجاز وليس الشعارات التي تدغدغ مشاعر الناس للحصول على مكاسب انتخابية.