كتاب عربي 21

في الأردن نسمع قرع طبول الحرب

1300x600
في المملكة الوادعة المحبة للسلام، والتي رفعت يوما شعار "الأردن أولا" في وجه من يدفعها لمواجهة إسرائيل، يسمع البعض اليوم قرع طبول الحرب.

منذ تشكيل التحالف الدولي لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في الخامس من أيلول/ سبتمبر 2014، والأردن منخرط بقوة في ذلك التحالف، لكن حرب الأردن على التنظيم أخذت بعدا آخر بعد بث الأخير مقطع حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة في الثالث من شباط/ فبراير 2015  الذي وقع أسيرا بيد التنظيم في الرابع والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2014. 

الحرب ضد التنظيم باتت تخص الأردن أكثر فأكثر، ولم يعد التحالف الدولي يمثل دافعه الرئيس لخوضها، وأخذ يتبلور شيئا فشيئا أن الأردن معني بهزيمة التنظيم حتى لو بقي يقاتل وحده.

منذ تلك اللحظة الفارقة، حرق الطيار الكساسبة، والأردنيون يصحون بين فترة وأخرى على حدث أو تصريح أو رسالة دون أن يجدوا لها تفسيرا واضحا، ثم تتكفل وسائل إعلامية مقربة من السلطات بتوضيح المخفي.

رسالة الملك للجيش:

في الأول من حزيران الجاري بعث الملك عبد الله الثاني برسالة إلى رئيس هيئة الأركان المشتركة للقوات المسلحة الأردنية دعاه فيها "لإعادة النظر بمنهجية التجنيد ومسار الخدمة العسكرية للضباط، تعزيزا لقدرات القوات المسلحة والارتقاء بمستوى منتسبيها، واستقطاباً للكفاءات الأردنية الشابة، وتشجيعها على الانتساب إلى صفوف القوات المسلحة". 

تسليم الراية الهاشمية:

في التاسع من حزيران/ يونيو الجاري، وبدون مقدمات وفي حدث معد له مسبقا وبحرفية وتقنية عالية، تفاجأ الأردنيون بحفل مهيب سلم خلاله الملك عبد الله الثاني القوات المسلحة الراية الهاشمية، مكتوب عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله" إلى مجموعة من أفراد الجيش بعضهم يلبس الشماغ (غطاء الرأس للرجال) بالمقلوب.

الأردنيون لم يتفاجأوا بالحدث فقط، بل تفاجأوا بالراية والرموز التي حملها الحدث، خصوصا "الشماغ المقلوب".

تكفل رئيس هيئة الأركان بتوضيح رمزية "الشماغ المقلوب" بالقول: "هي رساله تم توجيهها إلى كل من تسول له نفسه بالعبث بأمن الوطن، أن النشامى من كافة الأجهزة الأمنية سيكونون لهم بالمرصاد، ولن يتم التهاون مع أي شخص وأن الأردن تحمل ما لم تتحمله البلدان الأخرى".

فيما تكفل القائد العسكري المتقاعد رئيس الوزراء السابق معروف البخيت بتقديم تفسير آخر، وهو أن الشماغ المقلوب يعني أن هناك من يطلب الثأر.

حماية العشائر السورية والعراقية:

أمس، في الخامس عشر من حزيران/ يونيو الجاري، زار الملك عشائر البادية الشمالية القريبة من الحدود السورية والعراقية، ونقلت وكالة الأنباء الرسمية عنه قوله "إن من الواجب علينا كدولة دعم العشائر في شرقي سوريا وغربي العراق".

هذه التصريحات تأخذنا لمرحلة جديدة، فلم يعد الأمر مقتصرا على حماية الحدود الأردنية، كما لم يعد الأمر هو المطالبة بحماية العشائر العراقية والسورية من تنظيم الدولة. ولم يعد الحديث عن الاستعداد لاستقبال الهاربين واللاجئين، بل الحديث أصبح صريحا عن دعم هذه العشائر، لا بل إن هذا الدعم واجب.

توسيع حدود المملكة:

بالتزامن مع تصريحات الملك تلك، كتب أحد الصحفيين المقربين من الديوان الملكي مقالا طالب فيه بصراحة بتوسيع حدود المملكة، وقال: "ما الذي يمنع أن يكون الأردن نواة لدولة عربية هاشمية جديدة ممتدة، خصوصا أن الحنين العراقي والسوري والفلسطيني للهاشميين على أشده، بعدما شاهدوه وعاشوه في دولهم تحت حكم أنظمة التصدي والرفض والغضب، وللهاشمية السياسية جذر في كل دول الجوار".

إن الدور الجديد للمملكة الذي يبشر به صاحبنا لن يكون طريقا مفروشا بالورود، بل إن رائحة البارود هي التي ستملأ المكان. صحيح أن المملكة لديها تنسيق عال جدا مع "إسرائيل" والولايات المتحدة، أكبر كيانين مؤثرين في المنطقة، وصحيح أن أحدا لا يستطيع تخيل أي دور للأردن دون التشاور أو التتنسيق أو الضوء الأخضر منهما، وهذا هو بالضبط مكمن الخطر، إذ إنه يمكن تسويغ خوض حرب مع تنظيم الدولة، فأكثر من 95 في المئة من الشعب الأردني يرونه تنظيما إرهابيا، لكن هذا لن يشفع في أن يقف الأردن مع "إسرائيل" التي تحتل الأراضي الفلسطينية وتسيطر على القدس والمسجد الأقصى.