مشاهد النزوح من سيناء وطوابير الرحيل ستكون نقطة فاصلة لما ستشهده بوابة مصر الشرقية خلال الفترة القادمة، إما أن تتحرر سيناء من الإرهاب الداعشى وتعود آمنة لحضن الوطن أو ننهزم فى المعركة الحقيقية ونفتح الباب لشرور بلا نهاية..
لا يمكنني أن أستخدم مصطلح (السلفية الجهادية) الفضفاض والذي ينسب نفسه لمفهوم الجهاد بما له من دلالات إيجابية في التراث الإسلامي والإنساني بشكل عام حول صورة المجاهد الذي يضحى بروحه من أجل فكرة أو مبدأ أو عقيدة أو وطن..
ينشط هذه الأيام ناشطون في مصر وإعلاميون خارجها معارضين للنظام في الترويج لانتخابات الرئاسة المزمع عقدها عام 2018 ويتحدثون عن ضرورة خوض هذه الانتخابات ويفرطون في اقتراحات بأسماء مرشحين يرون أنهم قد يكونون الورقة الرابحة للفوز بالانتخابات وتغيير السلطة الحالية عبر الصناديق !
ينتفش الباطل وتستطيل أذرعه وتنهش مخالبه ويتوحش فى صلف وغرور ، يظن زبانيته أن الكون قد انتهى إليهم وأنهم أول العالم وأخره، يختالون ويتضخمون متوهمين أن الصفحة السوداء التى يخطونها هى أخر الصفحات وأنهم ينفردون بصنع الأقدار وحياكة الواقع، لا ينظرون لمن سبقهم ولا يتعظون مما رأوه سلفا فى من يتبعون خطوهم و
ربما يكون بعضهم قد شمت بالفعل فى هذا الإعلامى المؤيد للنظام والمروج لسياساته وتمكينه منذ 3 يوليو 2013 بعد أن أوقف النظام برنامجه عقابا له على التجرؤ بانتقاد البرلمان المؤيد فى غالبيته العظمى للسلطة، تأخذ الشماتة فى مثل هذا الموقف سلسلة من المبررات التى ساقها كثير من الذين صُدموا فى الرجل بعد شهادته
تقول لافتة جانبية في حجرة خافتة الإضاءة في متحف كيجالي التذكاري للإبادة الجماعية في رواندا إن "الإعلام المحرض" لعب دورا كبيرا في التمهيد للمذابح التي راح ضحيتها 800 ألف شخص في أعمال قتل جماعي استمرت 100 يوم.
رغم الأفق القاتم فى مصر وتفشى الإحباط وتدهور الاحوال من سىء إلى أسوأ ،إلا أن واجب العقلاء فى كل التيارات هو التمسك بضرورة تحقيق الوئام الوطنى ولم شمل المصريين بمختلف اتجاهاتهم.
قال لى: لقد أيدت السلطة الحالية من البداية وكنت فخورا بتفويضها للقضاء على الإرهاب وشجعت كل ممارساتها وسياساتها اعتقادا منى أن هذا سيؤمن مستقبل استثماراتى ويضاعف ثروتى بعد عدة سنوات من الكساد، حتى المشروعات الكبرى التى أعلنت عنها السلطة.
لحظات التاريخ لا تستنسخ، لكن الجهود المبعثرة حرث في الماء، واجب النخبة المؤمنة بالديمقراطية أن توحد رؤاها ورؤيتها للصراع الحالي في مصر وأن تستفيد من الحماقات التي تورطت فيها على مدار خمس سنوات..
الجماعة التي كانت تصف نفسها بالجماعة الربانية صارت جماعة بائسة بين صراع على القيادة وثمن باهظ تدفعه نتيجة خيارات خاطئة واستعلاء أحمق وهوس بالسلطة والتمكين.
مشاعر الخوف في قلوب المصريين من المستقبل تتزايد، لا يجد الناس ما يطمئنهم فلا رؤية واضحة للمستقبل ولا روشتة اقتصادية محددة المعالم لا تفتك بالفقراء وتأخذ مصر الى هدنة قبل السقوط فى مربع الانهيار.
هنا أرض روتها الدماء فلن تنبت سوى الانتصار، هنا أرض يرقد في ثراها آلاف الشهداء الذين ستلفظ أرواحهم كل دخيل وسفيه سيطأ جنبات المدينة، من بين الأنقاض والركام سيعود الأبطال ليكملوا درب الشهادة والفخار..
لعل أهم ما قاله حجي هو السعي لبناء الرؤية والتصورات التي تقدم حلولا لإنقاذ مصر، وهذا جهد مطلوب بشدة يجب شكر من يتصدى للقيام به ومساعدته، أما الحديث عن مسار انتخابي ولو بعد حين فيحتاج لكثير من التمهل حتى لا نكرر أخطاء الماضي..
هذه دولة شاخت مؤسساتها ولم تعد لديها ما تقدمه للناس لذلك فلا بديل عن بدء إصلاح شامل وجذري في كل القطاعات والمؤسسات وهذا لن يتأتى قبل وجود إرادة سياسية جازمة تمضي في هذا الاتجاه ولا تقوم بالتطبيع مع الفشل والفساد، إذا وجدت يوما هذه الإرادة سيتغير الكثير...